قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقطة نظام
نشر في السوداني يوم 11 - 02 - 2014


محمد سعيد شلي
شاهدت من خلال ال You tube تسجيلا قديما لحفل نظم في ختام لقاء اقتصادي عربي عقد بالخرطوم ..شارك فيه الفنان الكبير حمد الريح بأغنية الصباح الجديد التي يقول مطلعها " أسكني يا جراح و اسكتي يا شجون ..مات عهد النواح وزمان الجنون " .. الكلمات للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الذي يقترن ذكره بشاعرنا التجاني يوسف بشير، فالشابي والتجاني توفيا فى ريعان الشباب وخلفا إنتاجا شعريا غزيرا ..جمع شعر التجاني في ديوانه " إشراقة " وجمع شعر الشابي في ديوانه " أغاني الحياة " ..صدر كتاب من تأليف أبو القاسم بدري عنوانه (الشاعران المتشابهان) يوثق لشعرهما وسيرتهما الذاتية ..وكنت أعتقد وإلى وقت قريب أن ذلك الكتاب من تأليف الدكتور عبد المجيد عابدين ويأتي هذا الاعتقاد لجملة من الأسباب منها أن دكتور عابدين سبق وأن أصدر كتابا عنوانه " التيجاني شاعر الجمال " إضافة إلى أن الدكتور عبد المجيد عابدين من الباحثين والمفكرين المصريين القلائل الذين اهتموا بالثقافة السودانية ومن جهوده في هذا الجانب ترجمته لكتاب من الإنجليزية للعربية عن قبيلة الشايقية ونصح كتاب القصة السودانيين بقراءة مخطوطة طبقات ود ضيف الله فحكايات المتصوفة الواردة فيها تشحذ الخيال وتنمي ملكة الإبداع . ....وعودة لأغنية الصباح الجديد والتي قدمت في ذلك اللقاء فأن منظمي الحفل ربما قصدوا (وهذا مجرد اعتقاد) من إدراج هذه الأغنية الرائعة في البرنامج , توصيل عدد من الرسائل للوفود العربية المشاركة منها أن المطرب السوداني ليس منكفئا على الشعراء السودانيين وأن الباب مفتوح على مصراعيه للشعراء من الدول العربية الأخرى ..وأن هذا المطرب يتمتع بذوق رفيع بدليل اختياره لهذا النص الذي يعد من روائع الشعر العربي ..وقطعا إنها رسالة مهمة ومطلوبة إن كان قد ورد أثناء التقديم أن النص للشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي ..وهناك رسالة أخرى محتملة ربما جاءت في إطار الفهم الشائع بتعذر استيعاب المستمع العربي للنص الغنائي المكتوب بالعامية السودانية علما بأن أهل اللغة يقولون إن عاميتنا هي أقرب العاميات العربية للغة الفصحى.. والمسألة في تقديري ليست في اللغة التي يكتب بها النص لكنها ترجع للسلم الموسيقي Scale وهذا السلم سواء كان خماسيا كالسلم السوداني أم سباعيا كالسلم العربي نتاج عناصر ثقافية وبيئية معقدة فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول علماء الموسيقى إن إيقاع المردوم في مناطق البقارة بكردفان مستمد من سير الأبقار.. وإن إيقاع الجراري والمنتشر بين القبائل التي تربي الأبل مستمد من (مشية) الإبل ويضربون مثلا بأغنية (دار أم بادر) ومن ثم فأن السلم الموسيقي هو بيت القصيد ومربط الفرس في هذا الموضوع ..فالأغنية السودانية والتي وصلت للمستمع المصري قبل عشرات السنوات من خلال إذاعتي ركن السودان وادي النيل, لم تجد التجاوب المتوقع من الشارع المصري لكن هذه الأغنية تحظى بحضور ملحوظ ورواج منقطع النظير في أثيوبيا ودول القرن الأفريقي وتشاد ومالي وغيرها من الدول التي كانت تعرف بالحزام السوداني , فهذه الدول ناطقة بلغات غير العربية ولكن تربطنا معها وحدة المزاج والوجدان الموسيقي أذا جاز التعبير فالفنان محمد وردي لقب بفنان أفريقيا الأولAfrican First Singer The وهذا اللقب الذي أثلج صدورنا لم تطلقه الدول الأفريقية الناطقة بالعربية لكنه جاء من أفارقة يتحدثون لغاتهم المحلية .. ونقطة النظام التي أود أثارتها حول هذا الموضوع أن مسألة وصول الأغنية السودانية للمستمع العربي مرجعها للسلم الموسيقي وليس لنص مكتوب بالفصحى أو بالعامية فالفنان عبد الكريم الكابلي غنى بالفصيح أغنية كسلا لتوفيق صالح جبريل (نضر الله وجه ذلك الساقي إنه بالرحيق حل وثاقي) كما غنى لشعراء عرب منهم العقاد (شذى زهر) وغني لأبي فراس الحمداني (أراك عصي الدمع) كما غنى صلاح ابن البادية لشاعر فلسطيني أغنية (ليلة السبت) ولكن هذه النصوص والمكتوبة بلغة عربية فصيحة ورفيعة لم تجد أذنا صاغية من المستمع العربي للأسباب (الفنية) المشار إليها ..وبعبارة أخرى فإن الأغنية السودانية وصلت للشارع العربي إعلاميا من خلال إذاعتي ركن السودان ووادي النيل كما وصلته من خلال القنوات والإذاعات السودانية (وهي على قفا من يشيل) ..يقول البعض إن الفنان سيد خليفة استطاع كسر ذلك الحاجز والوصول للمستمع العربي..صحيح أن الراحل المقيم سيد خليفة فنان معروف ومشهور في العالم العربي وحظيت ثلاث من أغنياته (المامبو السوداني وأزيكم وأنا قلبى بدق) بتجاوب ملحوظ في الشارع العربي وخاصة في منطقة الخليج ..ولكن لعلك تتفق معي عزيزي القارئ أن الأغنيات الثلاث (دون المستوى المطلوب) نصا ولحنا مقارنة بتلك الروائع التي غناها سيد خليفة كأغنية غيرة لإدريس جماع (أعلى الجمال تغار منا ماذا عليك أذا نظرنا) وأغنية (أنشودة الجن) للتجاني يوسف بشير (قم يا طرير الشباب غنى لنا غنى ..يا حلو يا مستطاب أنشودة الجن) ..أشتهر( أبو السيد) بالحضور المسرحي والذي (يتجلى بوضوح) في أغنية أنا قلبي بدق وهذا الحضور والذي أشتهر به أيضا الفنان السوري فهد بلان كان أحد أسباب شهرة سيد خليفة في العالم العربي ..وهذا (النهج الجماهيري) ليس فيه منقصة أو عيب بل مطلوب أحيانا لكن كان (العشم) كما يقول كبارنا إن يتعرف المستمع العربي على الغناء السوداني وعلى فناننا سيد خليفة من خلال أغنيات أنشودة الجن وغيرة ومن ربيع الحب وليس من خلال الممابو السوداني وأزيكم و أنا قلبي بدق ..
//
أوراق منسية
نقطة نظام
محمد سعيد شلي
شاهدت من خلال ال You tube تسجيلا قديما لحفل نظم في ختام لقاء اقتصادي عربي عقد بالخرطوم ..شارك فيه الفنان الكبير حمد الريح بأغنية الصباح الجديد التي يقول مطلعها " أسكني يا جراح و اسكتي يا شجون ..مات عهد النواح وزمان الجنون " .. الكلمات للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الذي يقترن ذكره بشاعرنا التجاني يوسف بشير، فالشابي والتجاني توفيا فى ريعان الشباب وخلفا إنتاجا شعريا غزيرا ..جمع شعر التجاني في ديوانه " إشراقة " وجمع شعر الشابي في ديوانه " أغاني الحياة " ..صدر كتاب من تأليف أبو القاسم بدري عنوانه (الشاعران المتشابهان) يوثق لشعرهما وسيرتهما الذاتية ..وكنت أعتقد وإلى وقت قريب أن ذلك الكتاب من تأليف الدكتور عبد المجيد عابدين ويأتي هذا الاعتقاد لجملة من الأسباب منها أن دكتور عابدين سبق وأن أصدر كتابا عنوانه " التيجاني شاعر الجمال " إضافة إلى أن الدكتور عبد المجيد عابدين من الباحثين والمفكرين المصريين القلائل الذين اهتموا بالثقافة السودانية ومن جهوده في هذا الجانب ترجمته لكتاب من الإنجليزية للعربية عن قبيلة الشايقية ونصح كتاب القصة السودانيين بقراءة مخطوطة طبقات ود ضيف الله فحكايات المتصوفة الواردة فيها تشحذ الخيال وتنمي ملكة الإبداع . ....وعودة لأغنية الصباح الجديد والتي قدمت في ذلك اللقاء فأن منظمي الحفل ربما قصدوا (وهذا مجرد اعتقاد) من إدراج هذه الأغنية الرائعة في البرنامج , توصيل عدد من الرسائل للوفود العربية المشاركة منها أن المطرب السوداني ليس منكفئا على الشعراء السودانيين وأن الباب مفتوح على مصراعيه للشعراء من الدول العربية الأخرى ..وأن هذا المطرب يتمتع بذوق رفيع بدليل اختياره لهذا النص الذي يعد من روائع الشعر العربي ..وقطعا إنها رسالة مهمة ومطلوبة إن كان قد ورد أثناء التقديم أن النص للشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي ..وهناك رسالة أخرى محتملة ربما جاءت في إطار الفهم الشائع بتعذر استيعاب المستمع العربي للنص الغنائي المكتوب بالعامية السودانية علما بأن أهل اللغة يقولون إن عاميتنا هي أقرب العاميات العربية للغة الفصحى.. والمسألة في تقديري ليست في اللغة التي يكتب بها النص لكنها ترجع للسلم الموسيقي Scale وهذا السلم سواء كان خماسيا كالسلم السوداني أم سباعيا كالسلم العربي نتاج عناصر ثقافية وبيئية معقدة فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول علماء الموسيقى إن إيقاع المردوم في مناطق البقارة بكردفان مستمد من سير الأبقار.. وإن إيقاع الجراري والمنتشر بين القبائل التي تربي الأبل مستمد من (مشية) الإبل ويضربون مثلا بأغنية (دار أم بادر) ومن ثم فأن السلم الموسيقي هو بيت القصيد ومربط الفرس في هذا الموضوع ..فالأغنية السودانية والتي وصلت للمستمع المصري قبل عشرات السنوات من خلال إذاعتي ركن السودان وادي النيل, لم تجد التجاوب المتوقع من الشارع المصري لكن هذه الأغنية تحظى بحضور ملحوظ ورواج منقطع النظير في أثيوبيا ودول القرن الأفريقي وتشاد ومالي وغيرها من الدول التي كانت تعرف بالحزام السوداني , فهذه الدول ناطقة بلغات غير العربية ولكن تربطنا معها وحدة المزاج والوجدان الموسيقي أذا جاز التعبير فالفنان محمد وردي لقب بفنان أفريقيا الأولAfrican First Singer The وهذا اللقب الذي أثلج صدورنا لم تطلقه الدول الأفريقية الناطقة بالعربية لكنه جاء من أفارقة يتحدثون لغاتهم المحلية .. ونقطة النظام التي أود أثارتها حول هذا الموضوع أن مسألة وصول الأغنية السودانية للمستمع العربي مرجعها للسلم الموسيقي وليس لنص مكتوب بالفصحى أو بالعامية فالفنان عبد الكريم الكابلي غنى بالفصيح أغنية كسلا لتوفيق صالح جبريل (نضر الله وجه ذلك الساقي إنه بالرحيق حل وثاقي) كما غنى لشعراء عرب منهم العقاد (شذى زهر) وغني لأبي فراس الحمداني (أراك عصي الدمع) كما غنى صلاح ابن البادية لشاعر فلسطيني أغنية (ليلة السبت) ولكن هذه النصوص والمكتوبة بلغة عربية فصيحة ورفيعة لم تجد أذنا صاغية من المستمع العربي للأسباب (الفنية) المشار إليها ..وبعبارة أخرى فإن الأغنية السودانية وصلت للشارع العربي إعلاميا من خلال إذاعتي ركن السودان ووادي النيل كما وصلته من خلال القنوات والإذاعات السودانية (وهي على قفا من يشيل) ..يقول البعض إن الفنان سيد خليفة استطاع كسر ذلك الحاجز والوصول للمستمع العربي..صحيح أن الراحل المقيم سيد خليفة فنان معروف ومشهور في العالم العربي وحظيت ثلاث من أغنياته (المامبو السوداني وأزيكم وأنا قلبى بدق) بتجاوب ملحوظ في الشارع العربي وخاصة في منطقة الخليج ..ولكن لعلك تتفق معي عزيزي القارئ أن الأغنيات الثلاث (دون المستوى المطلوب) نصا ولحنا مقارنة بتلك الروائع التي غناها سيد خليفة كأغنية غيرة لإدريس جماع (أعلى الجمال تغار منا ماذا عليك أذا نظرنا) وأغنية (أنشودة الجن) للتجاني يوسف بشير (قم يا طرير الشباب غنى لنا غنى ..يا حلو يا مستطاب أنشودة الجن) ..أشتهر( أبو السيد) بالحضور المسرحي والذي (يتجلى بوضوح) في أغنية أنا قلبي بدق وهذا الحضور والذي أشتهر به أيضا الفنان السوري فهد بلان كان أحد أسباب شهرة سيد خليفة في العالم العربي ..وهذا (النهج الجماهيري) ليس فيه منقصة أو عيب بل مطلوب أحيانا لكن كان (العشم) كما يقول كبارنا إن يتعرف المستمع العربي على الغناء السوداني وعلى فناننا سيد خليفة من خلال أغنيات أنشودة الجن وغيرة ومن ربيع الحب وليس من خلال الممابو السوداني وأزيكم و أنا قلبي بدق ..
//
ع
أوراق منسية
نقطة نظام
محمد سعيد شلي
شاهدت من خلال ال You tube تسجيلا قديما لحفل نظم في ختام لقاء اقتصادي عربي عقد بالخرطوم ..شارك فيه الفنان الكبير حمد الريح بأغنية الصباح الجديد التي يقول مطلعها " أسكني يا جراح و اسكتي يا شجون ..مات عهد النواح وزمان الجنون " .. الكلمات للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الذي يقترن ذكره بشاعرنا التجاني يوسف بشير، فالشابي والتجاني توفيا فى ريعان الشباب وخلفا إنتاجا شعريا غزيرا ..جمع شعر التجاني في ديوانه " إشراقة " وجمع شعر الشابي في ديوانه " أغاني الحياة " ..صدر كتاب من تأليف أبو القاسم بدري عنوانه (الشاعران المتشابهان) يوثق لشعرهما وسيرتهما الذاتية ..وكنت أعتقد وإلى وقت قريب أن ذلك الكتاب من تأليف الدكتور عبد المجيد عابدين ويأتي هذا الاعتقاد لجملة من الأسباب منها أن دكتور عابدين سبق وأن أصدر كتابا عنوانه " التيجاني شاعر الجمال " إضافة إلى أن الدكتور عبد المجيد عابدين من الباحثين والمفكرين المصريين القلائل الذين اهتموا بالثقافة السودانية ومن جهوده في هذا الجانب ترجمته لكتاب من الإنجليزية للعربية عن قبيلة الشايقية ونصح كتاب القصة السودانيين بقراءة مخطوطة طبقات ود ضيف الله فحكايات المتصوفة الواردة فيها تشحذ الخيال وتنمي ملكة الإبداع . ....وعودة لأغنية الصباح الجديد والتي قدمت في ذلك اللقاء فأن منظمي الحفل ربما قصدوا (وهذا مجرد اعتقاد) من إدراج هذه الأغنية الرائعة في البرنامج , توصيل عدد من الرسائل للوفود العربية المشاركة منها أن المطرب السوداني ليس منكفئا على الشعراء السودانيين وأن الباب مفتوح على مصراعيه للشعراء من الدول العربية الأخرى ..وأن هذا المطرب يتمتع بذوق رفيع بدليل اختياره لهذا النص الذي يعد من روائع الشعر العربي ..وقطعا إنها رسالة مهمة ومطلوبة إن كان قد ورد أثناء التقديم أن النص للشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي ..وهناك رسالة أخرى محتملة ربما جاءت في إطار الفهم الشائع بتعذر استيعاب المستمع العربي للنص الغنائي المكتوب بالعامية السودانية علما بأن أهل اللغة يقولون إن عاميتنا هي أقرب العاميات العربية للغة الفصحى.. والمسألة في تقديري ليست في اللغة التي يكتب بها النص لكنها ترجع للسلم الموسيقي Scale وهذا السلم سواء كان خماسيا كالسلم السوداني أم سباعيا كالسلم العربي نتاج عناصر ثقافية وبيئية معقدة فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول علماء الموسيقى إن إيقاع المردوم في مناطق البقارة بكردفان مستمد من سير الأبقار.. وإن إيقاع الجراري والمنتشر بين القبائل التي تربي الأبل مستمد من (مشية) الإبل ويضربون مثلا بأغنية (دار أم بادر) ومن ثم فأن السلم الموسيقي هو بيت القصيد ومربط الفرس في هذا الموضوع ..فالأغنية السودانية والتي وصلت للمستمع المصري قبل عشرات السنوات من خلال إذاعتي ركن السودان وادي النيل, لم تجد التجاوب المتوقع من الشارع المصري لكن هذه الأغنية تحظى بحضور ملحوظ ورواج منقطع النظير في أثيوبيا ودول القرن الأفريقي وتشاد ومالي وغيرها من الدول التي كانت تعرف بالحزام السوداني , فهذه الدول ناطقة بلغات غير العربية ولكن تربطنا معها وحدة المزاج والوجدان الموسيقي أذا جاز التعبير فالفنان محمد وردي لقب بفنان أفريقيا الأولAfrican First Singer The وهذا اللقب الذي أثلج صدورنا لم تطلقه الدول الأفريقية الناطقة بالعربية لكنه جاء من أفارقة يتحدثون لغاتهم المحلية .. ونقطة النظام التي أود أثارتها حول هذا الموضوع أن مسألة وصول الأغنية السودانية للمستمع العربي مرجعها للسلم الموسيقي وليس لنص مكتوب بالفصحى أو بالعامية فالفنان عبد الكريم الكابلي غنى بالفصيح أغنية كسلا لتوفيق صالح جبريل (نضر الله وجه ذلك الساقي إنه بالرحيق حل وثاقي) كما غنى لشعراء عرب منهم العقاد (شذى زهر) وغني لأبي فراس الحمداني (أراك عصي الدمع) كما غنى صلاح ابن البادية لشاعر فلسطيني أغنية (ليلة السبت) ولكن هذه النصوص والمكتوبة بلغة عربية فصيحة ورفيعة لم تجد أذنا صاغية من المستمع العربي للأسباب (الفنية) المشار إليها ..وبعبارة أخرى فإن الأغنية السودانية وصلت للشارع العربي إعلاميا من خلال إذاعتي ركن السودان ووادي النيل كما وصلته من خلال القنوات والإذاعات السودانية (وهي على قفا من يشيل) ..يقول البعض إن الفنان سيد خليفة استطاع كسر ذلك الحاجز والوصول للمستمع العربي..صحيح أن الراحل المقيم سيد خليفة فنان معروف ومشهور في العالم العربي وحظيت ثلاث من أغنياته (المامبو السوداني وأزيكم وأنا قلبى بدق) بتجاوب ملحوظ في الشارع العربي وخاصة في منطقة الخليج ..ولكن لعلك تتفق معي عزيزي القارئ أن الأغنيات الثلاث (دون المستوى المطلوب) نصا ولحنا مقارنة بتلك الروائع التي غناها سيد خليفة كأغنية غيرة لإدريس جماع (أعلى الجمال تغار منا ماذا عليك أذا نظرنا) وأغنية (أنشودة الجن) للتجاني يوسف بشير (قم يا طرير الشباب غنى لنا غنى ..يا حلو يا مستطاب أنشودة الجن) ..أشتهر( أبو السيد) بالحضور المسرحي والذي (يتجلى بوضوح) في أغنية أنا قلبي بدق وهذا الحضور والذي أشتهر به أيضا الفنان السوري فهد بلان كان أحد أسباب شهرة سيد خليفة في العالم العربي ..وهذا (النهج الجماهيري) ليس فيه منقصة أو عيب بل مطلوب أحيانا لكن كان (العشم) كما يقول كبارنا إن يتعرف المستمع العربي على الغناء السوداني وعلى فناننا سيد خليفة من خلال أغنيات أنشودة الجن وغيرة ومن ربيع الحب وليس من خلال الممابو السوداني وأزيكم و أنا قلبي بدق ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.