*منتصف سبعينيات القرن الماضي شهد أول لقاء بين العملاقين المريخ والهلال خارج العاصمة القومية وكان مسرح اللقاء مدينة جوبا عاصمة إقليم الاستوائية قبل الانفصال. *كانت مناسبة المباراة افتتاح جامعة جوبا بحضور رئيس الجمهورية في تلك الفترة جعفر نميري. *كانت حسابات المباراة الفنية عصيبة على المريخ وسهلة للهلال. *سافر الأزرق إلى الاستوائية بكامل نجومه وعدته وعتادته وصرح قادته بان الانتصار على المريخ بنتيجة كبيرة مسألة وقت ليس إلا. *سافرت أحلام الهلال إلى ديار الابنوس قبل أن يحط الطائر الميمون الذي يحمل بعثتي الفريقين في مطار مدينة جوبا. *سافرت أحلام الأزرق إلى هناك ورسم خياله الكثير من سيناريوهات سحق الفرقة الحمراء. *ذهب المريخ إلى هناك بمجموعة جديدة من اللاعبين الشباب قليلي الخبرة في مباريات الديربي. *وداخل الطائرة التي حملت بعثة الفريقين تعالت الأصوات الهلالية وكأنها في رحلة ترفيهية .. كيف لا والانتصار في الجيب. *أما المريخاب فقد كان هناك هدوء تام ظن الهلالاب وبعض الظن إثم بأنه الخوف من الهزيمة النكراء التي تنتظرهم على إستاد عاصمة الابنوس جوبا ليتفاجأوا بانه الهدوء الذي يسبق العاصفة. *جاء اليوم الموعود ونزل الفريقان إلى أرض الملعب وكانت قلوب الجنوبيين موزعة بين اللونين الأحمر والأصفر. *لم تمضِ إلا دقائق معدودة فإذا بشباب الفرقة الحمراء يخطط الميدان طولاً وعرضاً ويكتفي عواجيز الهلال بالفرجة واللهث خلف المستحيل. *انحازت أصوات الأبنوسيين القوية إلى الأحمر الوهاج ومنحته وثيقة حب وولاء لم تغيره السنين ولم تجففه عوامل التعرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. *صار المريخ للجنوبيين سلطان الكرة عند الدينكا ورثها عند الشلك ورغم انفصال الأرض إلا أن الذكريات لا زالت ترتبط بوثاق العشق الصافي. *حسم المريخ اللقاء (الأبنوسي) بهدف قاتل للراحل المقيم سامي عزالدين في الدقيقة 44 من شوط اللعب الثاني. *سهرت جوبا حتى الصباح وسارت أفراح المريخ في شوارعها الخضراء وتمايلت أشجار المانجو فرحاً بانتصار شباب المريخ على عواجيز الهلال. *عقب اللقاء الخطير اعتزل عدد كبير من نجوم الهلال خاصة المدافعين أصحاب الأسماء الكبيرة فما تعرضوا له كان فوق طاقة الاحتمال. *ردد راديو أمدرمان الأغنية التي نالت شهرة كبيرة بعد ذلك (جوبا مالك علي .. جوبا وين .. جوبا شلتي عينيا). *عاد الفريقان في طائرة واحدة ونسي الهلالاب شعارهم في مطار جوبا وتحول إزعاجهم ضحكاً في رحلة الذهاب إلى بكاء وعويل في رحلة الإياب. *وعند الوصول الى مطار الخرطوم تشتت شمل البعثة الزرقاء وضاعوا وسط شلالات الفرح الأحمر وكان أول عهد المريخاب بالمطارات لتتواصل المسيرة بعد ذلك استقبالاً لسيكافا ودبي ومانديلا. إضافة أخيرة: برمج الاتحاد العام مباراة القمة على نهائي كأس السودان بمدينة الدمازين فطافت لحظتها ذكريات لقاء جوبا الشهير وما نقلته لنا رابطة أبناء المريخ من المدينة والاستعدادات الرهيبة لحسم الهلال تؤكد بأن الدمازين على خطى جوبا ..