إلا الكذب.. سبق بها خير البرية، رسولنا الكريم أمة الإسلام مخبراً أن المسلم، بالضرورة، لا يكذب.. ثم تداولتها الأجيال حين تربي أبناءها وتزرع فيهم سمح الخصال؛ الصدق وتفادي الكذب.. أراد بعض (الشياطين) تلوين الكلام لتمرير الكذب فدهنه باللون الأبيض، ليخرجوا علينا بما يسمى "الكذب الأبيض"، وطفقوا يوصفونه ويحسنونه ويحددون مواقفه ومواقيته... القريبون (منا) يعلمون مدى مقتنا للكذب ولمن يكذب، مهما كان هو، ويخشون تماماً أن يكذبوا في (حضرتنا).. عند الكذب تتغير كيمياء الإنسان وبالتالي تنبئ بِشرته عن حدث غير عادي يتلبس (الكذاب)، قد يساعد، المتمرسين خاصة، على كشفه وكشف حاله.. تبقى ردود الفعل، ومدى قدرة الآخرين على التعامل مع الكذابين وعلى الكذبة نفسها.. كثيرون ممن لا ينطلي عليهم الكذب يتفادون مواجهة الكذاب في وجهه، ويعملون على تفادي أكاذيبهم وخاصة الأكاذيب التي تأتي من مدمني الكذب؛ وقد يعملون (حساباً) لعوامل وأمشاج كثيرة تربطهم بأولئك..إلا أن هناك قلة تثور وتنفجر غضباً في مواقف الكذب، غضب قد تكاد ترى دخان نيرانه لو ساقتك ظروفك لحضور إحدى هذه المواجهات..ذات مرابحة بنكية (كنا مجبورين عليها)، تلكأت (العملية) رغم اجتهادنا في استكمال كل المطلوبات من جانبنا.. مسؤول الاستثمار بالبنك الكبير يطمئنك ويقول ليك بكرة تنتهي الإجراءات.. وبكرة يطول.. ليخطرك بأن التاجر الذي ستتم عن طريقه المرابحة غير جاهز وأنه لم يوفر البضاعة.. تمشي للتاجر لتسأله: يقول ليك نحن جاهزين لكن (زول) البنك إما مشغول أو (راقد فوق رأي).. روحنا بلغت الحلقوم، وقررنا رأياً ساعدتنا على تنفيذه ثورة الاتصالات، فتحدثت مع أحدهما (بموبايل) وبذات الوقت هاتفت (زول) البنك بمحمولٍ آخر.. لم يتنازل أيهما عن موقفه، وجعلت أوجه سؤالاً لهذا ثم استفساراً لذاك.. واستقبل إجابتهما المحيرة.. حتى وصلت حد توجيه سؤال مشترك لكليهمأ بذات الوقت: أسمعا، أحدكما كذاب وأنا أمنحكما 24 ساعة لتوفيق (أحوالكما).. وإلا.. غداَ تمت العملية وربح الأطراف الثلاثة.. الزبون والبنك والتاجر المورد.. في الأزمات المتعددة (والمختلفة) التي نعيشها بالسودان الآن.. يخرج علينا (بعض) المسؤولين الحكوميين بتصريحات نارية تلقي بتبعات (الإخفاق)، زوراً، على جهات من شاكلة: شركات توزيع المحروقات أو مطاحن الدقيق أو آليات التوزيع أو فساد التقاوي أو وزارة الري (قبل تجفيفها).. ثم يرد الطرف الآخر (وفي قلبه وجل) بأن الأمر بيد (عمرو) وأن عمرو هذا (...)، أو أن عمرو هذا - ويشير لطرف ثالث أو لسبب واهٍ- هو أس المشكلة.. وقليل منهم، من يضع نقاط الحقيقة على حروف التقصير.. إلى هؤلاء وإلى هؤلاء نقول: إن طرفاً منكما يكذب على الشعب ولتعلموا أن الكذب (رجلينه) قصيرة.