هو لغز بسيط: "إذا انطلقت سيارة بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فهل ستظل مصابيحها الأمامية عاملة في الخدمة؟ إن كنت تتطلع لمعرفة الحل، فترقب الأيام القليلة الأولى من العام الجديد 2012 عندما تبث هيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي)، المقابلة التي أجرتها مع عالم الكونيات الشهير ستيفن هوكينغ بمناسبة ذكرى ميلاده السبعين وحلول العام الميلادي الجديد. وكان عالم الكونيات هوكينغ قد أصيب في عام 1963 بمرض عصبي مميت لا دواء له جعله غير قادر على الحركة وتنبأ له الأطباء حينها بأنه سوف لن يعيش سوى بضعة أشهر فقط، ولكنه عاش ليبلغ السبعين من العمر في الثامن من يناير 2012، بعد أن تزوج وخلف ثلاثة أبناء، وله ثلاثة أحفاد، وقاد حياة مهنية متميزة، ويعد كتابه "موجز تأريخ الزمن" الكتاب العلمي الأكثر مبيعاً. وكانت البي بي سي قد دعت مستمعيها للتقدم بتساؤلاتهم التي يودون طرحها على هوكنغ بمناسبة ذكرى ميلاده وحلول العام 2012. وكان من بين أبرز الأسئلة التي تلقتها الإذاعة العجوز من مستمعيها وطرحتها على هوكينغ: من أين جاءت مادة الكون التي يقول العلماء أنها كانت مكبوسة" في نقطة بحجم رأس الدبوس ذات كثافة لا نهائية الكبر والسخونة، ثم انفجرت انفجاراً عظيماً Big Bang قبل حوالي 14 مليار سنة، ونتج عنها الكون وكل المادة التي تكونه؟ وسؤال آخر يقول: حسبما تفترض نظرية "الانفجار الأعظم" فإن الكون ظل في حالة تمدد وتوسع مستمر نحو الخارج منذ ميلاده في لحظة الانفجار العظيم، ففي أي شئ يتمدد ويتوسع؟ وفيما يبقى مستمعو البي بي سي في حالة شوق وتشوق وترقب لإجابات الأسطورة هوكينغ في الأيام القليلة الأولى من العام 2012، يبقى آخرون في حالة ترقب وخوف وتوجس من نبوءة نهاية العالم في 21 ديسمبر 2012 التي قال بها شعب "المايا"، الذي هو شعب من شعوب هنود أمريكا الحمر، عرفت عنه براعة التنبؤ بالكوارث والأحداث الفلكية والفيضانات وهبوب الأعاصير ومواسم القحط والجفاف بدقة خارقة متناهية. فهو شعب قد توصل في القرن الثالث الميلادي إلى تقدير صحيح لطول السنة، بنسبة خطأ لم يتعد الثانيتين. وتمكن من استخراج المحيط الصحيح للأرض. وقد فسر العلماء التجريبيون تمتع البعض من الناس (كشعب المايا) بدرجة استبصار أعلى للأشياء ومقدرة أعظم على التنبؤ بالأحداث والإتيان بأعمال خارقة للعادة، بتفسيرات خارقة للمألوف والعادة أيضاً. فقد قالوا مثلاً أن عالمنا الذي نعيش فيه هو جزء من عالم أكبر يسمى الهايبرسبيسHyperspace ، يتكون من أحد عشر بعداً (تتمثل في الأبعاد الأربعة المحسوسة المعروفة لدينا وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن بالإضافة إلى سبعة أبعاد أخرى غير محسوسة منطوية على نفسها). ويقول العلماء أن هذا العالم الأكبر قد أخذ في إرسال إشارات توحي بأن عالماً آخر موازيا لعالمنا قد بدأ في التداخل مع عالمنا، محدثاً فيه تأثيرات غريبة كتلك التي تتعلق باستشعار حدوث الأشياء قبل وقوعها (كنبوءة نهاية العالم في 21/12/2012، وكل ما يندرج تحت ما نطلق عليه عادة ظاهرة الحاسة السادسة). وفكرة العوالم المتعددة المتوازية والعوالم ذات الأبعاد فوق الرباعية قال بها بعض الفلاسفة من قبل كالفيلسوف "جيوردانو برونو" الذي أحرق في شوارع روما عام 1600م لرفضه إنكار الاعتقاد بوجود أعداد لانهائية من الأجرام والكواكب في السماء، تأوي أعداداً لانهائية من الكائنات التي تمجد الله وتبجله، والذي قال بالنص: (ليس في شمس واحدة بل في شموس لا حصر لها؛ وليس في أرض يتيمة واحدة أو عالم واحد بل في ألف ألف، بل أقول في عوالم لا نهائية). كما أن فكرة العوالم المتعددة المتوازية والعوالم ذات الأبعاد فوق الرباعية قد رمز إليها الكاتب الإنجليزي اتش جي ويلز في رائعته "الرجل الخفي" the invisible man التي تحكي قصة رجل عثر بالصدفة أثناء دراسته الجامعية على معادلة رياضية تشتمل على أربعة أبعاد مكنته من تغيير خواص جسده العاكسة والكاسرة لأشعة الضوء الساقطة عليه، فأصبح خفياً وتمكن باستغلال ذلك الكشف من تنفيذ مآربه الشخصية دون أن يرى. وفحوى القصة أن كل من يمكنه الاتصال بالبعد الخامس يمكنه أن يصير خفياً وأن يتمتع بنوع من القوى كتلك التي نعزوها عادة للأشباح والجن والملائكة وأولياء الله الصالحين. كما أن فكرة العوالم ذات الأبعاد الخماسية (عوالم تفوق عالمنا ببعد إضافي خامس) قد ألهمت الرسام العالمي بيكاسو إلى ابتكار فن التكعيب في الرسم في حوالي بداية القرن العشرين والذي جسده في لوحة رسم فيها عيون نساء تنظر مباشرة للناظر إليها ورسم أنوفهن تتجه إلى الجنب مما يتيح للناظر رؤية تلكم النسوة بكلياتهن، مثلما ينظر إلينا من علٍ كائن يعيش في عالم خماسي الأبعاد، فإنه سوف يرانا بكلياتنا، من الأمام والخلف والجنبين في ذات الوقت. وفي كتابه "عوالم متوازية" قدم عالم الفيزياء الياباني ميشيو كاكو شرحاً مبسطاً لفكرة العوالم المتعددة المتوازية، وقال فيه: تصور أن كائنات خرافية تعيش في عالم ذي بعدين فقط (طول وعرض) كسطح منضدة مثلاً. فهذه الكائنات تعيش وهي غير مدركة بوجود بعدٍ مكاني ثالث، أي الارتفاع. ولكن إذا ما استطاع أحد أفراد ذلك العالم المسطح من إجراء تجربة مكنته من التحليق بضع بوصات فوق سطح المنضدة، يكون بذلك قد قفز في البعد الثالث (الارتفاع) فيتلاشى عن العالم المسطح ويصبح خفياً لأن الضوء سيمر من تحته فيكون غير مرئي، ويصبح كأنه غير موجود. وبتحليقه فوق العالم المسطح يمكن لذلك الشخص مشاهدة كل الرزائل التي يمارسها سكان ذلك العالم المسطح دون أن يروه. ولكن إذا ما قفز ذلك الشخص راجعاً إلى سطح المنضدة مرة أخرى، فإنه سوف يتجسد من حيث لا حيث. وبذلك يصبح ذلك الشخص (خارقاً) بمعايير العالم المسطح، إذ يمكنه مثلاً الهرب من أي سجن يوضع فيه، لأن السجن في العالم المسطح يكون عبارة عن دائرة أو مربع يرسم حول السجين، وبقفزة في البعد الثالث (الارتفاع) يكون قد قفز خارج سجنه. فما أراد ويلز قوله من خلال قصة الرجل الخفي هو أنه في عالم خماسي الأبعاد، نصبح نحن سكان هذا العالم رباعي الأبعاد، سكان عالم مسطح، غافلين عن حقيقة وجود عوالم أخرى موازية لعالمنا. وبين ترقب البعض وشوقه وتشوقه لإجابات هوكينغ في بداية العام الجديد، وترقب البعض الآخر في خوف وتوجس تحقق نبوءة نهاية العالم بنهاية العام الجديد، نظل نحن في الغابات في حالة ترقب وتطلع للعام الجديد الذي يمثل بداية المرحلة الثانية للنهضة الزراعية (2012 - 2014) بأمل أن تفي وزارة المالية بالالتزامات المالية المقررة للغابات في المرحلة الثانية من النهضة بعد أن أخفقت الوزارة في الوفاء بتلك الالتزامات في المرحلة الأولى (2008 - 2011)، ولم توفر للغابات سوى 7ر4 مليون جنيه فقط، مثلت 2ر1% فقط من جملة احتياجات الغابات لتلك المرحلة. ولا تتعللن وزارة المالية هذه المرة بنهاية العالم في 21/12/2012 ، فذاك حديث مردود، فقيام الساعة من مفاتيح الغيب الخمسة التي لا يعلمها إلا الله، وحتى إن صدق المنجمون (وهم كَذَبوا كما كذب الأطباء الذين تنبأوا لهوكينغ بالموت عام 1963) وقامت الساعة في 21/12/2012 فالحديث الشريف واضح وصريح في هذا الشأن: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها، فليغرسها)، فما بين بداية العام 2012 وقيام الساعة في 21/12/2012 متسع من الوقت، وفي وسع وزارة المالية أن تغرس الكثير من الفسائل في عام 2012 (الذي أعلنه الرئيس في خطابه بمناسبة الاستقلال عاماً للزراعة) قبل أن تقوم قيامتها. د. عبدالعظيم ميرغني