بريد الكتروني: هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته الإقلاع عن التدخين يحتاج إلى إرادة، ليست من عينة إرادة صديقي في الوطن (حاتم غانم) صاحب الإرادة الهشة- بحسب تعبيره- في محاولاته المتكررة- الهشة أيضا- لقهر السيجارة! فشل. راح ينظر إلى واحدة، بين إصبعيه، ويقول: هذه المسكة، لا تعادلها أي مسكة في الدنيا.. لا تشبهها. هذه المسكة، فيها ما فيها من السحر، وفيها ما فيها من الدعة، وفيها ما فيها من الأسرار! راح يمشي بالسيجارة إلى فمه، وهي في تلك المسكة التي قال عنها ما قال، وإبهامه في اليد الأخرى يوشك أن يضغط، (يشعللها) دخانا، ونكهة، وطعما، وتدخينا إيجابيا، وسلبيا! لم يضغط.. ولم تشتعل، قلت له: إلى متى يا (أبو أحمد)، وأنت تظل هكذا في صحبة هذي التي في كل مرة مصيرها النار؟ ضحك يقول: إنها صحبة عُمر. أكثر من أربعين عاما ونحن معا.. أمسكها هكذا.. هذه المسكة الأنيقة.. ارتضعها، وأنا أرتضع النار.. لا هي مَلت صحبتي، ولا أنا مللتُ.. لا شبعت هي من نيراني، ولا أنا من نيرانها شبعتُ! الإدمان حالة عقلية، لها سطوة على الجهاز العصبي كله.. ولا خروج من هذه الحالة إلا بالدخول في عصيان للأوامر التي يأمر بها العقل! قلت لأبي أحمد: يا (أبو أحمد)، أول درس يمكن أن أقدمه لك، وأنت تحاول الإقلاع عن التدخين، أن تعصى– تماما- أوامر عقلك! كيف يا رجل.. أنت تريدني إذن بلا عقل.. تريدني مجنونا!.. كيف لي أن أعصي أوامر عقلي.. كيف؟ فهّمني! محاولة تفهيم رجل في عمر (أبو أحمد) ضَرْبٌ من المهمات الصعبة جدا طالما أن آباءنا عن أجدادنا، عن جد جد جدودنا، يقولون إن التعليم في الكبر مثل النقش في الحجر! ترى لماذا هم- آباؤنا وأجدادنا- يحاولون بمثل هذا القول، أن يثبِتوا أن كل محاولات تعليم الكبار، من الصعوبة بمكان، إن لم نقل إنها مستحيلة؟ لماذا هم يريدون أن يستصعبوا علينا الأشياء؟ لماذا هم يريدون أن يستصعبوا علينا مجرد المحاولة؟ رحتُ أنظر إلى (أبو أحمد). كان قد أشعلها، وراح يشبعُ نفسه بالنيكوتين القاتل.. يحرق السيجارة، وتحرقه حرقا.. لا هي تبالي، ولا هو بالحريق! هذا الرجل، الذي أمامي الآن، من ذوي الإرادات الهشة! هذا ما قلته لنفسي، وأنا كنت ما أزال أنظرُ إلى رجل في حالة تدخين.. وأقاوم.. أقاوم ما استطعت، أوامر عقلي: «يا زول شايف أبو أحمد مستمتع إزاي.. الزلمة دا راجل عاقل جدا.. إنه رجل يستجيب لأوامري.. مش زيك انت يا مجنون.. (أوكي) خليك مع كلام الأطباء.. هم يمنعونكَ مني، ومعظمهم يشعلونني، وأشعلهم»! أوشكتُ أن أستفز. أوشكت أن أشعلها، لولا أنني تذكرت أنني امرؤ ذو شكيمة.. وأنني من أصحاب الإرادات التي لا تشبه إرادة صديقي حاتم.. إرادته الهشة!