تناولت خلال الأيام الماضية تحليلات موجزة لأهم محاور موازنة الدولة للعام 2015 وأتناول اليوم بمشيئة الله أهم محاور سياسات بنك السودان المركزي مع التعليق عليها. شملت المجالات التي يشجع بنك السودان البنوك على تمويلها، الإنتاج الزراعي والصناعي، ومجالات النفط والمعادن، تحقيقاً لأهداف البرنامج الخماسي 2015-2019 المتعلقة بزيادة الصادرات وإحلال الواردات. على أن يتم التمويل مباشرة أو عبر محافظ. كما يشجع البنك المركزي تمويل خدمات الصادر، مثل النقل والتخزين، والتحميل والتفريغ. ويحث البنك المركزي على التوسع في استخدام صيغة المشاركة، ويشجع على استخدام صيغ السلم، والسلم الموازي، والمقاولة، والإجارة، والاستصناع، والمزارعة. ويسمح بالمضاربة المقيدة، ويحظر المضاربة المطلقة. على أن يكون هامش تمويل المرابحة كمؤشر 12% بالعملتين المحلية والأجنبية. وحظر البنك المركزي شراء العربات وتشييد العقارات والأراضي إلا ما استُثني بمنشورات. كما حظر التمويل لأغراض شراء العملات أو الأسهم أو الأوراق المالية أو أرصدة الاتصالات. كما حظرت السياسات التمويل لأغراض سداد عمليات تمويل قائمة أو متعثرة. من ناحية أخرى قرر البنك المركزي الاستمرار في تقديم الحوافز للمصارف المتعاونة في تقديم التمويل المباشر. أو المساهمة في محافظ التمويل. في مجالات التمويل متوسط وطويل الأجل للقطاعات الإنتاجية. وفي مجال التمويل الأصغر. ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإنشاء مشروعات إنتاجية مشتركة. أما في مجال سعر الصرف والقطاع الخارجي فتنص السياسات على الاستمرار في تطبيق نظام سعر الصرف المرن المدار. والاستمرار في معالجة تشوهات سعر الصرف. والاستمرار في حرية التعامل بالنقد الأجنبي إيداعاً وسحباً وتوظيفاً من خلال تغذية الحسابات والتحويلات والودائع. والعمل على بناء احتياطات من النقد الأجنبي من خلال ترشيد الطلب على النقد الأجنبي، وزيادة فعالية وكفاءة إدارة موارد الدولة من النقد الأجنبي، بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات الصلة. وتشجيع وترقية الصادرات، واستقطاب مدخرات المغتربين، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والاستمرار في شراء وتصدير الذهب، واستلام نصيب الحكومة عيناً من شركات التعدين، وتوفير تسهيلات وخطوط تمويل خارجية لتوفير السلع الاستراتيجية واحتياجات التنمية، وتشجيع إنشاء مصارف مشتركة مع شركاء التجارة الخارجية، والاستمرار في تفعيل اعتماد اليوان الصيني في تسوية المعاملات بين السودان والصين. ونعلق على هذه السياسات بالآتي: إن تشجيع بنك السودان المصارف على تمويل القطاعات الإنتاجية تمويلاً متوسط أو طويل الأجل لتحقيق أهداف البرنامج الخماسي هو أمر إيجابي، غير أن تفعيله كان يقتضي تحديد نسبة من محفظة التمويل لهذا النوع من التمويل تلزم بها المصارف. بغير هذا سوف تبقى هذه السياسة نصاً نظرياً لا يطبق. وبالمثل فإن تشجيع المصارف على استخدام صيغ التمويل الأخرى غير المرابحة، سيبقى أمراً نظرياً إن لم يتم إلزام البنوك بنسب محددة أو تأشيرية لكل نوع من الصيغ. من ناحية ثانية فإن تحديد نسبة 12% كهامش للمرابحة يبدو معقولاً للتمويل بالعملة المحلية، ولكنه غير مناسب إطلاقاً للتمويل بالعملة الأجنبية، وسوف يترتب عليه زيادة التضخم حيث سترتفع أسعار المستوردات جميعها لارتفاع هامش التمويل. لم تعالج سياسات سعر الصرف والقطاع الخارجي المشكلة المزمنة الكبيرة في الاقتصاد السوداني وهي مشكلة الافتقار للعملات الأجنبية. إن النص على حرية التعامل بالنقد الأجنبي في ظل شح هذا النقد هو أمر غير مفيد. يجب أن تقترن حرية التعامل مع سياسات تؤدي لانسياب هذا النقد للداخل، سواء كان في شكل بنكنوت أو سلع، ويكون هذا بتحرير سعر الصرف تحريراً كاملاً لضمان انسياب مدخرات المغتربين، وبإتباع سياسة الاستيراد بدون تحويل قيمة لمدخلات الإنتاج الصناعي والزراعي. وأخيراً يبدو أن تشجيع إنشاء مصارف مشتركة مع شركاء التجارة الخارجية، واعتماد اليوان الصيني في تسوية المعاملات، أمران يحتاجان لعمل سياسي كبير على مستوى رئاسة الدولة، وقيادة وزارة المالية والبنك المركزي. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته