:: ومن غرائب أخبار الأسبوع الفائت: وزير الصناعة يقود وفداً رفيع المستوى و(يدخل كنانة).. وكنانة التي يدخلها وزير الصناعة والوفد المرافق له، بحيث يصبح هذا الدخول (مانشيتاً)، ليست (حلايباً) يراد استردادها من مصر، ولا ب(كاودا) يراد تحريرها من قوات الجبهة الثورية، بل هي مجرد شركة للسودان فيها نصيب.. ولكن، لعدم استقامة الأشياء في بلادنا، كانت مراجعة حسابات شركة كنانة عصية على (المراجع العام)، رغم أنف القانون.. ولذلك، ليس في الأمر عجب، أن يصبح خبر مراجعتها لهذا العام (اقتحاماً)، بتشريف وزير الصناعة (شخصياً)!!. :: فالحكومة، بعجزها عن تطبيق قانونها طوال العقود الفائتة، هي التي حولت شركة كنانة إلى (دولة داخل دولة).. أي كما كانت شركة الأقطان، وكذلك شركات السدود وأخريات رفعت عنها الحكومة (رقابة المراجع)، فحدثتها نفسها بأنها أكبر من (الرقابة والمحاسبة)، حتى كشفت الأيام (قُبح حساباتها)، بالصُدفة وليس بالمراجعة العامة.. والمؤسف: سنوياً ظل المراجع العام يقدم لأجهزة البلد التشريعية والتنفيذية قائمة الوحدات والشركات الخاضعة للمراجعة العامة بأمر القانون، ولكنها ترفض الامتثال لأمر القانون، وظلت تلك الأجهزة التشريعية والتنفيذية تغض الطرف عن مساءلة هذه الوحدات والشركات (الأكبر من قانون بلد)!!. :: لا يُوجد أي نص في اتفاقية شراكة الدول المؤسسة لشركة كنانة، يمنع المراجع العام من مراجعة حسابات الشركة، ولكن بالبلد نص قانوني صريح يُلزم أي شركة للشعب فيها من الأسهم (20%) أو أكثر؛ يُلزمها بإخضاع حساباتها للمراجع العام.. وأن تُراجع شركة كنانة حساباتها بواسطة مراجع دولي أو إقليمي، فهذا شيء آخر، ويخص النظام الإداري للشركة، ولكن هذا المراجع -دولياً كان أو إقليمياً- لا يمنع شعبنا من معرفة حسابات شركته بواسطة (مراجعه السوداني).. وكان على العضو المنتدب -من قبل الشعب- بكنانة، أن يكون أكثر الناس حرصاً على مراجعة حسابات من انتدبه -ليكون ممثلاً له في الشركة- بواسطة مراجعه الموثوق به والمعتمد (رسمياً وشعبياً)، بدلاً عن التلكؤ والرفض ثم الخضوع لهذا المراجع (مكرهاً لا طوعاً)!!. :: لماذا تخشى -أو ترفض- إدارة كنانة من إخضاع حساب الشركة للمراجع العام؟.. فالتبرير بأنها تُراجع حساباتها بواسطة مراجعة عالمية (غير مقنع)، وخاصة أنها لم تكن تعرض حتى تقارير المراجعة العالمية للبرلمان، ليعرف المواطن (ما له وما عليه)، هذا ما لم يكن هذا المواطن مجرد (لافتة)، أو يُريد النهج الإداري بالشركة.. ثم التبرير بأن مراجعة الشركة بواسطة المراجع العام تضر بالاستثمار وتعوقه؛ فهذا أيضاً (غير مقنع). إذ أن كنانة ليست الشراكة الاستثمارية الأولى بالبلد، لتبرر بعض الأقلام بهذا التبرير، إذ سبقتها شركة موبيتل التي كانت بذات وضع كنانة، وكانت تخضع حساباتها للمراجع العام، قبل أن تبيع الحكومة أسهمها بالكامل وتصبح (شركة زين)!!. :: ومن المآسي: ما إن تحركت وزارة العدل إلى تصحيح أخطاء العقود الفائتة، وإخضاع حسابات كنانة إلى مراجعة المراجع العام، حتى شرعت أقلام عزيزة في الدفاع عن شركة كنانة، وذلك بتبرير موقفها الرافض للمراجعة العامة.. منهم من برر قائلاً: (ليه يراجعوها بعد 35 سنة؟)، وكأن الرجوع إلى الصواب خطيئة.. ومنهم من برر قائلاً: (كنانة استثمار ناجح)، وكأن النجاح يعني ترك الحبل على غارب الناجح، بلا مراقبة أو محاسبة.. ومنهم من برر قائلاً: (كنانة بتراجعها شركة عالمية)، ولم يسأل نفسه حتى عن تقارير هذه الشركة العالمية، ولمن تُعرض؟.. المهم، علينا -كصحافة ومجتمع وسلطات حاكمة- أن نحترم قوانين بلدنا، ونحرص على حماية هذه القوانين بحيث تُطبق على الجميع بالعدل، وليس بالمحاباة و(خيار وفقوس).. شركة كنانة -بأسهم شعبنا- جزء من اقتصاد الدولة، وليست (دولة)!!.