محمد الأمين ياسين خبير أمن المنشآت والمؤسسات المالية لا شك أن الخلاف الذي حدث بين منسوبي أمن الطيران المدني و بين أفراد شركة الهدف للخدمات الأمنية العاملين في تأمين و حراسة المداخل والبوابات الخارجية و الداخلية لمطار الخرطوم ، كانت له مدلولات و أسباب مباشرة و غير مباشرة.أوضحت أن الاتفاق المبرم بين إدارة الطيران المدني وشركة الهدف تم دون دراسة وافية لعملية خصخصة وإسناد الخدمة لشركة الهدف (المتعهد)بحسب أن الاتفاق كانت تنقصه دراسة الجدوى المتعمقة والنظرة الاستراتيجية التعاقدية لنمط و نوعية العلاقة الخدمية بين الطرفين .و هو الامر الذى تم توضيحه في النقاط التالية *أولاً: *جرت العادة أن تتم التعاقدات المبرمة قانونياً بين شركات الخدمات الأمنية (كمتعهد) و بين عملائها من الجهات المستفيدة من الخدمة في القطاع العام و الخاص تحتاج لدراسة شروط ومتطلبات العطاء(المناقصة)المطروحة من قبل طالب خدمة الأمن و السلامة لتنفيذ خصخصة وإسناد الخدمة(Privatization &Outsourcing )من حيث نوعية الموارد البشرية المطلوبة لتنفيذ الخدمة ( *مع أهمية وضعية كيفية الاستفادة من استيعاب العنصر البشري لمنسوبي طالب الخدمة الحاليين لطالب* *الخدمة بالشركة المتعهدة للخدمة التي يرسو عليها العطاء كأولوية لأن الخدمة تعتمد في الأساس على العنصر البشري*)كذلك الشروط المتعلقة باساليب التنفيذ من توفير لكافةأنظمةالعمل التشغيلية الفنية والخدمية واحتياجات الخدمة من المصادر والمعينات بشكل واضح وموثق في إطار ما يتعارف بالاتفاقية الاستراتيجية التحالفية (Strategic Alliance Agreement)وهنا تكون الشركةالاحترافية مسؤولة عن تأمين كافة احتياجات و متطلبات الخدمة. و تفرد حيزا كبيرا بوضعية الموارد البشرية من حيث التدريب و التطوير و رفع المستوى واكتساب المقدرات الأمنية العلمية و العملية مع التوجيه والرقابة (الإدارةوالأشراف)( (Management& Supervision وصولا الى المستوى الأمني المطلوب و النتائج الإيجابية. *ثانيا :* أن مفهوم الاتفاقية الاستراتيجية التحالفية لطرفي التحالف لا تبنى على الارتجالية بل على التمحيص من واقع الأسس التالية: *-1-* أن تقوم إدارة الطيران قي طرح عطائها لتامين خدمات الأمن و السلامة (الأولية)في إطار الخصخصة و الإسناد أن تهتم أولاً في تهيئة مناخ العمل الذي يتوافق مع ظروف منسوبيها لشرط أساسي في عطائها بعد الجلوس مع كوادرها الأمنية لشرح مغزى الخصخصة و إسناد الخدمة لمتعهد خارجي- من شروطها استيعاب كوادرها الأمنية الذين يوافقون على نقل خدماتهم للشركة المقاول(التي يرسى عليها العطاء بعد موافقتهم بعد إجراء المعاينات الوظيفية كالكشف الطبي و العمر و من ثم الموافقة على شروط التوظيف الإدارية و المالية و للوائحها و نظم العمل بها وفقا لأنظمة العمل و الشؤون الاجتماعية الرسمية فمن يرغب منهم يتم الاتفاق معهم بالتراضي على نقل خدماتهم وتوقيع عقود العمل مع شركة الهدف بعد تسوية الطيران المدني نهاية خدماتهم و دفع حقوقهم المالية كاملة مع حافز مجزي. أم من لا يوافق منهم و لديهم مؤهلات علمية وعملية و خبرة تؤهلهم للاستمرار في الخدمة فيمكن للطيران المدني استيعابهم في وظائف أخرى بدون اللجوء الى إنهاء خدماتهم. *-2-*هذه النقطة مرتبطة بما سبقتها لكي لا يحدث ما حدث مؤخرا من تضارب للمهام و الواجبات المناط بها منسوبي كلا الطرفين و أدت الى الفوضى في مرفق حساس و حيوي.كان يمكن أن تحدد مسؤوليات ومهام كل طرف حسب موقع منسوبيه دون تداخل في تنفيذ الخدمة! و على الشركة المتعهدة الإستفادة من من يرغبون من منسوبي الطيران المدني بحكم خبرتهم و معرفتهم بمواقع الخدمة بخارج وداخل المطار سوف يلحقون بوظائف إشرافية أو في مركز العمليات . *ثالثاً:* جرت العادة منذ الألفية السابقة أن معظم القطاعات العامة والخاصة تبني أعمالها غير الأساسية للخصخصة والإسناد للشركات المتخصصة و الاحترافية لهدف الفوائد التالية. *-1-* رفع كاهل المعاناة الإدارية(لمواردها البشرية و مصادرها) بالإضافة إلى متطلباتها الفنية التشغيلية و الخدمية و التأمينية عن المؤسسة التي تطرح عطائها لمشاريعها لمتعهد متخصص ترسى عليه المناقصة من أجل تفرغها إلى أعمالها الأساسية. *-2-* توفير الجهد وترشيد المال وتقليص جهات الصرف في موازناتها التخطيطية و الإستفادة من هاتين العنصرين في التطوير و التحديث و الجودة. *-3-* رفع المسئولية و المساءلات القانونية و التأمين على المخاطر من قبل الطيران المدني و تحميلها لشركة الهدف المتعهد *. * *-4-* أن الخصخصة في مؤسسات القطاع العام و اسنادها لشركات خدمية متخصصة تمنع و تحد من تسيب العمالة و عدم مبالاتها (كما في القطاع الحكومي-الميري) و تجاهلها لأداء مهامها و واجباتها الأساسية لضعف الرقابة و المحاسبة مع المحسوبية- لكن الشركات الاهلية الخاصة لها أنظمة ولوائح إدارية ومالية تطبقها على منسوبيها للأداء السلبي و الإيجابي لضبط وتيرة العمل و إنسيابيه بكل مسئولية ومستوى اداء متميز. *-5-* أن أساليب خدمات الأمن و السلامة في كافة مراحلها تكون على مدار الساعة ((24x724 ساعة يوميا سبعة أيام في الأسبوع عن نظام عمل نوبات خدمة الأمن و السلامة خاصة في المؤسسات الحساسة كالمطار لذا هنا ديمومة استمرارية الخدمة يوميا على مدار الساعة مهمة ولقد تأكد أن منسوب الجهة الحكومية لا يلتزم بها بقدر ما تتقيد بها الشركات المتعهدة بتأديتها وفقا لأنظمتها المتشددة في هذا الخصوص مع أفرادها حتى في الظروف الطارئة لتغيب أحد أفرادها يتوفر البديل و لديها قوة إحتياطية من منسوبيها لتغطية العطلات الرسمية و الأعياد و المواسم بدون ترك أية ثغرة في مواقع الخدمة. *-6-* لا شك أن ما حدث بين منسوبي أمن الطيران المدني و منسوبي شركة الهدف حدث لجهل الجهات الإشرافية الميدانية في المقام الأول وليس إدارتي الطرفين- و هذا راجع لعدم التنسيق و بمترس كل جهة بأنها المسؤولة المباشرة و كانت النتيجة ما حدث . هنا لابد من أن يفهم منسوبي أمن الطيران المدني أن شركة الهدف للخدمات الأمنية هي شركة شبه حكومية متخصصة مرخص لها للاضلاع بتأمين خدمات الأمن و السلامة لها باعها الكبير في تأمين الخدمة الأمنية للعديد من مؤسسات القطاعين الخاص و العام و الشركات الأجنبية العاملة بالبلاد من واقع خبراتها وترسيخها لتطوير و تدريب منسوبيها من قبل قيادة مقتدرة و ناجحة بكل المقايس توفر كافة احتياجات خدمة الأمن و السلامة كما أن منسوبيها و كافة العاملين بها سواء كانوا في المركز أو الميدان سودانيون و ليسوا غرباء وافدين ووفقا لشروط التعاقد و نظم العمل و العمال لهم الحق في أن يحلوا محل منسوبي جهة التعاقد دون مساس لوضعيتهم و لحقوقهم التي تقع فقط على عاتق ادارة الطيران المدني دون سواها. في الختام أود أن أنوه الى أن مثل هذه الإشكالية التعاقدية دائما ما تحدث بين منسوبي جهة التعاقد و المتعهد و لقد عايشتها ابان سنوات خدمتي بشركة المجال *G4* بجدة(شركة سعودية بريطانية) لخدمات الأمن الصناعي و تأمين المؤسسات المالية و المصارف- لكن تمكنا من تجاوزها بواقع إبرام اتفاقيات استراتيجية تحالفية كشركاء مع عملائنا في دراسة صيغ مناقصاتها و عمل دراسات دقيقة عن كوادرها الأمنية و حدود مسئولياتنا تخوفا من حدوث أية معوقات للخدمة خاصة فيما يخص موضوع عمالة المشروع تؤثر على مسار منظومة الخدمة وعلى مؤسسات العملاء خاصة الحيوية و الحساسة. و الله من وراء القصد