السُّودان أمام مجلس الأمن: إيران لا تلعب أي دورٍ في الحرب ويجب ردع الإمارات.. ومؤتمر باريس كان يهدف إلى عزل السُّودان!!    إطلاق البوابة الإلكترونيةبسفارة السودان بالقاهرة وتدشين الهوية الرقمية الجديدة    بلينكن عن التدقيق في مزاعم انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان: سترون النتائج قريبا    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء عابدين الطاهر : الخليفي رمانا بالكفر و توعدنا بالقتل..قدمت حادثة (عم عبده) كانموذج ل(اف بي اي). .. تصرف شماسي اثناء حريق بالدويم علمني قيمة المعاملة الانسانية.
نشر في الراكوبة يوم 12 - 05 - 2013

#امنيتي دراسة الطب ودخولي لكلية الشرطة ليست (صدفة).
#طلبت من المباحث اقتياد قاتل المعلمة فائزة الى مكان الحادث
واعادته دون سؤال.
# الانقاذ قطعت الطريق امام انضمامي لجهاز الامن العام .
#اتهامنا بالقسوة ضد مسؤولي سجن "كوبر" لمداراة عجز المباحث غير صحيح.
اكثر ما شد انتباهي في هذه المقابلة نبرة الصدق التي اكتست بها حناياها الحقيقة ,فالرجل يخبرك ببساطة ان اخفاقه في دخول الجامعة يتحمله وحده وان غربته من وطنه كانت من اجل ابنائه ثم لايفتأ يذكر بعطف شديد حادثة الشماسي الذي امتدت يده اليه بكوب من الماء البارد في نهار تلظت فيه نيران الحريق و في هذا المقابلة الاستثنائية تحدثنا عما اختبأ في الجزء المنعش من الذاكرة عن رحلة حياته من محطة المدرسة وحي شمبات ومن ثم مداورة الحديث عن الجنايات وقضية العصر والتطرف والاف بي اي وغيرها، لا اود ان اقول انني استمتعت بالمقابلة التي كانت اشبه بالمؤانسة لكني آمل ان تنال اعجابكم انتم ايضا والا فالعتبى لكم حتى الرضى.
اجراه : خالد فتحي
ولدت في شمبات درست الاولية في مدرسة شمبات الشرقية ونحن كنا ملتحقين بهذه المدرسة لكنا كنا محسوبين على مدرسة الصافية التي شيدها حاج الصافي بمنطقة تتبع لشمبات تدعى "صرص" حيث انتقلنا اليها بعد دراسة السنة الاولى في مدرسة شمبات الشرقية وهناك واصلت دراستي حتى امتحنت الى المرحلة الوسطى حيث انتقلت الى مدرسة بحري الاهلية الجديدة التي كانت تسمى "الصالحين" وفيها درست خمس سنوات بعد ان صادفت تغييرالسلم التعليمي في المرحلة الوسطى وبعدها انتقلت الى مدرسة بحري الثانوية العليا.
*تذكرالذين عاصرتهم في تلك الفترة؟
= لدي ذكريات طويلة وحبيبة الى النفس ومحفورة في الذاكرة لأن النفس كانت على سجيتها وفي المدرسة الاولية اذكر منهم الدكتور عبدالله يس الآن مقيم بالمملكة المتحدة وقد تشرف بأن قلدته الملكة اليزابيث الثانية وسام الخدمة الاجتماعية وايضا القاضي عثمان ابراهيم محمد احمد والضابط الاداري بشرى عبدالوهاب وفي المدرسة الوسطى فقد جمعتني صلات قوية التي ترسخت بشكل لافت باعتبارنا قضينا خمسة اعوام كاملة بين جدرانها واذكر منهم المهندس حمدي كامل امين ومحمد حامد المأمون وعثمان حسن احمد البشير واختصاصي الجراحة مجدي حسن عشرية والمهندس عادل محمد عباس مقيم باستراليا واما في الثانوية والتي تعتبر مرحلة النضج وفيها بدأنا المشاركة في الانشطة الطلابية واذكر منهم المهندس عماد الدين حسين مدير شركة سوداتل والمهندس محمد الحسن مدير التصنيع الحربي والدكتور عمر النقر وعثمان الزاكي وعبد العزيز احمد سليمان من الجبهة الاخرى (الجبهة الديمقراطية).
*هل انتسبت الى (الكديت)؟
= نعم لكني لم استمر فيه طويلا بعد ان شعرت انه لايتوافق مع ميولي وهواياتي. وايضا كان يتعارض مع التحصيل الدراسي والمذاكرة لأنه كان يتطلب الحضور مبكرا، لذا غادرته سريعا.
*وانت تتحدث عن هوياتك ماذا كانت؟
= بأمانة كان يستهويني المسرح او الفنون عموما، وكنت عاشقا للرسم وكنت احرص اشد الحرص على حصة الفنون ومن هذا المقام احي استاذ (رستم) الذي غرس فينا وشجع على الرسم .
*هذا يقودنا الى سؤال لماذا يممت وجهك اذن شطر كلية الشرطة؟
= حقيقة لا ارغب ان اقول لك انني دخلت الى كلية الشرطة (صدفة) لأنني كنت اعتقد ان الانتساب الى كلية الشرطة هو الطريق الاقصر للدخول الى الحياة باعتبارها كانت عامين يتم فيها تجهيز الشخص للولوج للحياة العملية وخاصة وان ظروفي كانت خاصة واستثنائية لأني كنت اصغر اخوتي ووالدي طاعنين في السن، لذا كنت حريصا على ان يشهدوا ابنهم الاصغر في سلك العمل لاسيما وانني اخفقت في الدخول لجامعة الخرطوم وكان مستواي الاكاديمي يؤهلني لها لكن حدثت ظروف.
*ماهي؟
= انا أهملت بعض الشيء في السنة النهائية واعترف بذلك بالرغم انني حسبما اعتقد كنت من المتميزين وتحضرني هنا طرفة حيث كنت احرز المركز الثاني دائما وعندما سألني اهلي لماذا لا أحرز المركز الاول فأجبتهم قائلا : "انا مابجي الاول الا عبدالله يس ينقلوا اويموت".
* لوقدر لك دخول الجامعة ماذا كنت ستدرس؟
= بصراحة كنت اتمنى دراسة الطب. وحقيقة عدم دخولي جامعة الخرطوم كان مصدر دهشة الجميع لكني كنت اعلم السبب بأنني اهملت، واصريت الانتساب الى كلية الشرطة وليست الكلية الحربية التي لم تراودني الرغبة على الاطلاق في الانتساب اليها وكنت اعتقد ان مقدراتي تؤهلني لاصبح ضابط شرطة لأنها تتعلق بالبحث والتحري والتمحيص، وايضا مجال مفتوح للابداع.
*ماهي اول ادارة عملت بها بالشرطة؟
= شرطة ولاية الخرطوم بقسم كوبر.
* وماهي اول جريمة حققت فيها؟
= جريمة وفاة في ظروف غامضة وتتلخص في عامل سقط داخل مستودع للصودا الكاوية بمصنع بالمنطقة الصناعية بالخرطوم بحري.
*ماذا تذكرمنها ؟
= لازلت اذكر صرخاته حتى الآن وانا داخل سيارة النجدة حيث جرى انتشاله حيا من المادة الحارقة وحملناه في نقالة لإسعافه لمستشفى الخرطوم وعندما وصلنا منتصف الجسر (سكت) وعندها ادركت ان هذا الشخص مات.
* ماذا كان شعورك وقتها؟
= كنت في غاية الانزعاج وشعرت بالاحباط .
* هل اثرت فيك الحادثة ؟
= بصراحة انا تعلمت منها ان وصول الشرطة الى مكان الحادث بأسرع مايمكن هو الذي يحقق النجاح المطلوب وينقذ ما يمكن انقاذه سواء في اسعاف المصابين او امكانية التوصل الى الجناة وهذا هو المبدأ الذي ظللت أعمل به إلى يومنا هذا.
* حدثنا عن القضايا الشهيرة التي حققت فيها التي لاتزال محفورة بذاكرتك ؟
= البلاغات كثيرة لكن هنالك بلاغات لاتمحى من الذاكرة مهما انقضت السنوات والقضية التي شعرت انها كانت بداية انطلاق بالنسبة لي كانت قضية مقتل رجل الاعمال في 1984م
* ولماذا هذه القضية بالذات ؟
= نحن في المباحث المركزية كنا نعمل ك(اتيام) وعندما ذهبنا الى سنار حيث وقعت الجريمة للتحقيق كنت ضابطا برتبة الرائد و كنت عضوا بفريق التحقيق الجنائي وعندما عدنا ثانية عهد الي رئاسة الفريق حيث تمكنا من فك طلاسم الجريمة والاهتداء الى الجناة .
*هل كانت قضية رأي عام؟
= نعم لأن المجني كان رجل اعمال شهير وقتل في ظروف غامضة والجناة كانوا مجهولين.
*هل يمكن ان نقول انها كانت اول قضية رأي عام تحقق فيها؟
= تقريبا.
*هل اكسبتك التجربة في التعامل مع هذا النوع من القضايا لاحقا؟
= بالتأكيد لأني بدأت في التحقيق فيها كعضو في فريق التحري قبل ان توكل الي قيادته فيما بعد وتمكنا من الوصول للجناة.
* وهل هنالك قضية اخرى؟
= قضية احتيال واسعة النطاق تتلخص في استخراج تراخيص تجارية من وزارة التجارة باستخدام معلومات غير صحيحة.
* هل تذكر متى كانت ؟
= في 1986م على ما اذكر .
*ولماذا ظلت عالقة بذهنك ؟
= لأنها كانت متشعبة والمتهمون كانوا من كبار التجار ووقعوا ضحية لهذا المحتال الذي اوهمهم ان الرخص صحيحة واشتروها منه وتعاملوا بها بل استوردوا بها بضائع ضخمة من خارج السودان.
*هل هنالك قضية اجبرتك على البكاء تعاطفا مع الجاني او الجناة باعتبارهم كانوا ضحايا في المقام الاول قبل ان يكونوا متهمين ؟
= ليس بالضبط لكني تأثرت للغاية لمجموعة من الشماسة بينهم ثلاثة من صغار السن ألقت المباحث بتهمة الضلوع في تفجير مبنى بالعاصمة وقام شخص لديه هدف سياسي بالتغرير بهم وتوريطهم بعد ان قام بإعطائهم قنبلة وقاموا بتفجيرها في المكان وظلوا محتجزين لخمسة اشهر بالمباحث حيث كنا نوالي البحث عن السيارة التي كان يستغلها هذا الشخص الذي توارى نهائيا عن الانظار ولم يجر القبض عليه لكن المثير فيما بعد وانا رئيس لشرطة الدويم في موقف صعب وظروف قاسية اثناء اندلاع النيران بمحلج الدويم اذا بأحد الشبان يقدم لي كوبا من الماء البارد وانا في قمة العطش والتعب واتضح ان الشاب قطع مشوارا طويلا الى السوق لجلب هذا الماء وفي النهاية اكتشفت ان هذا الشاب هو احد الشماسة الذين كانوا محتجزين على ذمة تلك القضية وقام بهذا التصرف لحسن المعاملة التي وجدها لدينا.
* وماذا كان الدرس المستفاد منها؟
= هذه الحادثة جعلتني اتيقن ان الانسان يجب ان يعامل معاملة كريمة في كل الاحوال، سواء كانت متهما اوخلافه.
*ما لم ينشر في قضية صاحب "الوفاق" محمد طه؟
= ما لم ينشر انه طوال خدمتي وتعاملي مع الجثث والقتلى في حوادث جنائية مختلفة، الشئ الطبيعي ان جسد الانسان يتأثر بعوامل الطبيعة من تغير في الرائحة او شكل الجسد لكن ما لاحظته في جثمان محمد طه انه كان ملقيا في العراء لأكثر من (12) ساعة لم يتغير ولاتوجد رائحة كريهة وملاحظتي الاخرى انه لم يكن هنالك اي وجود للذباب بالرغم ان الطقس كان خريفا وايضا لم يتعرض لأي نهش من الكلاب الضالة التي كانت المنطقة مليئة بها وهذه كانت من الاشياء التي تعجبت لها ولا اجد لها تفسيرا. ورغم ان الرأس كان مفصولا من الجسد لكنه ظهر بحالة كأنه شخص (نائم) وليس شخصا ارتكب فيه جريمة جنائية.
* تواترت انباء وقتها ان الفريق اول محجوب بلغ درجة من اليأس ان قال لو عجزت الشرطة للتوصل للجناة فسيترك سيارته الحكومية ويستغل ركشة للعودة الى منزله بمعنى أنه سيستقيل، هل بلغتم تلك الدرجة من اليأس؟
= أنا أذكر ان الفريق الذي كان يعمل في هذه القضية كانت كافة الاجهزة الامنية ممثلة فيه برئاستي وفي ليلة جمعت التيم وقلت لهم اذا لم نتوصل الى نتيجة في هذه القضية نحن سنكون هزمنا السودان، وأسهمنا في بث الر عب في اوساط المواطنين وسيفقدون فينا الثقة كأجهزة أمنية، ولاخيار لنا سوى الوصول للجناة ولا انسى انني قلت في سرادق العزاء إنه حتى لو احتجنا استجواب نصف الشعب السوداني ونطلق سراحه ثم نستجوب النصف الآخر فسنفعل دون تردد.
* في اكتوبر 2006م جرى نقلك من دائرة الجنايات بشرطة ولاية الخرطوم الى المباحث الجنائية ماذا كان شعورك وهذه القضية الشائكة امامك؟
= عندما تسلمت هذه القضية الفريق اول محجوب مديرعام الشرطة وقتها قال لي انت ستكون مدير قضية محمد طه الى ان تنتهي وبعدها تعود لتصبح مديرا المباحث الجنائية.
*يقال إنكم اديتم صلاة العيد في المباحث؟
= الفريق اول محجوب اصدر توجيهاته بذلك ومكثنا قرابة الثلاثة اشهر حتى اكملنا التحري في هذه القضية.
*متى ساورك الاحساس بأنكم اقتربتم من الحل؟
= في البدء امسكنا بخيط في أيدينا لكننا آثرنا الانتظار لأسبوعين في مراقبة حركة المتهم الاول من اجل التوصل الى جميع المتهمين لكن عندما طالت الفترة خشينا ان يضيع المتهم الاول نفسه من أيدينا بعدها قررنا القيام بمداهمة المواقع التي كان يتردد عليها وكانت حوالي (13) موقعا، ومن ثم اكمال التحري والاستجواب.
* تعتقد ان المباحث كانت في احسن حالاتها في ذلك الوقت؟
= بالتأكيد من امكانات مادية وبشرية بالاضافة الى العون المقدر الذي وجدناه من بقية الاجهزة الامنية .
* شهادتك في القضية شكلت نقطة مفصلية ؟
= صحيح، وذكر القاضي في حيثيات الادانة ان شاهد الاتهام رقم (13) اللواء عابدين الطاهر أكد أنه من هيئة الجثة وماحولها تأكد ان جريمة القتل وقعت بمكان آخر ، أعتقد ان المتحري الناجح يحرص على زيارة مسرح الحادث ويحرص ايضا على تسجيل والتقاط كافة الملاحظات.
*ولماذا حرصت على الذهاب؟
= باختصار الحادث هز الرأي العام وكان يحتاج الى مقدرات كبيرة وكنت ارى ان وجودي في مكان الحادث كان ضروريا وكنت على يقين ان الجثة لمحمد طه رغم مغالطات الشرطي الذي سبقنا الى المكان وقد صدق حدسي.
*قضايا الرأي العام هل تشعر ان ضغط وسائل الاعلام يأتي احيانا بصورة سالبة ؟
= نحن بدأنا في التعود على العمل اثناء الضغط الاعلامي وليس ثمة خيار بالنسبة لنا لأنه من الواضح انها اضحت مسألة طبيعية ان يتناول الاعلام قضايا الرأي العام اثناء التحري وبالرغم من خطورة المسألة لكن" ليس في الامكان ابدع مماكان" ونحن عودنا انفسنا على التعامل مع هذا النوع من القضايا.
*كيفية تتعامل مع وسائل الاعلام اثناء تلك القضايا الحساسة ؟
= انا اؤمن تماما ان الاعلام المسؤول والذي يقدرالموقف شئ اساسي ولايعتريني احساس ان الاعلام يتعمد هزيمة القضايا او مجهودات الاجهزة الامنية لذا اكون حريصا على تمليك الاعلام الحقائق واعتمد اعتمادا كليا على توفر المسؤولية لدى القائمين على امره وللامانة انا لم اتضرر منه على الاطلاق ووجدتهم يقدرون ذاتيا ماذا ينشر؟ وماذا يحجب؟ لذا لم يحدث ان احرجوني
* أصلا ؟.
= المتطرفون تعاملت معهم ابتداء بالخليفي وانتهاء بقتلة غرانفيل ماذا تقول عنهم ؟
= قضايا التطرف في اعتقادي انها أخطر من المخدرات واخطر من انتشار السلاح لأن هذا عقل بشري انحرف ويمكن ان تتوقع منه ادارة الكثير من المخاطر باعتباره يؤمن بقواعد تتنافى مع الوجدان السليم ومن منطلق ديني ويفتح المجال واسعا امام تلك الشخصيات لارتكاب افظع الجرائم وهي على قناعة انها تسلك سلوك مبارك من السماوات وهذا هي الخطورة.
وعندما تحرينا في قضية الخليفي تأكدنا ان هذا الفكر خطير ويحتاج الى معالجة حتى لاينتشر وكتبنا وحذرنا.
*كتبتم لمن؟
= عندما نقوم بمثل هذا العمل نكتب تقارير وفي تقاريرنا اوصينا بضرورة علاج هذه المسألة حتى لاتتفاقم ويصعب حلها والمؤسف حدث ماتوقعنا لاحقا.
*تقصد حادثة الجرافة ؟
= مؤكد وغيرها احداث كمبو (10) بودمدني وغيرها.
*كنت شاهدا على اعدام الخليفي هل كان صامدا على موقفه حتى حبل المشنقة؟
= نعم ومن المواقف الغربية انه كان مصابا وكان مقيدا بالسلاسل على السرير لخطورته والحراسة كانت من افراد القوات الخاصة اثناء تلقيه العلاج بالسلاح الطبي واذكر انني قلت له ياعبدالرحمن انت الآن صاحبنا ونحن اصحابك لو وضعنا عنك هذه الاغلال ماذا ستفعل وهل ستعتدي علينا؟ اجابته كانت غريبة جدا رد علي قائلا انتم كفار والقي عني القيد (حيوديكم) الآخرة وفي خطواته الاخيرة الى المشنقة وقبل لحظات من اعدامه كان يردد " والله كلكم كذابين وكفرة" ردا على تكبير اولياء الدم من ذوي القتلى في حادثة مسجد الشيخ ابوزيد في 1993م .
*الرجل ظل ثابتا على موقفه ولم يتزحزح عنه؟
= كان ثابتا على فكرته وانه قام بالشئ الصحيح وانه على الحق والاخرين على غير ذلك ومن الغرائب التي شاهدتها بنفسي ان جثة الخليفي بعد اعدامه دار دورة كاملة واتجه غربا.
*عكس اتجاه القبلة؟
= نعم وبعض الحضور سجدوا شكرا لله .
*هل كنت من بين الذين سجدوا؟
= ابدا انا كنت مشغولا بالتأمين الذي كنت مسؤولا عنه لكن اذكر من بين الذين سجدوا قاضي المحكمة نفسه.
* نلاحظ متابعتك للقضايا التي تتحرى او تشرف على التحري فيها وتحرص على ان تشهد الجلسة النهائية وجدنا هذا في قضية محمد طه والدبلوماسي الامريكي وسائقه وغيرها لماذا؟
= القضايا الكبيرة نبذل فيها مجهودا خرافيا لذا نكون حريصين على رؤية مشاهد النهاية لاننا لا نستطيع ان ننسج خيال و(نفبرك) بيانات لنقدم عبرها المتهمين الى المحكمة لابد ان تكون قضية متماسكة وسمعنا كثيرا في مثل هذه القضايا انها ضعيفة والبيانات غير قوية وان القاضي سيحكم ببراءة المتهمين وطبعا هذه الاحاديث يرددها بعض الذين يبخسون الناس اشياءهم بالاضافة الى انني اكون حريصا تماما في الاطمئنان ان ما بذلناه من جهد وما وفرناها من بيانات كان كافيا لا صدار الاحكام العادلة في مواجهة المتهمين وحقيقة يمكن ان تعتبره نوعا من الانتصار للحق وليس للشخص.
*مشاركتك في الدورة المتقدمة لاف بي اي نقف قليلا لديها؟
= افتكر انها فرصة حقيقية اتيحت لي وكنت حريصا على ان تتاح لآخرين.
* كنت الضابط السوداني الوحيد الذي شارك بتلك الدورة؟
= نعم كنت الوحيد والدورة التالية شهدت مشاركة اللواء المتقاعد عثمان قناوي كان يشغل دائرة التحقيقات الجنائية بشرطة المباحث واكاديمية الاف بي اي معلوم انها تقوم بتخريج اكفأ رجال التحقيق الامريكي وامكانياتهم عالية للغاية لكني عقدت مقارنة بيننا وبينهم في المقدرات المادية والبشرية وبكل صدق اقول انني تأكدت تماما اننا تنقصنا بعض الامكانات اما من الناحية البشرية فرجال الشرطة يتمتعون بكفاءة عالية ولو توفرت لنا الامكانات التي بحوزة الاف بي اي سيصبح رجالنا في قمة الابداع.
*هل طلبوا منك تقديم انموذج لقضية حققت فيها ؟
= بالفعل وانا قمت بتقديم انموذج لم نتوصل فيه الى نتيجة نهائية .
*ماهي؟
= قضية الواحة كوبر او قضية "عم عبده".
*تلك هي القضية التي تركت من اجلها الخدمة؟
= ليس صحيحا لكن تزامن انني تركت الخدمة بعد القضية بعام لكنها من القضايا الغريبة والشرطة بذلت فيها مجهودا كبيرا للغاية ونكاد نكون وجهنا فيها اتهام لافراد بعينهم لكننا لم نوفق في توفير البيانات التي تكفي لتقديمهم للمحاكمة لكني لازلت على يقين ان هذه القضية كانت تنقصها البيانات خاصة وان جهات كثيرة عبثت بالأدلة.
*عادة مايقدم الشخص الاشياء المشرقة لماذا قدمت القضية التي اخفقت فيها؟
= لأؤكد ان ماتوصلت اليه من رأي او استنتاجات حولها خاصة ان خبراء يشاركوننا كانت متسقة مع ماتوصلت اليه وان الجهات التي وجهنا اليها اصابع الاتهام ضالعة بنسبة 90% في ارتكاب الجريمة.
*المشاركة بالدورة التدربيبة هل ساعدتك لاحقا في التعاون مع محقق الاف بي اي الذين قدموا للتحقيق في قضية مقتل غرانفيل وسائقه؟
= لا لأنني ذهبت بعد وقوع الجريمة.
*ماذا استفدت منهم؟
= اولا طريقة ادارة العمل الجماعي ومشاركة كل المجموعة في ابداء الرأي والتوجيه وان لايترك الامر لرئيس المجموعة وحده وثانيا استفدنا في اننا نعمل بطريقة القبض على المشتبه ومن ثم نقوم بالتحقيق معه واكتشفنا الاصح ان تجمع البيانات وتعد المسرح ثم تأتي بالشخص المطلوب مهما طال الزمن يظل تحت مراقبة الشرطة وتظل الاخيرة تجمع في البينات، وآخر مرحلة تنفيذ القبض.
*هذا تحول نوعي ؟
= بالتأكيد ومن ناحية حقوق دستورية افضل لأنها تسهم في تقليل فترة الاحتجاز لكننا نعمل بهذه الطريقة لاننا نخشى ان يفلت المشتبه منا لاتساع الحدود وعدم اتساع قاعدة بيانات السجل المدني باختصار لاتوجد ضمانات لضبط واحضارالشخص المطلوب في الزمن المحدد لكن بالنسبة لديهم الامر سهل.
* نعود الى ترك الخدمة بالشرطة لستة اعوام؟
= ابدا انا تركت الخدمة لعام واربعة اشهر .
*ذهبت الى دولة الامارات؟
= لا ذهبت الى قطر وعملت في مباحث امن الدولة في 1999م .
*عدت بطلب شخصي من الفريق اول هل هذا صحيح ؟
= ابدا، انا عدت بابداء رغبتي لعبدالرحيم محمد حسين عند زيارته الدوحة مع الرئيس البشير ولم يكن وقتها وزيرا للداخلية الذي كان يتولى مقاليدها الهادي عبدالله "والي نهرالنيل حاليا".
*وعدك خيرا؟
= نعم وطلب مني مقابلة الهادي عبدالله عند زيارته الدوحة قريبا، وبعد اقل من اسبوعين التقيت به.
*لماذا طلبت العودة هل شعرت بالغربة؟
= شعرت بانني ادخلت نفسي في موقف غير قابل للتطور او الابداع.
*ماذا كانت رتبتك حينها؟
= تركت الخدمة عقيد وكنت على مشارف الترقي لرتبة العميد.
* لكن كثيرين تحدثوا بأن قضية "عم عبده" اثرت عليك وجعلتك تترك الخدمة؟
= ابدا القضية تزامنت مع ظروف مالية حرجة ولم يكن لدي خيار سوى ان اترك الخدمة والبحث عن ظروف افضل خاصة وان ابنائي بدأوا في التقدم في السن وفي المراحل الدراسية وزادت متطلباتهم .
* ألحظ انك كثير الحديث الى اسرتك هذا الاهتمام لماذا ترده؟
= انا احساسي بالآخرين عالي وانا بالرغم من انني اصغر اخوتي سنا لكن اوكلت لي مهام كثيرة جدا لدرجة اكاد اكون مسؤولا عن جميع الذين بالمنزل. بالاضافة الى انني كنت حريصا على ان يكون ابنائي من المتفوقين.
*قابلت الفريق الهادي ؟
= نعم وقدمت اليه طلبا مكتوبا برغبتي في العودة للخدمة مجددا، وبعد اقل من شهر اتصل بي الفريق اول عمر الحضيري مديرالشرطة آنذاك هاتفيا ليبلغني قبول طلبي ومن العجائب قبل ان اترك الخدمة كانت هنالك لجنة تنظر في طلبات مقدمة للراغبين في العودة الى الخدمة وبعد عودتي بعام ونصف عدت على رأس هذه القائمة.
* حزمت حقائبك وعدت؟
= لا واجهتني عقبات كبيرة تدخل عبدالرحيم محمد حسين وقام بتذليلها.
*هل كنت من الضباط الذين انتدبوا من الشرطة لجهاز الامن ابان حكم الرئيس نميري ؟
=لا لكن الفريق عبدالرحمن مجذوب مدير جهاز الامن الداخلي قابلني اواخر يونيو 1989م واخبرني انه قام باختياري للعمل معه في ادارته وقلت له ان لي الشرف بالعمل معه والمفاجأة كانت قيام الانقاذ بعد ثلاثة ايام .
*هل تجدد الطلب مرة اخرى.
= لا
*ماهي طريقتك في استجواب المتهمين هل تكتب ام تستجوب فقط ام تأتي بأحد ليكتب ؟
= انا في البداية اقوم بالاستجواب وفقا للمعطيات المتوفرة لدي واقوم بمواجهة الشخص بالحقائق التي تحصلت عليها والناس انواع في مرحلة اولى عبارة عن اختبار لشخصية المتهم هل كاذب ام ضعيف وكيفية السيطرة عليه. واحرص ان يكون الاستجواب على انفراد ولا استطيع اطلاقا استجواب شخص وسط جمع من الحاضرين خاصة في الاستجواب الاولي واذا شعرت بالاستجابة اكون شديد التلهف ليقر بالحقيقة لان كل ثانية تضيع تحصل لهذا الشخص موانع وتتوفر عنده مقاومة وعدم اعتراف بالحقيقة.
* وتلقين ونصائح المتهمين بالزنزانة؟
= بالضبط لذا افضل شئ الاستجواب الاولي السريع المفاجئ.
*حسب خبرتك هل يكون هذا دائما الاكثر صدقا وتماسكا؟
*نعم مع وضع المتهم في نفس ظروف ارتكاب الجريمة او اقتياده الى مكان الحادث وتلاحظ التغييرات الفسيولوجية والانفعالات التي تظهر عليه وعبرها تستطيع ان تسشف هل هذا الشخص ارتكب اوشارك في ارتكاب الجريمة ام لا.
* أعطنا مثالا؟
= على سبيل المثال قضية مقتل المعلمة فائزة. الحادثة كانت غريبة والمباحث القت القبض على اكثر من (36) مشتبها لكن لم نجد الجاني بينهم. لكن المتهم القي القبض عليه بواسطة البصمة الوراثية بعد ارتكابه جريمة أخرى حيث ابلى رئيس القسم بلاء حسنا وقام بارسال العينة الى المختبرالجنائي وتطابقت مع العينة التي كنا نبحث عن صاحبها. وأذكر انني وجهت رجال المباحث باقتياد المتهم الى مكان الحادث دون ان يوجهوا اليه سؤالا وقد نجحت الخطة وعند عودته سألته هل تعرف المكان الذي ذهبت اليه فأجاب نعم فسألته ماذا تعرف عنه فقام بسرد تفاصيل القصة.
* ماهي التغييرات التي حدثت له ؟
= هيئ نفسيا للاعتراف ولو سألناها مباشرة لأنكر وكان سيقاوم الاستجواب.
* الاحكام التي صدرت بحق مسؤولي سجن "كوبر" على خلفية هروب المدانين بقتل غرانفيل ثار الكثير من الحديث حولها؟
= انا شخصيا راضي كل الرضا عن الاحكام التي اصدرتها وقد برأت عددا من المتهمين ومنهم "الديدبانات" الذين كانوا على حائط السجن وكذلك بعض منسوبينا.
* من المباحث؟
= لا من منسوبي الشرطة عموما مشاركتهم لم تكن واضحة في الاهمال وفي اعتقادي ان الاحكام كانت مناسبة بل راعت ان القضية ممتدة وهنالك آخرين ساهموا في هذا الاهمال.
* من هم هؤلاء الآخرون ولماذا لاتكشف عنهم ؟
= آخرون مسؤولون ايضا عن هذا الاهمال باعتباران الخلل امتد لأكثر من عام كامل، لكني كمحكمة اتقيد بالاتهام والبينات والتحقيق الذي قدم الي.
* لكن هنالك اتهام بأن المباحث وكنت مديرها آنذاك كانت قاسية في أحكامها في مواجهة افراد السجون لمداراة عجزها عن استعادة الفارين؟
= القاضي مسؤول امام الله. أنا لم آت الى المحكمة بصفتي مديرالمباحث لكني كلفت من رئاسة الشرطة لتولي المحكمة بوصفي ضابط شرطة فقط ولم يخالطني شعور ان المباحث تحاكم السجون وفي المحكمة ايضا متاح للمتهمين فرصة الاعتراض على المحكمة ولم يسجلوا اعتراضا.
* من هو خليفتك في العمل الجنائي ؟
= اللواء محمد احمد علي مدير دائرة الجنايات بشرطة ولاية الخرطوم .
___________________
ملحوظة: الحوار جزء من مذكرات اللواء عابدين الطاهر بعنوان "اللواء عابدين الطاهر.. سيرتي ومسيرتي" بقلم : خالد فتحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.