أمريكا.. عندما ترفع الجزرة! تقرير: خالد أحمد هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته كل التقارير التي كانت تعد وترسل إلى واشنطن العاصمة كانت تقول إن هذه البلاد لا تحتمل التغيرات الراديكالية، فالسلاح لا يحل وحتى التغيير الجماهيري قد يفك عقدها وهذا الأمر انعكس لاحقاً على كل السياسات التي أصبحت تعتمدها أمريكا تجاه السودان، وبعد أن كانت واشنطن ترسل المال للرجال الذين يحاربون الخرطوم أصبحت اليوم ترسل الرسائل الخشنة لمن يحملون السلاح ضد نظام البشير، وتقول لهم دون أن "يحمر وجهها" بأنها لا تريد حل حرب وإنما عبر الحوار والتسوية السياسية. السفارة الأمريكيةبالخرطوم أعلنت ترحيبها بالحوار الوطني الذي يجري هذه الأيام والقرارات التي صدرت بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ورحبت بدعوة الرئيس البشير للحوار مع القوى السياسية. وقالت السفارة في بيان لها إننا نرحب بقرار حكومة السودان بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الذي أعلنت عنه في خطاب الرئيس البشير أمام البرلمان، وتبدي السفارة ملاحظتها أن الحكومة أفرجت عن المجموعة الأولى من المعتقلين الذين يبدو أنه تم احتجازهم لأسباب سياسية. كما أكدت السفارة ترحيبها بدعوة الرئيس البشير لجميع القوى السياسية للحوار مع الحكومة، مؤكدة التزامها بتعزيز السلام، والوحدة، والسودان الشامل، الذي من شأنه أن يعود بالفائدة على كل البلدان والشعوب. التحول الكبير منذ قدوم الرئيس باراك أوباما للحكم تغيرت السياسة الأمريكية تجاه السودان بشكل كبير حيث عملت على محاصرة النظام في الخرطوم ولكن بدرجة حصار يقوم على إنهاكه، ولكن لا يسقطه بأي حال من الأحوال حيث تجدد كل عام العقوبات وسعت في الفترة الأخيرة بأن تدفعه دفعاً نحو التسوية السياسية خاصة بعد انتهاء مشكلة الجنوب بانفصاله ولكن تجدد الحرب في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور عرقل الخطوات التطبيعية التي كانت تسير فيها واشنطن تجاه الخرطوم. واشنطن بترحيبها بالحوار الذي يجري الآن تعطيه دفعة للأمام خاصة وأنه يأتي وفق خطتها لإيجاد تسوية سياسية سلمية تضمن وقف الحرب وحد معقول من الحرية السياسية لذلك يتوقع مراقبون بأن تعمل واشنطن في الفترة المقبلة على تركيز جهودها لإيجاد هذه التسوية وقد يتم إرسال المبعوثين لمتابعة هذا الملف خاصة وأنها تحس بأن نظام الإنقاذ جاد في عملية التحول. المحلل السياسي إدريس مختار أشار إلى أن أمريكا تريد أن تحافظ على مصالحها وتسير من هذا المنطلق ومصلحتها أن يحصل تغيير سلس يضمن مشاركة المجموعات المقربة منها. وأضاف مختار في حديث ل(السوداني) أنه حتى الإنقاذ أصبحت ليست عدواً لأمريكا بل تتعاون بشكل كبير في بعض الملفات خاصة المتعلقة بالإرهاب مشيرًا إلى أنه في حالة نجاح هذا الحوار سيحصل تحول كبير في العلاقة بين واشنطنوالخرطوم وقد تبدأ بخطوات حذرة ولكن في نهاية الأمر إذا جرت تسوية سياسية حقيقية لن يكون هنالك سبب في التطبيع بين الجانبين. فيما قال المحلل السياسي د. الطيب حاج عطية في إفادة سابقة ل(السوداني) إن الأمريكان في حيرة من أمرهم لتحديد مداخل استراتيجيتهم وأولوياتها تجاه السودان، ويضيف عطية أن المصالح الأمريكية هي التي تحكم ترتيب تلك الاستراتيجيات والأجندة ولكنه ينبه إلى أن هذه المصالح مبهمة ومعقدة، وهو ما يتسبب في إرباك الحكومة السودانية التي قد تكون في حال متابعة ومباحثات مع الخارجية الأمريكية بينما يكون القرار الفعلي في يد واحدة من الشركات الضخمة ذات التأثير أو جماعة ضغط. وأشار إلى أن هذه التعقيدات تدفع واشنطن للنظر للسودان بأكثر من عين وبشكل يفوق القنوات الرسمية الحالية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن السفارة الأمريكيةبالخرطوم تعد الأكبر من نظيراتها بالقارة وهو ما يعكس الاهتمام الأمريكي بالسودان بشكل يفوق شكل العلاقات الحالية، ليس ذلك فحسب بل هي ووفقاً للكثير من التقديرات تعتبر محطة التنصت الأكبر لوكالة المخابرات الأمريكية خارج الأراضي الأمريكية، مما دفع المحللون لاعتبار ذلك دليلا على دفء العلاقات بين الأجهزة الأمنية بين البلدين. عطية أشار إلى أن أمريكا تضع استراتيجتها وفقاً لثلاثة سيناريوهات يجري العمل فيها بشكل متزامن، أول تلك السيناريوهات وهو الرئيسي يتعلق بالدفع لإجراء تسوية لإحداث تحول سلمي مسيطر عليه بين مكونات المشهد السياسي يفضي لنظام تعددي، أما السيناريو الثاني الذي تتحسب له واشنطن فيتعلق بحدوث انقلاب داخل الحكومة بشكل ناعم، أما السيناريو الثالث فهو ما يتعلق بالطوارئ كخروج الشارع، أو أي تطورات فيما يعرف بالنقاط الساخنة. مواصلة العمل يرى مدير مركز السلام والتنمية والديمقراطية بجامعة ماساتشوستس ببوسطن ميشيل كاتي في حديثه ل(السوداني) أن الإدارة الأمريكية لن ترحب بتغيير النظام الحاكم بالسودان بقيادة البشير إن لم يكن نتيجة عملية ديمقراطية منظمة، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية تفضل مواصلة العمل مع النظام الحاكم الحالي بالسودان على الرغم من مذكرة المحكمة الجنائية ضد الرئيس البشير وذلك للتعامل مع اثنين من القضايا العالقة أولأهما حل النزاعات العالقة بين السودان ودولة الجنوب خاصة وأن الإدارة الأمريكية كانت داعماً رئيسياً للحركة الانفصالية بالجنوب فمن مصلحة واشنطن الدفع بعملية السلام، وثانيتهما أزمة دارفور والتي أصبحت تشغل الناشطين الأمريكيين بصورة كبيرة على الرغم من أن الاهتمام بها تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة، ويلفت كاتي إلى أن الولاياتالمتحدة ترحب بوضوح بتطور السودان كدولة ديمقراطية خالية من العنف، وترغب في أن يلعب السودان دوراً إقليمياً لتحقيق السلام والتنمية للدول المجاورة بجانب أن يكون السودان حليفاً لها ضد الجهاديين المتطرفين والجهات التخريبية الأخرى.