كلمة ثقافة مشتقة من الفعل (ثقف الرجل العود) أي هذبه. إذن هى تعني (التهذيب) ورجل مثقف تعني رجل (ملم) بضروب العلوم والمعارف وعليه فالمثقف هو الإنسان ( المهذب) (الملم) وجرى معنى كلمة الثقافة على التقاليد والمعارف والسلوك. ويقول أحد الكتاب الاوربيين وهو نيو بولت الذى حكم السودان حيناً من الدهر أن المثقف كالجمل فى الغابة لا يشبع من أول شجرة يلقاها فى الغابة وإنما يأكل من أنواع الأشجار لذلك فإن الناس يعتقدون أن لبن الإبل هى دواء لكثير من الأمراض لأن الناقة تأكل من النباتات لتعطيك (عصيراً مركزاً من تلك النباتات. ومعروف أن الأدوية الطبية تتكون من الأعشاب ومن النباتات. والثقافة كلمة لها معنى (مطلق)، الثقافة الدينية والثقافة الرياضية وهى مثل كلمة (فن) حيث أن الفن يعني السمو لقمة الشيء فتقول رجل فنان فى الحديث وفنان فى مشيته. وكان قرار الدولة حكيما وصائبا حينما أقرت للثقافة وزارة، والعاملون فى مجال الثقافة ينطبق عليهم قول الشاعر: ألقاه فى اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء لأن وزارة الثقافة منوط بها تهذيب الأداء الزراعي والصناعي والتربوي وتهذيب الأداء فى مختلف ضروب الحياة ويحتاج ذلك الى (المال) الوفير والكوادر المدربة والرسالية لتخترق تلك الكوادرالمجتمع لتبث روح العمل وتبعث الحيوية فى أوصالهم. ووزارة الثقافة يناط بها توعية المجتمع ومحاربة المثالب. مطلوب منها (1) التثبيت (2) التعديل (3) الإلغاء. أي تثبيت القيم الفاضلة وتعديل وإلغاء مالم يواكب العصر ومعروف أن الإنسان فى مسيرته منذ بدء الخلق بدأ جامعاً للثمار ثم مروضاً للحيوان وزارعاً وصانعاً ثم مرتاداً للثريا ليكتشف أسرار الكواكب والنجوم. والإنسان فى السودان فى مرحلة الرعي من مسيرة الانسان وبينه وبين الدول المتقدمة مئات السنين واللحاق بتلك الدول المتحضرة يحتاج الى جهد عظيم وسكب للعرق وإعمال للفكر (والمبدعون) هم رسل التطور وقد رعت الدول المتحضرة (حياة المبدعين ) والخلاقين وهيأت لهم جواً يمكنهم من (الاختراع والتصنيع والابتكار) ولندعم المبدعين ونغدق عليهم من الأموال فهم رسلنا لارتياد التقدم والرقي. إننا فى السودان نوئد المبدعين وأصحاب المبادرات. إننا مقلدون فلما كانت رسالة وزارة الثقافة هى تحسين الأداء وتهذيب السلوك فإن عليها أن تنشر الثقافة الزراعية والرياضية والصناعية وثقافة الأكل وثقافة المرور بالتوعية والكوادر المدربة الرسالية ولن يتم ذلك إلا عبر تكوين مؤسسات المجتمع المدني وتكوين اللجان فى كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية. إن بلادنا تحتاج الى جهد كبير لغرس مفاهيم الثقافة فى المجتمع من القاعدة الى القمة . ثقافة الاجتماعات حضور الاجتماعات فى موعدها المحدد ثقافة المناقشات والحوارات وعدم تجاوز الأجندة والثرثرة. لقد قرأت مرة أن اجتماعاً لمجلس الوزراء لإحدى دول أوربا لم يستمر أكثر من نصف ساعة. إننا فى السودان نتحدث كثيراً ونفعل قليلاً وليست لنا ضوابط للاجتماعات فلنحارب(الثرثرة) والتأخير عن مواعيد الاجتماعات وضياع الوقت هدراً فيما لا ينفع الناس. إن مشكلة وزارة الثقافة أنها لا تجد الدعم من الدولة بالصورة التى تمكنها من أداء رسالتها وأنها تحتاج الى كوادر (رسالية) مؤهلة حتى تقود كل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى الى السبل الرامية للتطور. إن تثقيف المجتمع مسئولية المجتمع وليست مسئولية الدولة وحدها، وإنما مشئوليه الأفراد حتى أن (إماطة الأذى عن الطريق؛ ثقافة، وتوجيه المواطن لنظافة (منزله)؛ ثقافة وتوجيه النصح للشباب؛ ثقافة. إن الأوطان لا تبنيها الحكومات وإنما تبنيها الشعوب بعرقها وبأدائها وتوعية أفرادها ولتتكاتف الجهود فالوطن ليس ملكاً للحكومات. إنه ملكٌ للشعوب. أبوعلى آكلاب