إن أساس التشريع الإسلامي هو المصلحة فحين نهي القرآن عن أكل الميتة ولحم الخنزير بقوله تعالي:{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}"سورة البقرة". نرى في هذه الآية الترخيص أيضاً، فاساس التشريع الإسلامي الاقتصادي فيها مصلحة للبشرية عامة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينهي عن الشئ لمصلحة تقتضيه ثم يبيحه إذا تغير الحال وصارت المصلحة في إباحته وتحقيق المصالح يختلف باختلاف الظروف فما يعتبر مصلحة في ظروف معينة لا يعتبر كذلك في ظروف أخرى وفي هذا المعني نأتي لبعض آراء الائمة "إن الشأن في معظم المنافع والمضار أن تكون إضافية لا حقيقة فهي منافع ومضار في حال دون حال، وبالنسبة إلى شخص دون شخص أو وقت دون وقت" ولعل ذلك هو ما دعا بعض علماء الإسلام إلى نفي شبهة الربا عن الفائدة التي تعطيها صناديق التوفير ومثلها مثل التي تمنحها سندات الحكومة وشهادات الاستثمار. كذلك ترتيب المصالح التى يقصدها الشارع بحسب أهميتها فيقدم ما هو ضروري، الضروري هو ما تقدم عليه الناس وإذا فقد إختل نظام حياتهم لحفظ الدين أو النفس أو العقل أو المال أو العرض على ماهو حاجي- الحاجي هو ما يحتاج إليه الناس لليسر واحتمال أعباء الحياة وإذا فقد نالهم الحرج والضيق.. ويقدم ما هو حاجي على ما هو تحسين التحسيني هو ما يجعل حياة الناس ويترتب على فقده خروج الناس على مقتضي الكمال الإنساني بل الضروريات ليست في مرتبة واحدة فلا يرعي ضروريا إذا كان في مراعاته اخلال بضروري أهم منه وبالمثل الحاجيات والتحسينات ومن ثم قال الدكتور محمد شوقي الفنجري فقد ابيح شرب الخمر إذا اضطر إليها كظمأ شديد يعرض للموت محافظة على النفس ولم يراع حفظ على النفس ولم يراع حفظ العقل لان حفظ النفس ضروري أهم من ضرورة حفظ العقل وأبيح حفظ العورة إذا اقتضي هذا علاج عملية جراحية لان ستر العورة تحسين والعلاج ضروري ولعل ذلك هو السبب في معاداة لحياة الترف لاسيما حين لا تتوفر للبعض الضروريات الأساسية وهو ما كان يلتزمه الخليفة عمر بن الخطاب مردداً قوله تعالي { فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)} "سورة الحج" بمعني أن الحلول الاقتصادية الإسلامية تتميز عن غيرها من الحلول الرأسمالية بأنها ثمرة التوفيق بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة ونبين ذلك في ثلاثة مجالات رئيسه وهي مجال الحرية الاقتصادية وتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ومجال الملكية ومجال التوزيع.