بخت الرضا اسم خالد يدغدغ المشاعر ويلهب الوجدان، وينطلق من الحناجر وكأنه هتاف داوٍ صاخب يخترق الآفاق.. بخت الرضا لحن شجي منمق مموسق، يتغنى به كل من فاض قلبه عشقاً وولهاً بها من طلاب المعرفة، ومن عمالقة التربية ونخبة أهل الثقافة والفن والإبداع الذين أرضعتهم لبناً صافياً نقياً، فتميزوا ونبغوا في ذلك الزمن الجميل.. بخت الرضا مصنع الرجال والمنهل العذب الذي ارتوى منه معلمو العهد الذهبي للتعليم.. ولبخت الرضا يومذاك كاريزما تجذبك بل تجبرك للتفاعل معها.. كما كان لها القدح المعلى في إثراء الخدمة المدنية بالسودان (Civil Service) حتى سمق نجمها، وعلا صوتها بنجباء بخت الرضا أمثال: عبد الرحمن علي طه، نصر الحاج علي، مكي عباس، عوض ساتي، أحمد بشير العبادي، سر الختم الخليفة مندور المهدي وغيرهم كثر.. وفي أعقاب القرن المنصرم مرت بخت الرضا بسنون عجاف، غربت شمسها، وخفت صوتها، وانهالت عليها معاول الهدم والقتل العمد، ولسان حالها يقول: (وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت) ومنذ وأدها لحقت بمسيرة تعليمنا النكبة المفجعة فتعثرت خطاه، وتلوثت إستراتيجيته، وتبعثرت أهدافه... فصار التعليم بالسودان حتى يومنا هذا هماً وهاجساً يقلق مضاجع كل المواطنين. ومن أهم أسباب هذا التدني والانهيار Collapse هو ما أصاب المعلم من تحجر فكري وضمور تأهيلي وشح تدريبي، وغياب للقيم وأمانة المهنة والاستقامة الفكرية التي عرف بها، وفقدان الثقة بينه وتلميذه. وأقولها صادقاً لن يستقيم عود التعليم بالسودان إلا باستعادة هيبة المعلم تأهيلاً وتدريباً ومعاشاً ولن يتم هذا إلا بعودة معاهد التأهيل التربوي والأم الرؤوم بخت الرضا بصورة تتوافق مع عصرنا هذا. وكما وضح فقد أخفقت كليات التربية في صنع وصقل المعلم لأسباب نتعرض لها في سانحة قادمة بمشيئة الله. نحن نحمد الله أن توارثت جامعة بخت الرضا الاسم المعتق فرفعت لواءه عالياً وحافظت على بعض من بريق ووسامة المعهد الأم. وسرني أن مازال حبل الود والمودة والحميمية متيناً بين الجامعة وتوأمتها مدينة الدويم وقد علمت حرص البروفسير الطيب عبد الوهاب ربان سفينة الجامعة على ترسيخ وتوطيد ثقافة الترابط الأسري بين التوأمين ولا غرابة وكما عرفته يتمتع بأفق واسع وحنكة وطيب معشر ومما ضاعف من التفاؤل بتوثيق حبل الترابط بين التوأمين هو المبادرة الذكية التي أطلقها الأخ مدير الجامعة وتمت بهدوء دون ضوضاء وهي أولاً إحياء لجنة أصدقاء الجامعة برئاسة ابن الدويم البار الزعيم المخضرم أخي عثمان أحمد سائح، ومقررها الشاب النشط محمد خوجلي الأمين. وثانياً فقد توج مبادرته الحكيمة باختيار أحد علماء الدويم الدكتور يوسف خوجلي الأمين وكيلاً لها. فقد عرفته صبياً يافعاً وأنا أعلمه رسم الحرف ونطق الكلمة بمدرسة الدويم الريفية الوسطى سابقاً فكان من الأذكياء النجباء وفقه الله وسدد خطاه. شكري لك أخي البروفسير الطيب عبد الوهاب لجهدك وعطائك الذي لم ينقطع من اجل السمو والارتقاء بصرحنا التربوي الشامخ أعانك الله.. والله الموفق،،، * خبير تربوي