بورتسودان وأهلها والمطار بخير    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقطة نظام
نشر في السوداني يوم 11 - 02 - 2014


محمد سعيد شلي
شاهدت من خلال ال You tube تسجيلا قديما لحفل نظم في ختام لقاء اقتصادي عربي عقد بالخرطوم ..شارك فيه الفنان الكبير حمد الريح بأغنية الصباح الجديد التي يقول مطلعها " أسكني يا جراح و اسكتي يا شجون ..مات عهد النواح وزمان الجنون " .. الكلمات للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الذي يقترن ذكره بشاعرنا التجاني يوسف بشير، فالشابي والتجاني توفيا فى ريعان الشباب وخلفا إنتاجا شعريا غزيرا ..جمع شعر التجاني في ديوانه " إشراقة " وجمع شعر الشابي في ديوانه " أغاني الحياة " ..صدر كتاب من تأليف أبو القاسم بدري عنوانه (الشاعران المتشابهان) يوثق لشعرهما وسيرتهما الذاتية ..وكنت أعتقد وإلى وقت قريب أن ذلك الكتاب من تأليف الدكتور عبد المجيد عابدين ويأتي هذا الاعتقاد لجملة من الأسباب منها أن دكتور عابدين سبق وأن أصدر كتابا عنوانه " التيجاني شاعر الجمال " إضافة إلى أن الدكتور عبد المجيد عابدين من الباحثين والمفكرين المصريين القلائل الذين اهتموا بالثقافة السودانية ومن جهوده في هذا الجانب ترجمته لكتاب من الإنجليزية للعربية عن قبيلة الشايقية ونصح كتاب القصة السودانيين بقراءة مخطوطة طبقات ود ضيف الله فحكايات المتصوفة الواردة فيها تشحذ الخيال وتنمي ملكة الإبداع . ....وعودة لأغنية الصباح الجديد والتي قدمت في ذلك اللقاء فأن منظمي الحفل ربما قصدوا (وهذا مجرد اعتقاد) من إدراج هذه الأغنية الرائعة في البرنامج , توصيل عدد من الرسائل للوفود العربية المشاركة منها أن المطرب السوداني ليس منكفئا على الشعراء السودانيين وأن الباب مفتوح على مصراعيه للشعراء من الدول العربية الأخرى ..وأن هذا المطرب يتمتع بذوق رفيع بدليل اختياره لهذا النص الذي يعد من روائع الشعر العربي ..وقطعا إنها رسالة مهمة ومطلوبة إن كان قد ورد أثناء التقديم أن النص للشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي ..وهناك رسالة أخرى محتملة ربما جاءت في إطار الفهم الشائع بتعذر استيعاب المستمع العربي للنص الغنائي المكتوب بالعامية السودانية علما بأن أهل اللغة يقولون إن عاميتنا هي أقرب العاميات العربية للغة الفصحى.. والمسألة في تقديري ليست في اللغة التي يكتب بها النص لكنها ترجع للسلم الموسيقي Scale وهذا السلم سواء كان خماسيا كالسلم السوداني أم سباعيا كالسلم العربي نتاج عناصر ثقافية وبيئية معقدة فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول علماء الموسيقى إن إيقاع المردوم في مناطق البقارة بكردفان مستمد من سير الأبقار.. وإن إيقاع الجراري والمنتشر بين القبائل التي تربي الأبل مستمد من (مشية) الإبل ويضربون مثلا بأغنية (دار أم بادر) ومن ثم فأن السلم الموسيقي هو بيت القصيد ومربط الفرس في هذا الموضوع ..فالأغنية السودانية والتي وصلت للمستمع المصري قبل عشرات السنوات من خلال إذاعتي ركن السودان وادي النيل, لم تجد التجاوب المتوقع من الشارع المصري لكن هذه الأغنية تحظى بحضور ملحوظ ورواج منقطع النظير في أثيوبيا ودول القرن الأفريقي وتشاد ومالي وغيرها من الدول التي كانت تعرف بالحزام السوداني , فهذه الدول ناطقة بلغات غير العربية ولكن تربطنا معها وحدة المزاج والوجدان الموسيقي أذا جاز التعبير فالفنان محمد وردي لقب بفنان أفريقيا الأولAfrican First Singer The وهذا اللقب الذي أثلج صدورنا لم تطلقه الدول الأفريقية الناطقة بالعربية لكنه جاء من أفارقة يتحدثون لغاتهم المحلية .. ونقطة النظام التي أود أثارتها حول هذا الموضوع أن مسألة وصول الأغنية السودانية للمستمع العربي مرجعها للسلم الموسيقي وليس لنص مكتوب بالفصحى أو بالعامية فالفنان عبد الكريم الكابلي غنى بالفصيح أغنية كسلا لتوفيق صالح جبريل (نضر الله وجه ذلك الساقي إنه بالرحيق حل وثاقي) كما غنى لشعراء عرب منهم العقاد (شذى زهر) وغني لأبي فراس الحمداني (أراك عصي الدمع) كما غنى صلاح ابن البادية لشاعر فلسطيني أغنية (ليلة السبت) ولكن هذه النصوص والمكتوبة بلغة عربية فصيحة ورفيعة لم تجد أذنا صاغية من المستمع العربي للأسباب (الفنية) المشار إليها ..وبعبارة أخرى فإن الأغنية السودانية وصلت للشارع العربي إعلاميا من خلال إذاعتي ركن السودان ووادي النيل كما وصلته من خلال القنوات والإذاعات السودانية (وهي على قفا من يشيل) ..يقول البعض إن الفنان سيد خليفة استطاع كسر ذلك الحاجز والوصول للمستمع العربي..صحيح أن الراحل المقيم سيد خليفة فنان معروف ومشهور في العالم العربي وحظيت ثلاث من أغنياته (المامبو السوداني وأزيكم وأنا قلبى بدق) بتجاوب ملحوظ في الشارع العربي وخاصة في منطقة الخليج ..ولكن لعلك تتفق معي عزيزي القارئ أن الأغنيات الثلاث (دون المستوى المطلوب) نصا ولحنا مقارنة بتلك الروائع التي غناها سيد خليفة كأغنية غيرة لإدريس جماع (أعلى الجمال تغار منا ماذا عليك أذا نظرنا) وأغنية (أنشودة الجن) للتجاني يوسف بشير (قم يا طرير الشباب غنى لنا غنى ..يا حلو يا مستطاب أنشودة الجن) ..أشتهر( أبو السيد) بالحضور المسرحي والذي (يتجلى بوضوح) في أغنية أنا قلبي بدق وهذا الحضور والذي أشتهر به أيضا الفنان السوري فهد بلان كان أحد أسباب شهرة سيد خليفة في العالم العربي ..وهذا (النهج الجماهيري) ليس فيه منقصة أو عيب بل مطلوب أحيانا لكن كان (العشم) كما يقول كبارنا إن يتعرف المستمع العربي على الغناء السوداني وعلى فناننا سيد خليفة من خلال أغنيات أنشودة الجن وغيرة ومن ربيع الحب وليس من خلال الممابو السوداني وأزيكم و أنا قلبي بدق ..
//
أوراق منسية
نقطة نظام
محمد سعيد شلي
شاهدت من خلال ال You tube تسجيلا قديما لحفل نظم في ختام لقاء اقتصادي عربي عقد بالخرطوم ..شارك فيه الفنان الكبير حمد الريح بأغنية الصباح الجديد التي يقول مطلعها " أسكني يا جراح و اسكتي يا شجون ..مات عهد النواح وزمان الجنون " .. الكلمات للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الذي يقترن ذكره بشاعرنا التجاني يوسف بشير، فالشابي والتجاني توفيا فى ريعان الشباب وخلفا إنتاجا شعريا غزيرا ..جمع شعر التجاني في ديوانه " إشراقة " وجمع شعر الشابي في ديوانه " أغاني الحياة " ..صدر كتاب من تأليف أبو القاسم بدري عنوانه (الشاعران المتشابهان) يوثق لشعرهما وسيرتهما الذاتية ..وكنت أعتقد وإلى وقت قريب أن ذلك الكتاب من تأليف الدكتور عبد المجيد عابدين ويأتي هذا الاعتقاد لجملة من الأسباب منها أن دكتور عابدين سبق وأن أصدر كتابا عنوانه " التيجاني شاعر الجمال " إضافة إلى أن الدكتور عبد المجيد عابدين من الباحثين والمفكرين المصريين القلائل الذين اهتموا بالثقافة السودانية ومن جهوده في هذا الجانب ترجمته لكتاب من الإنجليزية للعربية عن قبيلة الشايقية ونصح كتاب القصة السودانيين بقراءة مخطوطة طبقات ود ضيف الله فحكايات المتصوفة الواردة فيها تشحذ الخيال وتنمي ملكة الإبداع . ....وعودة لأغنية الصباح الجديد والتي قدمت في ذلك اللقاء فأن منظمي الحفل ربما قصدوا (وهذا مجرد اعتقاد) من إدراج هذه الأغنية الرائعة في البرنامج , توصيل عدد من الرسائل للوفود العربية المشاركة منها أن المطرب السوداني ليس منكفئا على الشعراء السودانيين وأن الباب مفتوح على مصراعيه للشعراء من الدول العربية الأخرى ..وأن هذا المطرب يتمتع بذوق رفيع بدليل اختياره لهذا النص الذي يعد من روائع الشعر العربي ..وقطعا إنها رسالة مهمة ومطلوبة إن كان قد ورد أثناء التقديم أن النص للشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي ..وهناك رسالة أخرى محتملة ربما جاءت في إطار الفهم الشائع بتعذر استيعاب المستمع العربي للنص الغنائي المكتوب بالعامية السودانية علما بأن أهل اللغة يقولون إن عاميتنا هي أقرب العاميات العربية للغة الفصحى.. والمسألة في تقديري ليست في اللغة التي يكتب بها النص لكنها ترجع للسلم الموسيقي Scale وهذا السلم سواء كان خماسيا كالسلم السوداني أم سباعيا كالسلم العربي نتاج عناصر ثقافية وبيئية معقدة فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول علماء الموسيقى إن إيقاع المردوم في مناطق البقارة بكردفان مستمد من سير الأبقار.. وإن إيقاع الجراري والمنتشر بين القبائل التي تربي الأبل مستمد من (مشية) الإبل ويضربون مثلا بأغنية (دار أم بادر) ومن ثم فأن السلم الموسيقي هو بيت القصيد ومربط الفرس في هذا الموضوع ..فالأغنية السودانية والتي وصلت للمستمع المصري قبل عشرات السنوات من خلال إذاعتي ركن السودان وادي النيل, لم تجد التجاوب المتوقع من الشارع المصري لكن هذه الأغنية تحظى بحضور ملحوظ ورواج منقطع النظير في أثيوبيا ودول القرن الأفريقي وتشاد ومالي وغيرها من الدول التي كانت تعرف بالحزام السوداني , فهذه الدول ناطقة بلغات غير العربية ولكن تربطنا معها وحدة المزاج والوجدان الموسيقي أذا جاز التعبير فالفنان محمد وردي لقب بفنان أفريقيا الأولAfrican First Singer The وهذا اللقب الذي أثلج صدورنا لم تطلقه الدول الأفريقية الناطقة بالعربية لكنه جاء من أفارقة يتحدثون لغاتهم المحلية .. ونقطة النظام التي أود أثارتها حول هذا الموضوع أن مسألة وصول الأغنية السودانية للمستمع العربي مرجعها للسلم الموسيقي وليس لنص مكتوب بالفصحى أو بالعامية فالفنان عبد الكريم الكابلي غنى بالفصيح أغنية كسلا لتوفيق صالح جبريل (نضر الله وجه ذلك الساقي إنه بالرحيق حل وثاقي) كما غنى لشعراء عرب منهم العقاد (شذى زهر) وغني لأبي فراس الحمداني (أراك عصي الدمع) كما غنى صلاح ابن البادية لشاعر فلسطيني أغنية (ليلة السبت) ولكن هذه النصوص والمكتوبة بلغة عربية فصيحة ورفيعة لم تجد أذنا صاغية من المستمع العربي للأسباب (الفنية) المشار إليها ..وبعبارة أخرى فإن الأغنية السودانية وصلت للشارع العربي إعلاميا من خلال إذاعتي ركن السودان ووادي النيل كما وصلته من خلال القنوات والإذاعات السودانية (وهي على قفا من يشيل) ..يقول البعض إن الفنان سيد خليفة استطاع كسر ذلك الحاجز والوصول للمستمع العربي..صحيح أن الراحل المقيم سيد خليفة فنان معروف ومشهور في العالم العربي وحظيت ثلاث من أغنياته (المامبو السوداني وأزيكم وأنا قلبى بدق) بتجاوب ملحوظ في الشارع العربي وخاصة في منطقة الخليج ..ولكن لعلك تتفق معي عزيزي القارئ أن الأغنيات الثلاث (دون المستوى المطلوب) نصا ولحنا مقارنة بتلك الروائع التي غناها سيد خليفة كأغنية غيرة لإدريس جماع (أعلى الجمال تغار منا ماذا عليك أذا نظرنا) وأغنية (أنشودة الجن) للتجاني يوسف بشير (قم يا طرير الشباب غنى لنا غنى ..يا حلو يا مستطاب أنشودة الجن) ..أشتهر( أبو السيد) بالحضور المسرحي والذي (يتجلى بوضوح) في أغنية أنا قلبي بدق وهذا الحضور والذي أشتهر به أيضا الفنان السوري فهد بلان كان أحد أسباب شهرة سيد خليفة في العالم العربي ..وهذا (النهج الجماهيري) ليس فيه منقصة أو عيب بل مطلوب أحيانا لكن كان (العشم) كما يقول كبارنا إن يتعرف المستمع العربي على الغناء السوداني وعلى فناننا سيد خليفة من خلال أغنيات أنشودة الجن وغيرة ومن ربيع الحب وليس من خلال الممابو السوداني وأزيكم و أنا قلبي بدق ..
//
ع
أوراق منسية
نقطة نظام
محمد سعيد شلي
شاهدت من خلال ال You tube تسجيلا قديما لحفل نظم في ختام لقاء اقتصادي عربي عقد بالخرطوم ..شارك فيه الفنان الكبير حمد الريح بأغنية الصباح الجديد التي يقول مطلعها " أسكني يا جراح و اسكتي يا شجون ..مات عهد النواح وزمان الجنون " .. الكلمات للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الذي يقترن ذكره بشاعرنا التجاني يوسف بشير، فالشابي والتجاني توفيا فى ريعان الشباب وخلفا إنتاجا شعريا غزيرا ..جمع شعر التجاني في ديوانه " إشراقة " وجمع شعر الشابي في ديوانه " أغاني الحياة " ..صدر كتاب من تأليف أبو القاسم بدري عنوانه (الشاعران المتشابهان) يوثق لشعرهما وسيرتهما الذاتية ..وكنت أعتقد وإلى وقت قريب أن ذلك الكتاب من تأليف الدكتور عبد المجيد عابدين ويأتي هذا الاعتقاد لجملة من الأسباب منها أن دكتور عابدين سبق وأن أصدر كتابا عنوانه " التيجاني شاعر الجمال " إضافة إلى أن الدكتور عبد المجيد عابدين من الباحثين والمفكرين المصريين القلائل الذين اهتموا بالثقافة السودانية ومن جهوده في هذا الجانب ترجمته لكتاب من الإنجليزية للعربية عن قبيلة الشايقية ونصح كتاب القصة السودانيين بقراءة مخطوطة طبقات ود ضيف الله فحكايات المتصوفة الواردة فيها تشحذ الخيال وتنمي ملكة الإبداع . ....وعودة لأغنية الصباح الجديد والتي قدمت في ذلك اللقاء فأن منظمي الحفل ربما قصدوا (وهذا مجرد اعتقاد) من إدراج هذه الأغنية الرائعة في البرنامج , توصيل عدد من الرسائل للوفود العربية المشاركة منها أن المطرب السوداني ليس منكفئا على الشعراء السودانيين وأن الباب مفتوح على مصراعيه للشعراء من الدول العربية الأخرى ..وأن هذا المطرب يتمتع بذوق رفيع بدليل اختياره لهذا النص الذي يعد من روائع الشعر العربي ..وقطعا إنها رسالة مهمة ومطلوبة إن كان قد ورد أثناء التقديم أن النص للشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي ..وهناك رسالة أخرى محتملة ربما جاءت في إطار الفهم الشائع بتعذر استيعاب المستمع العربي للنص الغنائي المكتوب بالعامية السودانية علما بأن أهل اللغة يقولون إن عاميتنا هي أقرب العاميات العربية للغة الفصحى.. والمسألة في تقديري ليست في اللغة التي يكتب بها النص لكنها ترجع للسلم الموسيقي Scale وهذا السلم سواء كان خماسيا كالسلم السوداني أم سباعيا كالسلم العربي نتاج عناصر ثقافية وبيئية معقدة فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول علماء الموسيقى إن إيقاع المردوم في مناطق البقارة بكردفان مستمد من سير الأبقار.. وإن إيقاع الجراري والمنتشر بين القبائل التي تربي الأبل مستمد من (مشية) الإبل ويضربون مثلا بأغنية (دار أم بادر) ومن ثم فأن السلم الموسيقي هو بيت القصيد ومربط الفرس في هذا الموضوع ..فالأغنية السودانية والتي وصلت للمستمع المصري قبل عشرات السنوات من خلال إذاعتي ركن السودان وادي النيل, لم تجد التجاوب المتوقع من الشارع المصري لكن هذه الأغنية تحظى بحضور ملحوظ ورواج منقطع النظير في أثيوبيا ودول القرن الأفريقي وتشاد ومالي وغيرها من الدول التي كانت تعرف بالحزام السوداني , فهذه الدول ناطقة بلغات غير العربية ولكن تربطنا معها وحدة المزاج والوجدان الموسيقي أذا جاز التعبير فالفنان محمد وردي لقب بفنان أفريقيا الأولAfrican First Singer The وهذا اللقب الذي أثلج صدورنا لم تطلقه الدول الأفريقية الناطقة بالعربية لكنه جاء من أفارقة يتحدثون لغاتهم المحلية .. ونقطة النظام التي أود أثارتها حول هذا الموضوع أن مسألة وصول الأغنية السودانية للمستمع العربي مرجعها للسلم الموسيقي وليس لنص مكتوب بالفصحى أو بالعامية فالفنان عبد الكريم الكابلي غنى بالفصيح أغنية كسلا لتوفيق صالح جبريل (نضر الله وجه ذلك الساقي إنه بالرحيق حل وثاقي) كما غنى لشعراء عرب منهم العقاد (شذى زهر) وغني لأبي فراس الحمداني (أراك عصي الدمع) كما غنى صلاح ابن البادية لشاعر فلسطيني أغنية (ليلة السبت) ولكن هذه النصوص والمكتوبة بلغة عربية فصيحة ورفيعة لم تجد أذنا صاغية من المستمع العربي للأسباب (الفنية) المشار إليها ..وبعبارة أخرى فإن الأغنية السودانية وصلت للشارع العربي إعلاميا من خلال إذاعتي ركن السودان ووادي النيل كما وصلته من خلال القنوات والإذاعات السودانية (وهي على قفا من يشيل) ..يقول البعض إن الفنان سيد خليفة استطاع كسر ذلك الحاجز والوصول للمستمع العربي..صحيح أن الراحل المقيم سيد خليفة فنان معروف ومشهور في العالم العربي وحظيت ثلاث من أغنياته (المامبو السوداني وأزيكم وأنا قلبى بدق) بتجاوب ملحوظ في الشارع العربي وخاصة في منطقة الخليج ..ولكن لعلك تتفق معي عزيزي القارئ أن الأغنيات الثلاث (دون المستوى المطلوب) نصا ولحنا مقارنة بتلك الروائع التي غناها سيد خليفة كأغنية غيرة لإدريس جماع (أعلى الجمال تغار منا ماذا عليك أذا نظرنا) وأغنية (أنشودة الجن) للتجاني يوسف بشير (قم يا طرير الشباب غنى لنا غنى ..يا حلو يا مستطاب أنشودة الجن) ..أشتهر( أبو السيد) بالحضور المسرحي والذي (يتجلى بوضوح) في أغنية أنا قلبي بدق وهذا الحضور والذي أشتهر به أيضا الفنان السوري فهد بلان كان أحد أسباب شهرة سيد خليفة في العالم العربي ..وهذا (النهج الجماهيري) ليس فيه منقصة أو عيب بل مطلوب أحيانا لكن كان (العشم) كما يقول كبارنا إن يتعرف المستمع العربي على الغناء السوداني وعلى فناننا سيد خليفة من خلال أغنيات أنشودة الجن وغيرة ومن ربيع الحب وليس من خلال الممابو السوداني وأزيكم و أنا قلبي بدق ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.