ديون بنك السودان على الحكومة بين مطرقة الاستلاف وسندان السداد الخرطوم: هالة حمزة يقدر الاستلاف الحكومي المؤقت من بنك السودان المركزي للأعوام الماضية من 2009 2010 2011 والاستلاف المقرر في العام الحالي 2012 كذلك بمبلغ (1,500) مليون جنيه تم إنفاذا لقانون بنك السودان لعام 2002 والذي فتح شهية الحكومة في طلب منح حق التسليف المؤقت بنسبة لا تتعدى ال(15)% من إجمالي تقديرات الإيرادات العامة للسنة المالية التي يمنح فيها التمويل شريطة ألا تؤثر الاستدانة أو الاقتراض سلبا على مجمل السياسات المتعلقة بالاقتصاد الكلي ولكن ثبت عدم التزام الحكومة الكامل بسداد السلفيات والمديونيات المؤقتة في حينها بل عدم التزامها كذلك بالاستلاف في الحدود المسموح بها والتي تمثل نسبة (20)% . وأكد المحلل المصرفي د.عمر محجوب للسوداني عجز إيرادات الحكومة في معظم الحالات عن تغطية مصروفاتها والذي تلجأ دائما الى تغطيته عبر القروض الخارجية أو الاستدانة من النظام المصرفي أو من الجمهور شريطة ألا تتجاوز الاستدانة النسبة المحددة من الناتج المحلي الاجمالي، مبينا أن تراكم الديون الحكومية ببنك السودان بسبب عدم السداد في حينه من شأنه رفع معدلات التضخم جراء اضطرارها الى ضخ أموال من دون مقابل سلعي أو خدمي. وتساءل من الذي يستطيع محاسبة الحكومة على تقاعسها عن سداد مديونياتها وعدم التزامها بالضوابط القانونية؟ فالبنك المركزي حكومي والاستلاف حكومي ولكن الآثار التضخمية الناجمة عن ذلك ستؤثر بشكل خطير على البلاد والمواطنين. ولعل أصدق شاهد على عدم التقيد الحكومي بقانون بنك السودان فيما يلي الاستلاف والسداد ما أورده تقرير المراجع العام حول موقف مديونية الحكومة ببنك السودان في 2010 حيث أشار الى أن حسابات بنك السودان المركزي أظهرت اجمالي المديونيات والسلفيات المؤقتة للحكومة حتى نهاية العام المالي المذكور بمبلغ (9,4) مليار جنيه منها مبلغ (7,9) مليار جنيه تم سدادها لآجال طويلة تتراوح ما بين (20 100) عام في حين أن القانون حدد فترة سداد المديونيات المؤقتة للحكومة في مدة لا تتجاوز ال(6) أشهر فقط بعد نهاية السنة المالية التي منح فيها التمويل علما بأن رصيد التمويل المؤقت الممنوح للحكومة بلغ بنهاية العام 2010 (3,886,3) مليون جنيه. وحدد المراجع العام السلفيات المؤقتة للعام 2010 ب (1,5) مليار جنيه مبينا أنه تم الاتفاق على إصدار أوراق مالية قابلة للتداول خلال النصف الأول من العام 2011، أما الأخطر من ذلك ما أورده التقرير من وجود مديونية باسم الحكومة بمبلغ (7,2) مليار دولار من بنك السودان المركزي لا أثر لها بحسابات وزارة المالية والاقتصاد الوطني، بجانب تحمل بنك السودان المركزي لعبء هذه الفوائد حتى العام المالي 1989 بينما خصمت فوائد 1990 من حساب الحكومة الرئيسي بناءً على تفويض صادر من المالية آنذاك، أما الفوائد المستحقة للأعوام (1991 2010) فقد رصدت في حساب معلق مدين ضمن مديونية الحكومة لعدم حصول تفويض بخصمها من حساب الحكومة الرئيس مما أدى الى تراكم هذا الحساب سنويا بالفوائد والجزاءات المحتسبة وغير المثبتة بالسجلات الحسابية بوزارة المالية والاقتصاد الوطني، الأمر الذي يؤكد عدم المقدرة المالية للحكومة على مقابلة التزامات الاستدانة والاقتراض مما يعتبر إخلالا بنصوص قانون البنك المركزي الذي رهن منح السلفيات للحكومة بتوفر المقدرة على مقابلة الاستدانة والاقتراض. كما أن بنك السودان المركزي نفسه بتوجيهاته الجديدة للمصارف بقبول السندات وأوامر الدفع المستديمة الصادرة عن وزارة المالية كضمان لمنح التمويل والتي تأتي في اطار مراجعة أسس وضوابط وموجهات منح التمويل مقابل الضمانات الحكومية ينسف البند الوارد بالقانون الذي أصدره بنفسه في 2002 والخاص بعدم قيام الحكومة بتقديم أي ضمانات مقابل الاستدانة أو الاقتراض. يذكر أن قانون بنك السودان للعام 2002 أكد في إحدى بنوده أنه لا يجوز للبنك بطريق مباشر او غير مباشر تقديم قروض أو تمويل للحكومة، وضرورة توافر المقدرة المالية على مقابلة التزامات الاستدانة والاقتراض وألا تؤثر الاستدانة أو الاقتراض سلبا على مجمل السياسات المتعلقة بالاقتصاد الكلي وألا تقوم الحكومة بتقديم أي ضمانات مقابل الاستدانة أو الاقتراض.