العنوان أعلاه مثل سوداني ضارب في الجذور ومناسبته خبران حملتهما صحف الخرطوم، الخبر الأول نشرته (السوداني) في عدد الأربعاء الماضي بعنوان (الرعاية الاجتماعية: (545) معتوهاً يتجولون بشوارع الخرطوم)، ويقول الخبر: (كشفت مديرة الرعاية الاجتماعية بوزارة التوجية والتنمية الاجتماعية د.حنان عبد الله بولاية الخرطوم، عن وجود (545) من المعتوهين (المرضى النفسيين) يتجولون بشوارع ولاية الخرطوم، تم التعرف عليهم عن طريق الرصد الذي قامت به الوزارة . وأشارت د. حنان في حديث ل(السوداني) إلى أن هنالك تزايدا ملحوظا في نسبة المعتوهين الموجودين في الشارع العام، وأضافت: "لا بد من إنشاء مستشفى خاص بهم يتم بالتعاون ما بين وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية، وذلك لصعوبة التعامل معهم وأنهم يحتاجون إلى رعاية معينة، ودعت إلى الاهتمام بهذه الشريحة لأنها تمثل جزءا من المجتمع). انتهى الخبر الأول، أما الخبر الثاني فحملته صحيفة الدار الاجتماعية في عدد أمس الأول الخميس يقول الخبر: (في ظاهرة تعد الأولي من نوعها والأغرب في تاريخ الإعلانات نشر أحدهم إعلانا عن فقدان قطة مشجعاً الناس بالمكافأة المالية في حال العثور عليها، وتغزل صاحب الإعلان في قطته المختفية وقال: منذ خروجها لم تعد، وأشار في الإعلان المثير للاهتمام واللافت للنظر إلى مواصفات القطة (كواتيه) إلى أن القطة (خجولة) ولونها أبيض مع بني خفيف ومعلق على رقبتها طوق لامع. وأوضح أن قطته من نوعية قطط (شيرازي) المسالمة ولا تؤذي أحدا كما هو موضح في صورة الإعلان، وحوى الإعلان مكافأة مالية لمن يعثر عليها مشيراً إلى أن الموضوع جدي جداً، فيما وضع أعلى الإعلان أرقام هواتف لمن يعثر عليها). العلاقة بين الخبرين أن المعتوهين الذين يتجولون في شوارع الخرطوم، أمر يمكن السيطرة عليه وممكن ناس الخرطوم (بدفارات) يلموا (المجانين) من الشوارع ويسكنوهم في دور رعاية خاصة بهم تحفظ لهم آدميتهم، لكن (الناس) الكايسين (الكدسة) ديل يعملوا ليهم شنو، (هي الاندراوة دي كيف). من يقرأ الخبر الأول والثاني، يجد حجم المفارقات في هذه البلاد، وكأن الحدثين وقعا في دولتين مختلفتين، الأولى من العالم (الثالث) أو النامي وفي رواية أخرى (النايم)، (المجانين) الذين يتجولون بشوارع الخرطوم ويركبون المواصلات (مجهجهين أمة محمد)، وكمثال لهذه الجهجهة أحدهم ركب في حافلة المواصلات وكان يحمل معه شنطة ويرتدي برمودة وتي شيرت من الصعوبة بمكان أن تعرف ملامحه من شدة الأوساخ وكان يحاول أن يفتح شنطته، وفي تلك اللحظة كل ركاب الحافة (يستخدمون الساتر)، عملاً بحكمة (المجنون هو الشخص الذي لا تعرف خطوته القادمة)، وبعدها يطلق ضحكة مجلجلة وظل يكرر ذلك حتى أصيب كل الركاب بالرعب، وأخيراً وصلت الحافة بسلام للموقف دون أية خسائر، وطبعاً هذا المشهد (صنع خصيصاً في السودان). أما صاحب القطة (كواتيه) ونتمنى أنه يكون جمع في (كديسته) المسكينة، ولا أدري هل توجد علاقة بين المثل السوداني (فلان دا عندو كديسة) أو (فلان دا كديسته قايمة) وهي تدل على حالة من الغضب الشديد أو بعض من الجنون، وبين الكديسة المدللة (كواتيه)، وربما يصدر مثل جديد لنج بعنوان (فلان كديسته رايحة)، معقولة (الناس في شنو وسيد الكديسة في شنو)، أو كما قال.