الحركات المسلحة..إرهاصات فتح التفاوض! تقرير: محمد حمدان هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته تعكس الصورة التي التقطت لهما في ختام اجتماعهما بكمبالا تفاصيل أكثر من تلك التي رشحت عن الاجتماع، فقد نجح الوسيط المشترك ورئيس البعثة الأممية المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور، محمد بن شمباس، بعد تحركات مكوكية في جمع قادة الحركات المسلحة في دارفور في اجتماع بالعاصمة اليوغندية كمبالا أمس الأول، استمر لعدة ساعات وخرج بمؤشرات إيجابية من المتوقع أن تنقل المواقف من التمترس إلى المرونة أملاً في معالجة الوضع المتدهور بإقليم دارفور. تباين المواقف ولأول مرة منذ أبوجا يظهر رئيس حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور بزيه الإفريقي المميز بمعية قادة الحركات الأخرى بدارفور والوسيط الأممي.. فقد ظل نور متمسكاً بمطلبه الداعي لإسقاط النظام وليس الحوار معه ويرفض حتى الحديث عن المفاوضات حتى أطلق عليه الغربيون "الخواجات" مستر "نو"، بل ربما للصدفة وحدها أن نور هو الوحيد الذي يرتدي لبسة إفريقية كاملة الدسم بينما "جبريل ومناوي وشمباس " يحكمون ربطة العنق جيداً مرتدين الزي الأفرنجي مع ابتسامة لم تكتمل على وجوه نور وجبريل، فيما يتضح أن مناوي بنظارته السوداء هي الأخرى التي تلفت الأنظار وسط أشجار كمبالا الوارفة بالخضرة، ولعل تلك الجلسة تحمل في طياتها مؤشرات كبيرة لدى هؤلاء القادة الذين ظلوا يحبسون الأنفاس في القضية، وتقول الأنباء الواردة من كمبالا إن شمباس التقى قادة الحركات وجرى نقاش عميق وطويل بين الأطراف حول العملية السلمية لدارفور وكيفية الدخول في تفاوض ينهي الأزمة المتفاقمة وهو ذلك الموقف الذي يتحرك فيه شمباس ويسعى لضم الحركات للالتحاق بوثيقة الدوحة إلا أن الحركات المسلحة تمسكت بالحل الشامل للقضية الدارفورية في إطار حل المشكل السوداني ككل وفقاً لتحالفها في الجبهة الثورية وميثاق الفجر الجديد، وأفادت مصادر (السوداني) أن الاجتماع تمحور حول مطالبة شمباس بضرورة الحوار حول دارفور لجهة أن تفويضه محدود فى ذاك الإطار فقط، بينما ترى الحركات أن الدوحة لم تعد مجدية لتحقيق السلام والأمن في دارفور وأنه لا مناص من حل جذري للمشكلة ككل في السودان وهو ذات الموقف الذي تصر عليه الحركة الشعبية شمال في مفاوضاتها التي افتتحت مساء أمس بأديس أبابا مع الحكومة السودانية. تنسيق عالٍ لكن لقاء كمبالا ليس هو الأول بين الوسيط وقادة الحركات فقد سبق أن عقدت ورشة فنية في أديس أبابا في ديسمبر من العام المنصرم، وقبل لقائي كمبالا وأديس نظمت البعثة لقاءيْن خلال العام الماضي بالعاصمة التنزانية أروشا، وقد ضمت لقاءات تنزانياوأديس أبابا (حركة التحرير بقيادة مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم)، ووقتها رفضت حركة التحرير الأخرى بقيادة عبد الواحد نور حضور تلك اللقاءات، وقد قاد حضور نائبه أبو القاسم إمام لورشة أديس إلى نشوب نزاع بين نور وأبو القاسم، كاد أن ينسف وحدتها بسبب اختلاف قياداتها ولا زالت تداعياته مستمرة وفقاً لحديث مراقبين مقربين من الحراك الدافوري، بيد أن الأهمية من كل تلك اللقاءات تنبع من مدى موافقة الحكومة السودانية على ما يجري. ويفيد مصدر من اليوناميد ل(السوداني)، أن الحكومة السودانية على علم بلقاء شمباس الأول والثاني، وأن الرجل على تنسيق مع الحكومة السودانية، وأن الطرفين على مستوى تنسيق عالٍ من خلال الآلية المشتركة بين الحكومة واليوناميد والتي كان آخر اجتماع لها في أديس أبابا الذي دعت خلاصته إلى تعزيز الأمن بالإقليم، وفي الجانب الآخر باركت الأسرة الدولية من جانبها تحركات شمباس، لا سيما منظمتا الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي. مراكز فاعلة غير أن المتأمل في مجريات الأحداث بدارفور يتضح له أن هناك قناعة كبيرة لدى الفاعلين في الملف الدارفوري بضرورة إشراك الحركات في تفاوض جدي وما يعزز ذلك التحركات التي قام بها شامباس وخلاصتها ثلاثة لقاءات بالإضافة إلى آلية ملتقى أم جرس الذي دعا أبناء الزغاوة لوقف الحركات ويقف خلف ذلك الرئيس التشادي إدريس ديبي بالإضافة إلى لجنة صديق ودعة التي كونت كنتاج لتوصيات الملتقى الدارفوري الدارفوري بالفاشر، وقد توحدت تلك الآليات الأخيرة في جسم واحد أسندت مهمته إلى النائب الأول لرئيس الجمهورية، وفي ذات الإطار يعد تحرك شمباس في دولتيْ تشاد وجنوب السودان وأخيراً يوغندا ، ذو أبعاد بالنزاع، حيث ظلت كلٌّ من جوبا وأنجمينا دولتيْن فاعلتيْن في قضية دارفور بالإضافة إلى كمبالا التى انضمت مؤخراً إلى قائمة تلك البلدان، وتمثلان مراكز أساسية لقادة الحركات المسلحة طيلة الفترة السابقة؛ وسط تلك الأوضاع باتت إرهاصات فتح الملف الدارفوري مجدداً واردة الاحتمال، بعد أن مضى أكثر من عاميْن على اتفاقية الدوحة، التي أبرمت في 15 يوليو 2011م بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة والتحاق العدل والمساواة فصيل دبجو بها، ومنذ توقيع الاتفاقية يرى بعض المراقبين أن اتفاقية الدوحة حتى الآن لم تفلح على الأقل في توفير الأمن بالإقليم، بجانب أن النازحين واللاجئين لا زالوا في انتظار االعودة الطوعية مقابل تجدد الصراعات القبلية وانفجارها بالإقليم؛ لذا ليس أمام الأطراف غير العودة لإمكانية إجراء تسوية شاملة، وهو ما أعلن عنه شمباس في التقرير الذي قدمه إلى مجلس الأمن الدولي في يوليو من العام الماضي؛ ووقتها قال إنه اتفق مع الحركات على عقد لقاء تشاوري في تنزانيا، للتفاكر حول أفضل السبل لحل مشكلة دارفور سلمياً، وعقب ذلك التقرير أصدر مجلس الأمن والسلم الإفريقي بياناً طالب فيه الحركات غير الموقعة بالدخول في محادثات سلمية لحل النزاع القائم في دارفور، وفيما بعد تبنى مجلس الأمن الطرح المقدم من الاتحاد الإفريقي، وطالب الحركات الرافضة بالتفاوض مع الخرطوم في إطار وثيقة الدوحة، إلا أن العقبة بين الأطراف تدور بشكل رئيسي حول اتفاقية الدوحة، التي ترى الحكومة أنها تشكل الأساس لأي تسوية قادمة، كما أن حركة التحرير والعدالة ظلت تدعو رافضي الدوحة إلى الانضمام إليها، ولكن الحركات المسلحة ظلت غير عابئة بالهتاف ولم تبرح محطة الوقوف على الضفة الأخرى، وتتمترس رافضة للدوحة، بل ترفض أن تكون أساساً لحل مشكلة الإقليم. ويرى قادتها وفقاً لحديث الناطق الرسمي للعدل والمساواة جبريل بلال، أنهم يسعون لحل شامل في إطار تحالف الجبهة الثورية الذي يضم الحركات الدارفورية والحركة الشعبية قطاع الشمال، الذي بدوره يرفض تجزئة الحلول، ويصر على موقف تفاوضي موحد لكل الأزمات السودانية، بينما ترى الحكومة السودانية أن هنالك اختلافات موضوعية تحتم حل كل مشكلة على حدة. وعلى الرغم من إصرار قادة الحركات على توحيد الموقف التفاوضي، إلا أن مراقبين يؤكدون أن مكونات الجبهة الثورية تحمل توجهات مختلفة؛ فالآن حضر قادة الحركة الشعبية شمال إلى أديس أبابا للدخول فى تفاوض مع الحكومة وهو الامر الذى يضع مكون الجبهة الثورية فى محك الوجود، لكن ربما يفرض واقع الإقليم وتطورات الأوضاع الجارية سيناريوهات أخرى في أزمة الإقليم، ويجترح طرقاً أخرى لحل الأزمة.