د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته تنتظم بوزارة المالية الاتحادية هذه الأيام اجتماعات مكثفة للجان المكلفة بإعداد البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي 2015-2019. الاجتماعات تتم بمشاركة واسعة جداً من علماء الاقتصاد وأساتذته من خارج القطاع الحكومي، وبمشاركة واسعة كذلك من قطاع الأعمال ممثلاً في اتحاد أصحاب العمل بغرفه المختلفة. هذه المشاركة الواسعة تشي بأن البرنامج سيأتي وفق رؤى جديدة وجريئة ومستصحبة لكل التطورات السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد خلال الفترة الماضية. جاءت موجهات البرنامج في وثيقة محكمة الإعداد، تم استعراضها أمام اللجنة العليا للبرنامج خلال الأسبوع الماضي. وحوت سرداً للصدمات الاقتصادية التي تعرض لها الاقتصاد السوداني خلال الفترة من 2005-2011 حيث كانت الصدمة الأولى عند توقيع اتفاقية نيفاشا وما ترتب عليها من تخفيض نصيب الحكومة الاتحادية من موارد البترول المنتج بجنوب السودان بنسبة 50%. وكانت الصدمة الثانية في الفترة 2008-2009 بسبب الأزمة المالية العالمية والتي أدت إلى انخفاض أسعار النفط إلى نحو 40 دولاراً للبرميل الأمر الذي أدى لتآكل احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي. الصدمة الثالثة كانت في عام 2011 بعد قرار انفصال الجنوب وما ترتب عليه من فقدان 50% من إيرادات الموازنة العامة للدولة و85% من حصيلة الصادرات. حوت الوثيقة أيضاً تقييماً موضوعياً للبرنامج الثلاثي لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والنمو للفترة 2012-2014 حيث تمت الاشارة لتحقيق نمو موجب 1.4% في الناتج القومي الاجمالي خلال العام 2012 ارتفع إلى 4.4% في العام 2013 ويتوقع أن يبلغ هذا العام 3.6% وتتوافق هذه الأرقام مع أرقام المؤسسات الدولية. كما تمت الاشارة لتحسن الأدء في ميزان المدفوعات نتيجة لصادرات الذهب والثروة الحيوانية وترشيد الاستيراد وتحريك سعر الصرف. أما الاخفاقات فتمثلت في ضعف الإنتاج السلعي وارتفاع نسب التضخم وتدهور سعر صرف العملة الوطنية، أي أن الاستقرار الاقتصادي لم يتحقق وهذه أهم موجبات إعداد البرنامج الخماسي الجديد الهادف للإصلاح الاقتصادي. تناولت الوثيقة مرتكزات البرنامج في مجال الاستقرار والنمو الاقتصادي بالإشارة لاستهداف تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية ومستدامة ما بين 7% إلى 10% سنوياً بنهاية البرنامج، وخفض معدلات التضخم لرقم أحادي، وتحقيق استقرار سعر الصرف. على أن يتم تحقيق هذه الأهداف باعتماد سياسات اقتصاد السوق الحر، وضمان حرية النشاط الاقتصادي، وتأكيد الدور الريادي للقطاع الخاص، والتحكم في معدلات نمو عرض النقود، وعدالة توزيع الدخل القومي، وتدعيم سياسات الاعتماد الجماعي على الذات. وأشار البرنامج لاتخاذ إجراءات وسياسات حازمة تتعلق بولاية وزارة المالية على المال العام، وحدة الموازنة العامة للدولة، زيادة الجهد المالي الضريبي ليصل ما بين 18%-20% من الناتج المحلي الاجمالي (هو حالياً في حدود 8% فقط من الناتج)، ترشيد الإنفاق الحكومي، رفع الدعم تدريجياً عن المحروقات والقمح والكهرباء وتحويل عائده لصالح الفئات الفقيرة، وتوفير التمويل غير التضخمي لبرامج التنمية. أهم الأهداف الكمية المستهدفة من البرنامج: الارتفاع بإجمالي الناتج المحلي من 66.6 مليار دولار هذا العام الى 113.5 مليار دولار في العام 2019 ليرتفع نصيب الفرد الاسمي من 1797 دولار الى 2657 دولار سنوياً خلال نفس الفترة. بالنظر للموارد الهائلة التي يتمتع بها الاقتصاد السوداني، والفرص الكبيرة المتاحة أمامه مثل مبادرة الأمن الغذائي العربي، فإن القدرة على تحقيق المعدلات الكمية المشار اليها ليست صعبة على الاطلاق. شريطة تحقيق الاستقرار السياسي بإيقاف الحرب الأهلية، وتحقيق الوفاق الوطني، واستعادة العلاقات الطبيعية مع الدول الشقيقة والمجتمع الدولي. عليه الكرة في ملعب السياسة والسياسيين فماذا هم فاعلون؟