انتهيت أمس إلى أن عوامل عديدة على رأسها تداعيات انشقاق 1999 ونتائج نيفاشا والفشل في مواجهة التحديات الكثيرة على رأسها الاقتصاد والفشل في تكريس ما وعد به انقلابها الذي قال بفشل غيره وما سبقه، أدى ذلك كله إلى شعور قواعد الحركة الإسلامية السودانية وكثير من قياداتها بقرب فشل نهائي وانهيار حتمي لمشروع الحركة الإسلامية في السودان، يضاف إلى ذلك التأثير المباشر والطبيعي للربيع العربي الذي امتد حتى شارع المال في نيويورك وبعض دول الغرب بسبب التردي الاقتصادي، فما بالنا ببلد كالسودان يقع في منطقة الضغط السياسي المنخفض ويواجه تحديات عظمى لا قبل له بها مهما فعل؟ ولعل القارئ العزيز يتذكر أنني قلت إنها ليست مذكرة واحدة كالتي يتحدث عنها الآن بعض قيادات الإنقاذ والحركة الإسلامية أيدها بعضهم وانتقدها آخرون، بل هي مذكرات عديدة، هذا غير النقاشات والكتابات الواسعة في الصحف، أذكر منها مذكرة قبل فترة قدمت من بعض أساتذة عضويتهم بالجامعات قبل أشهر، ومنها بعض مذكرات وحوارات حاولت التوفيق بين جناحي الوطني والشعبي لم يصبها نجاح، ومنها مذكرة مؤخرا قيل إنها من مستشار الرئيس الدكتور غازي العتباني وهيئتهم البرلمانية، ومنها مذكرة قبل فترة قيل إنها جاءت من عضوية الحركة بالمملكة المتحدة، ومنها المذكرة الأخيرة التي أثارت التصريحات الأخيرة، لاحظت فيها أنها جميعا من داخل عضوية الحركة وقياداتها الناشطة تدعو جميعها لترميم الحركة الإسلامية الحالية وإصلاحها والتحقيق في شبهات الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية ومواصلة تطبيق الشريعة الإسلامية عبر برنامج للأسلمة وإنجاح عملية التحول السياسي والديمقراطي ووضع دستور جديد. ثم قرأت أخيرا قبل أيام ورقة أو بالتعبير الانجليزي non paper نشرت مؤخرا في موقع سودانيز أون لاين لم يظهر بعد معدوها، واضح أنها أعدت وكتبت بعناية وتركيز، واضح أنها من بعض الإسلاميين المتابعين بدقة لها أهمية وميزة خاصة لأن أهم ما جاء فيها أنه ليس من أهدافها ترميم النظام الحالي أو محاولة إصلاحه لأنه ظل يرفض ذلك بل يئد كل محاولات الإصلاح حتى وصل مرحلة لا يمكن نصحه وإصلاحه. وتقول هذه المذكرة: إن هدفهم تبيين أن مسايرة نظام الإنقاذ ضرب من مخادعة النفس والتهرب من مواجهة الواقع. والهدف الثاني فك الارتباط بين النظام الحاكم والحركة الإسلامية والسير في اتجاه التطور الديمقراطي السلمي في إطار مشروع وطني رشيد. ثم بهدف فتح قنوات العمل الوطني المشترك حيث لا ينبغي لجماعة أن تحتكره. وهدف رابع إطفاء نيران الحرب حيثما وجدت والعمل في اتجاه السلام والتنمية واستئصال الفساد وتجفيف منابعه وإعلاء قيم العدل والشفافية. الذي يجمع بين تلك المذكرات – عدا مذكرة غازي – أنه لم تظهر لها قيادات واضحة، وفي ظني ليس ذلك مهما بقدر أهمية ما ورد فيها جميعا رغم تفاوت محتوياتها ومراميها، فالحراك موجود ومعروف بل وصل في الفترة الماضية لمواجهات مباشرة مع قيادة الحركة والدولة كما عكسته بعض الصحف. وهنا تنشأ أسئلة: هل ينتظر القائمون على هذه المذكرات حتى مؤتمر الحركة القادم لإحداث التغيير؟ وهل سيسمح القابضون على الحركة (السوبر تنظيم) بالتغيير مستخدمين آليات السلطة مثلما فعلوا عندما نافس غازي العتباني نائب الرئيس علي عثمان طه قبيل اتفاق نيفاشا وكاد يفوز عليه لولا تدخل جهات عليا؟ أم يؤدي الحراك الحالي ووقوع الحركة الإسلامية بين حجري الرحى الاقتصادي والسياسي إلى تفاعلات داخلية بصورة أو أخرى مفاجئة تؤدي إلى تغييرات ما؟ ثم ما قدرة القواعد والقيادات الراغبة في الإصلاح والتغيير على الفعل؟ وما تأثير المعارضة الداخلية والضغوط الخارجية وعدم الاستقرار في العلاقة مع الجنوب والتوترات والاحتقانات الكثيرة على التأثير المباشر وغير المباشر؟ دعونا نرى.