:: قبل أسابيع، اتصل ياسر عركي ونسرين نمر، وطلبا المشاركة في إحدى حلقات برنامجهما المتميز (حالة استفهام)، وكانت الرقابة الدوائية هي محور النقاش، فوافقت بشرطين، أحدهما أن يكون الطرف الآخر حاضراً، وأن يكون النقاش بالوثائق، وخاصة أن القضية مثار النقاش حساسة للغاية، ولا تحتمل (طق الحنك)، بلا براهين. وبعد الموافقة، اتصل عركي ونسرين بالطرف الآخر، وهما الأمين العام لمجلس الأدوية ورئيس شعبة الأدوية، فرفضا وجودنا معهما في الحلقة، ثم وافقا بعد ملاحقتهما بالاتصال. ولكن، أغلقوا هواتفهم قبل نصف ساعة من زمن البث، و(هربوا).. وتم بث الحلقة - وأخرى - بعد هروبهم عن مواجهة (لغة الوثائق). :: فالحقائق التي بثها البرنامج في الحلقتين، كانت صادمة للرأي العام ولدوائر حكومية، لحد تشكيل لجنة تحقيق حول الملفات التي أثيرت في الحلقتين، ولجنة التحقيق التي تم تشكيلها للنظر في تلك الملفات (موضوع تاني)، غداً بإذن الله.. المهم، صدى الحلقتين وتشكيل لجنة التحقيق، لم يعجبا الطرف الهارب من المواجهة، وهما الأمين العام لمجلس الصيدلة، ورئيس شعبة الأدوية، فشرعا في الاتصال بكل فضائيات السودان - بما فيها النيل الأزرق ذاتها - لتستضيفهما بغرض الرد على تلكما الحلقتين، فرفضت كل الفضائيات واشترطت مواجهة مكتملة الأركان والأطراف، ما عدا (قناة الخرطوم)!!. :: ولأن إطلالتهم بالرد عبر أحد برامج قناة الخرطوم، لم يتأثر بها غير مخرج البرنامج وربما مدير القناة، شرعوا في الاتصال مرة أخرى بقناة النيل الأزرق، ولكن عبر الدكتور أحمد بلال، وزير الإعلام والمشرف العام على المسمى سياسياً وإعلامياً -عامئذ- ببرنامج (توطين العلاج بالداخل).. ومن مركز القوى، وليس من موقع الإعلام المهني، نجح أحمد بلال في إزعاج إدارة النيل الأزرق، وفريق برنامج (حالة استفهام)، لحد التضحية بساعة زمن، بثَّ خلالها الأمين العام لمجلس الأدوية وثلاثة آخرون حزمة أكاذيب، تفتقر إلى الشرعية القانونية والمهنية العلمية. :: قال أحدهم، البروف عبد الله عمر الخواض، رداً على اختلاف فترات صلاحية بعض أدوية السودان، عن فترات صلاحية بعض أدوية العالم العربي؛ قال بالنص الموثق بالبرنامج: (عادي جداً، ممكن أي مصنع يصنع للسودان دواء صلاحيته خمس سنوات، ويرسل نفس الدواء لأمريكا بفترة صلاحية ثلاث سنوات، عادي جداً، وما فيها حاجة)، قالها البروف الخواض هكذا - بكل بساطة - وبلا أي حياء حتى من طلابه، الذين يدرسهم علوم الصيدلة وقوانينها، بجامعة مأمون حميدة. مثل هذا الموقف المشين هو ما سمّاه البروف الطيب زين العابدين ذات يوم ب(تزلف العلماء)، أي لي عنق المهنية وغض النظر عن القوانين - وكسير التلج - لينال رضا السلطات الحكومية، وبعد هذا فيذهب العلم وقانون منظمة الصحة العالمية وصحة المواطن إلى (الجحيم)!!. :: ناهيك - يا بروف الخواض - عن قانون منظمة الصحة العالمية الذي يمنع ذلك، وكذلك ناهيك عن قانون الصيدلة بالسودان، والذي يمنع ذلك أيضاً، بل علمياً ومهنياً وأخلاقياً، ما كان لك أن تشير - ولو تلميحاً – إلى أكذوبة كتلك، التي وثقتها ووضعتها لك بين الأقواس ليقرأها رفاقك وتلاميذك.. وإن كنت لا تعلم، فاعلم أن الأدوية التي يستوردها السودان - ومنها الأدوية مثار النقاش - هي الأدوية المسماة حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية ب(الدواء الرديف)، أي ليس (الأصيل).. والعلم ثم القانون - وكذلك عقل أي مواطن بسيط - يرفض أن تكون فترة صلاحية (الدواء الرديف) أضعاف فترة صلاحية (الدواء الأصيل)، أو كما الوضع الراهن بالسودان في ظل غياب (الرقابة والمحاسبة)، فلماذا تدافع عن الباطل بالباطل؟، وماذا تستفيد - أنت شخصياً - عندما تهدر موارد البلد في مثل هذا الاستيراد غير المشروع، وعندما تعرض صحة الناس إلى المخاطر؟!.