:: حدودنا مع إفريقيا الوسطى هي (الأجمل)، شكلاً ومضموناً..سهل رملي على طول حدود بلادنا هناك، والسهل الرملي هو الفاصل بين بلادنا وافريقيا الوسطى..وأم دافوق السودانية بكثافتها السكانية العالية والمستقرة هي التي تحمي الحدود هناك..وبالسهل الحدودي ميادين لكرة القدم وأخرى لسباق الدراجات ومراعي، وعصراً يلتقي شبابنا وشباب افريقيا الوسطى على تلك الميادين والمراعي، ليقضوا ساعات الرعي واللعب والسباق بأريحية ومحبة ثم يفترقون بحيث يعود شبابنا إلى دولتنا ويعود شبابهم إلى دولتهم، وحرس الحدود هنا وهناك (يتابع ويستمتع)..!! :: فالحدود الجغرافية هناك (وهمية)، والمواطن ينتمي إلى البلدين، والكل تجمعهم السراء والضراء والأسواق والمراعي..باختصار، مصالح المجتمع - بالسودان وإفريقيا الوسطى - هي التي تحفظ حدود البلدين من معكرات الصفو، ولذلك تصلح حدودنا مع افريقيا الوسطى أن تسمى بالحدود المثالية، وليت كل حدود الوطن مع كل دول الجوار كانت كتلك الحدود..وما لا يعلمه كل سكان وسط البلد هو أن سكان الحدود هم من يدفعون أثمان متاعب الحدود (موتاً ونزوحاً)..نعم، متاعب حدودنا مع تشاد وارتريا واثيوبيا في السنوات الفائتة هي التي أفقرت ديارنا الحدودية وأخلتها من سكانها وجردتها من الإنتاج، وتعمير تلك الديار بحيث تعيد بعض سيرتها الأولى بحاجة إلى كثير (مال وأمان)..!! :: وتحسن الحكومة عملاً هذه الأيام وهي تستبدل حدود المتاعب مع إثيوبيا وارتريا وتشاد ب(حدود المصالح) وعوامل (الوحدة الشعبية).. بفضل الله ثم بوعي الحكومتين، حلت على حدودنا مع إثيوبيا محطات الكهرباء وأعمدتها محل معسكرات الجيشين وأسلحتهما، ومضت طرق الأسفلت إلى حيث تلاقي الشعبين ومصالحهما التجارية، وهي التي كانت تمضي إلى حيث القتال واستنزاف مواردهما..ولذلك، فالحدث اليوم ليس محض خط كهربائي يربط السودان وإثيوبيا عند مدينة القضارف، ولا محض طرق تربط السودان بإرتريا، ولكن الحدث هو تحويل حدود الثلاث دول إلى (حدود مثالية)، تساهم في استقرار المجتمعات وإنتاجها وتجارتها وتصاهرها، وبهذا نطوي ملفات (الحرب والنزوح)..!! :: وبروح الإخاء هذه، على الحكومة السودانية أن تمضي شمالاً وجنوباً حتى تنعم بلادنا وجنوب السودان ومصر بحدود مثالية أيضاً..لقد اكتمل طريق الساحل بالبحر الأحمر، وكذلك طريق حلفاأسوان، ولكن لم تكتمل الإرادة السياسية هناك بحيث تلتقي مصالح الشعبين الشقيقين عبر الطريقين، وليس من الحكمة ألا تكتمل هذه الإرادة بعد رحيل نظام مبارك..(حلايب سودانية)، وإذا تجاوزت السياسة المصرية محطة العناد، فليس هناك ما يمنع أن تكون كل أرض السودان لأهل مصر وكذلك كل أرض مصر لأهل السودان، أو كما الحال الراهن مع إثيوبيا وإرتريا وإفريقيا الوسطى وتشاد..وبالمناسبة، فوائد اتفاقية الحريات الأربع لا تُقدر بثمن، ولكن من يقنع (ساسة مصر) ..؟؟ :: أما حال الحدود مع نصفنا الآخر (جنوب السودان)، فالوجدان الشعبي أقوى من كل عوامل العزلة (مناطق حدودية كانت أو متاعب أمنية).. ولذلك، على الحكومتين تجاوز محطة الملفات العالقة بالحكمة والوعي، ثم المضي قدماً بربط الدولتين بالطرق والسكك الحديدية ومحطات الكهرباء وغيرها من الروابط والمصالح وعوامل (الوحدة الشعبية).. وبالمناسبة، قلتها - وأكررها - حكومة الجنوب بقيادة الرئيس سلفا كير مؤهلة - أكثر من أمبيكي - للعب دور إيجابي لصالح السلام.. دعوها تلعب لصالح سلام البلدين ومن أجل (الوحدة الشعبية)، والحمد لله الذي شغل أعضاء منبر السلام بحدود أنفسهم وأموال صحيفتهم، إذ نهجهم كان (العازل الأكبر)..!!