عرض اللواء محمد عجيب محمد رئيس تحرير القوات المسلحة فيلما وثائقيا لمسيرة الفريق محمد بشير سليمان الذي كان نائبا لولاية كردفان عن المؤتمر الوطني والمنسلخ الآن إلى حزب (الاصلاح الآن) عقب اعفائه مباشرة من الوزارة.. ثمة ملاحظة صغيرة في اوجه الشبه بين القادم الجديد الى (الاصلاح الآن) وبين زعيمه الدكتور غازي صلاح الدين فالاثنان انتقلا دون تدرج ولا سابق إنذار من السلطة الى المعارضة مباشرة بدون فترة استراحة (عشرة دقيقة صفا).... وهذا يدلل على أن جيب الجنرال كان مع الحكومة وقلبه كان مع المعارضة أيا كانت دون أسس أو مبادئ وأهداف واضحة لان (الاصلاح الآن) نفسه ليس لديه منهجية واضحة ولا أيدلوجية أو مبدأ ثابت. ويظهر ذلك في كل إجابات الدكتور غازي على الاسئلة المفصلية حينما سأله الطاهر حسن التوم في برنامج (حتى تكتمل الصورة) فقد كانت اجابات الدكتور مترددة وغير واضحة. ونحن عندما كنا في المدارس وتكون الاجابة على السؤال بلا أو نعم كنا نكتب عند التردد (لا) كبيرة وبجانبها (نعم) صغيرة.. وهي نفسها كانت طريقة إجابات الدكتور غازي على الاسئلة الآتية:- سأله الطاهر (كيف ترى علاقة الدين بالدولة حسب تصريحاتك السابقة السالبة؟) اجاب:- (إن كثيرا من المسلمين لا يلتزمون بالمعايير الاخلاقية في بريطانيا فيكون متدينا ظاهريا وفاسدا أخلاقيا.. وأنا لم أقل أن يفصل الدين عن السلطات ولكن هناك إشكال داخلي فبعض الناس لديهم أن النظام يفصل بين الاسلام والسياسة ولكن لا يفصل بين الدين والاخلاق!!. ففي هذه الاجابة الحائرة اجاب الدكتور ب(نعم) كبيرة وجاء وكتب بجانبها (لا) كبيرة ايضا.. فهو يقول إنه لا يقول بفصل الدين عن الدولة ولكنه وعلى لسان آخرين قال إنه مع فصله عن الدولة ولكن لا يوافق على فصله عن الاخلاق!! فيا دكتور الناس لم يطالبوا بفصل الدين عن الاخلاق ولكن يطالب العالم كله والذين ذكرت بفصله عن الدولة.. فهم يعرفون مطلبهم تماما كما نعرف نحن مقصدهم تماما.. السؤال الثاني:- (على خلفية ذكر الدولة العلمانية هل ما زلت على رأيك؟). اجاب الدكتور: (أقول للعلمانيين ماذا تريدون؟ لا تسقط الدولة الثيوقراطية أو الدولة المسيحية على الواقع الاسلامي والمسلمين وإذا كان العلمانيون يقولون إن الحاكم غير مفوض من الله فهذا صحيح ومن حقهم، والسنة يقولون إنه لا يوجد في الشريعة أن الحاكم مفوض من الله!! ولذلك اكرر سؤالي ماذا يريد دعاة العلمانية؟ هل نتجادل في المصطلحات؟ يجب أن ننظر الى الواقع، ونحن ضد استخدام الشريعة لتكريس السلطات والشريعة تعني احقاق الحق وإقامة دولة العدل.). قبل التعليق فالدكتور قال من قبل ذلك إن الشريعة الاسلامية لم تحقق مطالب المجتمع ولم تحل مشاكله وبالتالي يجب تجاوزها!!.. فإجابة الدكتور واضحة تماما ومؤيدة للعلمانية في أن الحاكمية ليست لله ويطمئنها بأن مطالب المسلمين بالشريعة مجرد مصطلحات لا تسمن ولا تغني من جوع وإنما يتخذها هؤلاء لتكريس السلطة!! فيا دكتور هل كنت أنت تصارع من أجل إقامتها بل وتقاتل من اجلها منذ 1976م وحتى خروجك الكبير عنها في اواخر عام2013م من أجل السلطة؟! يعنى تصارع من أجل السلطة قرابه الخمسين عاما وتأتي الآن لتتنكر لها وقد بلغت من العمر عتيا؟! فإن اتضح لك أنك كنت تائها خمسين عاما ولا تدري ماذا تريد فكم تريد منا أن ننتظر تجربتك وفكرتك الجديدة قبل أن تأتي وتتنصل عنها هي أيضا؟!! لأن الشيخ الترابي قد سبقك الى ذلك فقد تنصل عن نضال الخمسين عاما أيضا واتخذ طريقا في البحر سربا ثم عاد الآن سيرته الاولى! فالشعب هذا يا دكتور ليس حقلا للتجارب ثم أنه في أمر هذه الشريعة واضح جدا ولا يحب اللف والدوران حولها وأنت نفسك قلت ذلك في إجابة السؤال الثالث التالي:- سأله الطاهر حسن التوم:- هل ستدعو الى الشريعة في الدستور؟ أجاب: (الدساتير تؤسس وفقا للحوار بين الاحزاب، و(الاصلاح الآن) هو حركة تأوي المسلم وغير المسلم ولا يوجد اتجاه ايدولوجي داخل الحركة ويجب علينا أن نلاحظ ونستفيد من التجربة المصرية والتونسية.. وعندما انتقدت الحركة الاسلامية كان رأيي أن الحركة يجب أن تتوجه الى الدعوة وليس الى السلطة.. لأن سلوكها في السلطة خصم على الإسلام وأنا ضد الوصول للسلطة بانقلاب عسكري ولا يجب أن تدخل الحركة المعمعات السياسية..) انتهى حديث الدكتور غازي صلاح الدين.. وللمرة الالف (انحنا جنينا أم عقولنا نصاح؟). طيب يا دكتور الآن فقط بعد إبعادك عن السلطة صرت لا تعترف بسبل الوصول اليها؟! أنسيت معركة دار الهاتف والتي كنت انت تحمل فيها السلاح في هجوم ما يسمى بالمرتزقة؟، أم نسيت انقلاب الانقاذ؟! ربع قرن من الزمان تتقلب في الوظائف التنفيذية والوزارت وكنت تمسك بكل الملفات الشائكة والخطيرة في الجنوب ودارفور وغيرهما.. وتأتى الآن لتقول إن كل ذلك كان خطأ كبيرا؟! وتطالب اخيرا بإبعاد الشريعة وإلغاء حاكمية الله في ارضه لصالح الأحكام الوضعية لانجلز ولينين (الاكثر نفعا لخلق الله!!) كما تقول كما حدث في تجربة تونس ومصر اللتين اخرجتا بالضغوط التشريعات الاسلامية بالكلية من دستوريهما؟!. قد يكون فيما يقول الدكتور (دردقة) للعلمانية للدخول في الحوار ولكننا لن نرهن مصير عقيدتنا وشريعتنا للتكتيكات السياسية للبشر، فمن يضمن منا أن يعيش الى غد لنرجِع ثوابتنا بعد قومة النفس؟ ثم نسأل الدكتور "من غير المسلمين معك في (الاصلاح الان))؟!. فغير المسلمين لن يدخلوا معك إلا إذا ضمنت لهم الغاء القوانين الاسلامية وايدلوجيتها بالمرة.. سعادة اللواء محمد عجيب وصف خروج الفريق محمد بشير سليمان من الحكومة الى (الاصلاح الآن) كما فعل قبله زعيم الاصلاح بظاهرة السياسيين (البُرق) بمعنى التلوين في المواقف.. فقال.. (ساسة يخرجون علينا كل يوم بلون جديد بسبب البحث المستمر عن أضواء الاعلام وبهرج السلطة وبريقها الزائف، إذا أُعطوا منها رضوا وإذا لم يُعطوا إذا هم يسخطون!! ساسة يتعرضون لأشعة الاعلام لا لشيء اكثر من البحث عن التميز عن بقية خلق الله مثل ما اصاب تعرضهم لبريق الاعلام ما اصاب وجوه بعض (مدمنات) التغيير وتبيض البشرة عن طريق الكريمات.. ساسة أقدامهم في السلطة ووجوههم مع المعارضة.. يطمعون في ما عند معاوية ويصلون خلف علي، مذهبهم السياسى أن طعام معاوية ادسم لكن الصلاة خلف على اقوم.. ولو أن مسجل الاحزاب والتنظيمات السياسي اصدر لائحة لفك التسجيلات لكان خيرا لتخفف حدة الارتباك الذي ينتظم الملعب السياسي هذه الايام.. قبل أيام أعلن نائب والي ولاية شمال كردفان السابق الفريق محمد بشير سليمان انسلاخه من المؤتمر الوطني وانضمامه لحزب (الاصلاح الآن) المقترح لصاحبه د.غازي صلاح الدين العتبانى الذي يمتلك اكثر من 90% من أسهمه السياسية فات على سيادته أن الاحزاب في السودان ليست احزابا سياسية بالمعنى المفهوم.. الاحزاب عندنا غالبها مواقف سياسية من بعض المغاضبين الخارجين على ولاءاتهم القديمة وهى في معظمها ردود أفعال غاضبة والبقية الباقية من الاحزاب مجرد تاريخ وذكريات واشواق وعواطف.. هي أحزاب اكثر ما فيها من الانتماء الوجد والشجن اكثر من اتباع الفرائض والسنن.. ولعل بعض ما فات عليه أن الارضية الفكرية والسياسية التي تقف عليها تلك الاحزاب التي تخرج علينا فجأة فتلك الارضية مجرد رمال متحركة ومواقف تذروها الرياح وتعصف بها التقلبات عند أول (وثبة)، فمن مطلوبات التثبت قبل القفز فوق الحواجز السياسية واتخاذ المواقف الآمنة القراءة الجيدة للملعب وعوامل الارض المعروف وتقدير الموقف التعبوي عسكريا والاستراتيجي سياسيا فلابد من دراسة الارض التي تقف عليها القوى السياسية والتي ستقفز عليها العملية التقديرية للموقف السياسي. وشاهدنا على ذلك الحمى التفسيرية لموقف المؤتمر الشعبي هذه الايام من المؤتمر الوطني التي تتاورها أقلام وتحليلات الاعلام بانها كانت مجرد مسرحية.. فهل يأمن بعد ذلك سعادة الجنرال من أن يكون انشقاق الدكتور غازي ليس اكثر من فصل من فصول مسرحية الشيخ الترابي؟! فعندها يكون سعادتو قد وضع بيضه كله في سلة واحدة.. ويكون بذلك قد دخل حجرا يتقن اصحابه فنون ومذاهب دخول القصور الرئاسية ومخارج السجون الاحتباسية.. فسعادة الفريق بعد أن اجريت له بعض عمليات التجميل وطلاء وشد جلد في بعض الصحف طفق يحدث الناس بسوءات المؤتمر الوطني وتوعد بكشف المزيد وذلك بعد أيام قليلة كان فيها رأس الأمر وعموده وذروة سنامه في حكومات (الوطني) التي اظهرته ولمعته للناس فصار بفضلها عَلَما. وما اكثر الجنرالات الذين ذهبوا بنضالهم بكل هدوء ووقار.. فلماذا إذاً يرفض أهل اليسار البصق على آنيتهم ويتفل بعض الاخوان جهارا على تاريخهم ونضالهم ومبادئهم التي قاموا عليها؟ لماذا يبصقون عليها وهي لينة قبل أن يجف صحنها؟!. عثمان محمد يوسف الحاج