بعد مرور 7 سنوات المحقق في جريمة اغتيال الشهيد محمد طه يكشف الجديد المثير أكثر من ثلاثة أشهر مضت على مرور سبع سنوات على اغتيال رئيس تحرير الوفاق، الشهيد محمد طه محمد أحمد، في أبشع جريمة قتل لرجل عام تمت في التاريخ المعاصر للدولة السودانية. كثير من المعلومات ذكرت أثناء المحاكمات وبعدها، وأكثر منها ظل قيد المجهول. ورغم إغلاق الملف القانوني للقضية بإعدام المدانين وتراجع الاهتمام بها إعلامياً؛ إلا أن السؤال يقفز كل ما أثيرت القضية، عن المخططين والممولين والمحرضين. اللواء عوض عمر، يعتبر من أميز ضباط المباحث في التحقيقات الجنائية. الرجل له معرفة وخبرة وموهبة أعانته مع آخرين في كشف طلاسم تلك القضية الغامضة، والتي اعتبرت من أهم قضايا الرأي عام في الألفية الثالثة. بعد خروج سعادة اللواء عوض عمر من الخدمة في كشوف المعاشيين -رغم صغر سنه وتميزه- تكرم علينا بعد إلحاح وملاحقة دائمة بتفاصيل مثيرة وبعضها (جديد لنج) عن تلك القضية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس. أعزائي القراء كونوا معنا اليوم والأيام القادمة في متابعة تفاصيل هذه المقابلة الاستثنائية التي تروي تفاصيل أبشع جريمة هزت وجدان الشعب السوداني. إعداد: السوداني (...) هذا ما قاد الشرطة لفك طلاسم الجريمة خمس رحلات إلى الأردن لفحص العينات مقاومة وشجاعة الشهيد داخل العربة أقلقت الخاطفين أنت يا سعادتك كيف تم اختيارك للتحقيق في هذه الجريمة الخطيرة التي استهدفت واحداً من أهم الرموز الإعلامية في البلاد؟ قبل أن استلم البلاغ وصلت معلومات أن الشهيد محمد طه اختفى في الساعه الحادية عشرة من بيته في ظروف غامضة، وقد قامت أسرته بفتح بلاغ في قسم شرطة كوبر وعممت نشره في نفس الوقت بذلك. بالنسبة لنا كانت المسألة عادية في البداية لأن الرجل تعرض لحوادث اعتقال أو حبس متكررة أحياناً من قبل جهاز الأمن، ووقتها كنت مدير مباحث الخرطومجنوب وقد هيأنا أنفسنا للتعامل مع الحدث، وفى صبيحة اليوم الثاني لفقده ورد خبر في شريط لقناة الجزيرة يفيد "أن الصحفي محمد طه محمد أحمد رئيس تحرير جريدة الوفاق السودانية اختطف في ظروف غامضة". تزامن ذلك وللصدفة مع وجود زميل لي في الدفعة بالمكتب وتناولنا وجبة الفطور مع بعض، وقلت له أنا قلق من غياب محمد طه إلى الآن وعلى الأقل لو معتقل عند الجهاز يجب أن تعرف أسرته. وفى العاشرة من ذات الصباح اتصل عليّ نقيب تابع لدائرتي وقال إن هناك شخصاً مذبوحاً في الفسحة جنوب حي القادسية وشمال شرق الاحتياطي المركزي جنوبالخرطوم وذات النقيب تحرك إلى موقع الحادث، فقلت للشخص الموجود معي إذا المقتول دا محمد طه سيكون هذا حدث ضخم جداً والله (يكضب) الشينة. فاتصل بي النقيب وأخبرني بالحادث وطريقته وفيما بعد اتضح أن البلاغ وصل شرطة جبل أولياء. إلى أي مدى كنت متيقن بعد الإبلاغ أن المقتول هو الأستاذ/ محمد طه؟ لدى شك لم يصل درجة اليقين وأن المسألة ليست طبيعية لأنو محمد طه له صراعات مع أطراف عديدة وهو شخص مستهدف. واصل حديثه: وصلت شرطة جبل أولياء إلى مكان الحادث ولكن لسوء الحظ لم تستطع التعرف على الشخص المقتول. والتيم كان بقيادة عقيد من شرطة جبل أولياء لم يستطع التعرف علي الشخص المقتول، وأنا تأنيت للحصول على المعلومات الأولية ومن ثم التحرك وقد اضطررت إلى إرسال مساعد (صول) يدعى مجدي إلى المنطقة التي بها الحادث للتعرف على الشخص، ومجدي كان على معرفة بمحمد طه سرعان ما أكد لي أن المقتول هو الشهيد/ محمد طه، وقتها قمت بالاتصال على الفريق محمد نجيب واللواء عابدين الطاهر وأخبرتهما بما حدث. هل كنت تعرف محمد طه معرفة شخصية؟ لا شخصياً لم أكن أعرفه ولم أجلس معه لكن بعرفو كصحفي وشخصية عامة، فتحركت إلى مسرح الجريمة، والاتصالات جارية بيني ومحمد نجيب وعابدين الطاهر، وقتها قلت لشخص موجود معي إن هذه العملية سيكلفوني بها رغم أنني لم أكن محققاً وقتها (تخيل جاني الإحساس دا ) فرد لي : ربنا يستر وهو ذهب معي إلى مكان الحادث. ناس عابدين الطاهر طلبوا مني الانتظار للوصول إلى بيت محمد طه والتأكد من الملابس التي كان يرتديها المرحوم، وفيما بعد وقفنا على الجثمان من الساعة العاشرة إلى الخامسة مساءً. يواصل اللواء عوض عمر حديثه قائلاً: (اشتغلت في قسم التحقيقات الجنائية لأحد عشر عاماً وهذا نادرجداً أن يحدث ويجلس ضابط شرطة في قسم مرة واحدة متواصلة هذه المدة، لم يحدث ذلك لا قبلي ولا بعدي حتى الآن، ومن هنا جاءني إحساس من البداية بأن هذه القضية خطيرة وكبيرة. وتوقعت أن أكلف بالتحقيق فيها، وبعد أن اكتملت كل المعاينات وأخذت العينات والبصمات أخذنا جثمان الشهيد محمد طه إلى مشرحة الخرطوم، وأنا في طريقي إلى المشرحة اتصل بي اللواء عابدين الطاهر وقال لي إن مدير عام قوات الشرطة اتصل به من الجو وهو في طريقه من الدامر وأخبره أن يبلغني بالتكليف للقيام بعملية التحقيق في الحادث، طبعاً هذه رؤية القيادة وأنا لم أتساءل عن لماذا الاختيار، وأثناء السير في الطريق إلى المشرحة طلبوا مني أن أرجع البيت وأرتدي الزي الرسمي لأني كنت مرتدي زياً مدنياً، لوجود قنوات فضائية ووكالات أنباء وصحف لأخبرها بالمعلومات، وقد عدتُ للمرة الثانية إلى المشرحه وحضرت عملية التشريح ). وأنت تقف على جثة الشهيد في أول يوم لاكتشاف الجريمة ،ماهو أول شيء لفت انتباهك؟ كل التفاصيل كانت مثيرة للانتباه، فكرنا في دلالة وضع الجثة ومن ثم بدأنا نفكر في كيفية الاستفادة من مسرح الجريمة(الجثمان) لفك طلاسمها. أهم ما لفت انتباهي أن كمية الدم الموجودة في مكان الحدث قليلة جداً مقارنة بكمية الدم التي ينزفها جسم الإنسان العادي، فإذا كان جسم الإنسان ينزف 36 لتراً في الأوضاع الطبيعية بحسب المختصين فإن الدم الموجود تحت رقبة الشهيد محمد طه أقل من 4 لترات فقط! وهذا مؤشر لشيء غير طبيعي، ومن ثم اقترحت مسميات لمسرح الجريمة وقسمتها إلى أربعة ، وفى النهاية اسمينا المسرح الذي وجد فيه الجثمان باسم (مسرح الجريمة أربعة) لأن الأول هو مسرح الجريمة مكان الاختطاف في بيته، والثاني مسرح الجريمة مكان محاكمته في بيت جمال، والثالث مكان الذبح في سوبا، والرابع المكان الذي وجد فيه الجثمان، وضعنا تلك التقسيمات لتسهيل التحريات، وقد أشرت إلى الفريق عابدين الطاهر وقتها وقلت له إن كمية الدم الموجوده دي بسيطة جداً إلا أن عابدين كان مشغولاً بشيءٍ آخر ومندهشاً لعدم وجود آثار أقدام في مكان الجثمان، وبدأنا نفكر في الخريف لأن الأمطار هطلت قبل أربعة أيام في وقوع الحادث، فعابدين كان مشغولاً بالأثر وأنا كنت مشغولاً بالدم وهكذا بدأنا نحلل في الجريمة . نواصل.