تعديل الدستور لحل الشيوعي وطرد النواب الشيوعيين من البرلمان ليس سهلا في بلد إسلامي متدين رفع شعار العلمانية الترابي، أستاذ القانون الدستوري، يبرر تعديل مواد الحريات في الدستور ---------------------------------- واشنطن: محمد علي صالح هذه هي الحلقة رقم 18 من هذا الجزء من هذه الوثائق الأمريكية عن التطورات السياسية في السودان، وهي كالآتي: الديمقراطية الأولى (25 حلقة): رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري (1954-1956). الديمقراطية الأولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). النظام العسكري الأول (19 حلقة): الفريق إبراهيم عبود (1958-1964). النظام العسكري الثاني (38 حلقة): المشير جعفر نميري (1969-1975، آخر سنة كشفت وثائقها). هذه وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة أكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريباً: ---------------------- حل الحزب الشيوعي السوداني، 1965: الرئيس الأزهري (12-11-1965): "... قالت مصادرنا إن الرئيس إسماعيل الأزهري، الذي صار رئيساً دائماً لمجلس السيادة، وبالتالي، رئيساً للسودان، تحدث لمظاهرة من المظاهرات المعادية للشيوعيين، والتي تجوب شوارع الخرطوم والمدن السودانية منذ أيام، وتطالب بحل الحزب الشيوعي السوداني، ربما أكبر حزب شيوعي في قارة إفريقيا. حسب مصادرنا، قال الأزهري للمتظاهرين عندما وصلوا إلى منزله: "إذا لم تحسم الجمعية التأسيسية (البرلمان) الموضوع، سأنزل إلى الشوارع، وأقود المظاهراات..." وقالت مصادرنا إن نفس هذه المظاهرة سارت إلى دار الحزب الشيوعي السوداني القريب من منزل الأزهري، واشتبكت مع شيوعيين كانوا يحرسون الدار، ويحملون قنابل مولوتوف. وأصيب ثلاثة أشخاص بجروح خطيرة، قبل أن تتدخل قوات الشرطة... في نفس الوقت، أصدر السيد علي الميرغني، زعيم طائفة الختمية الإسلامية، بياناً أذاعته إذاعة أمدرمان، الإذاعة الوحيدة، والحكومية، في السودان، دعا إلى إعلان "دستور إسلامي" يحكم السودان... حسب صحف اليوم، تتنوع ردود الفعل: أولاً: في رأي رسمي، وصفت صحيفة "الرأي العام"، المعتدلة، الطالب شوقي محمد علي، الذي، قبل أسبوع تقريباً، أثار هجومه المتطرف على الإسلام هذه المظاهرات في هذا البلد المسلم جداً، بأنه "فتى مستهتر." ثانياً: في رأي رسمي، انتقدت صحيفة "السودان الجديد"، المعتدلة أيضًا، شوقي. لكنها عارضت لجوء المتظاهرين ضده، وضد الشيوعيين، إلى العنف. غير أنها لم تؤيد الشيوعيين... ثالثاً: في رأي رسمي، كتبت صحيفة "الميدان"، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي السوداني، عن "إرهاب الإخوان المسلمين." وقالت إنهم يجوبون الشوارع وهم يحملون السواطير والعصي. رابعاً: في رأي رسمي، كتبت صحيفة "الميثاق" الإسلامية عن "انتصار جنود محمد." وعن "ثورة 21 رجب التي أعادت الوجه الحقيقي لثورة 21 أكتوبر." رأينا: تدخل الرئيس الأزهري إلى جانب المعارضين للحزب الشيوعي له دلالات مهمة: أولاً: هو رئيس البلاد. ثانياً: ظل سياسياً معتدلاً. يمكن وصفه بأنه علماني إلى حد ما. يريد تطبيق تعاليم الإسلام على السياسة. لكنه لا يريد تدخل المسلمين في السياسة. وذلك بسبب تعدد آراء وتفسيرات المسلمين للمواضيع السياسية. ثالثاً: تمرد الأزهري على الإسلاميين قبل سنوات. عندما فصل حزبه، الحزب الوطني الاتحادي، من قيادة طائفة الختمية، وهي طائفة إسلامية عميقة الجذور، وتتمتع بتأييد نسبة ليست قليلة من السودانيين المسلمين. رابعاً: من المفارقات أن حزب الشعب الديمقراطي، حزب طائفة الختمية، يميل نحو الشيوعيين... لكن، في نهاية المطاف، واضح أن الموضوع كله معادلات ومناورات سياسية. سواء من جانب "الإسلاميين الختميين"، أو الأزهري "العلماني". واضح أن زعيم طائفة الختمية الإسلامي هو، أيضاً، حليف الرئيس المصري جمال عبد الناصر. ويمكن أن يكون "قومياً عربياً" أو "اشتراكياً" لخدمة مصالحه. ومن المفارقات أن عبد الناصر، وهو يشن حملات بعد حملات، بعضها دموي، ضد الإخوان المسلمين في مصر، يتحالف مع زعيم إسلامي سوداني. لكن، طبعاً، عبد الناصر ليس فقط زعيم القومية العربية والاشتراكية العربية، ولكن، ايضا، زعيم المناورات، والالاعيب السياسية... بالنسبة للأزهري "العلماني"، صار متضايقاً، بل خائفاً، من "العلمانيين الحقيقيين": الليبراليين، والتقدميين، واليساريين، والشيوعيين. حتى داخل حزبه... (انظر: تقارير سابقة عن الانقسام داخل الحزب الوطني الاتحادي). تبقى نقطة أخيرة: في بلد مسلم جدًا، مثل السودان، ليس سهلاً أن يتجاهل السياسيون الوازع الديني القوى وسط الناس. ليس سهلاً أن يقول زعيم سياسي: "أنا مع فصل الإسلام عن السياسة." أو "أنا ضد الدستور الإسلامي." أو "أنا مع الشيوعية"... لكن، طبعاً، في نهاية المطاف، يجب أن يقود القادة، ولا يقتادون... " ----------------------- مناقشات الجمعية التأسيسية (16-11-1965): (ملخص وقائع الجلسة): "... طلب محمد أحمد محجوب، زعيم الأغلبية في البرلمان ورئيس الوزراء، من رئيس الجمعية رفع مواد من اللائحة الداخلية للبرلمان لمناقشة "أمر عاجل." وهو اقتراح جاء فيه الآتي: "من رأي الجمعية التأسيسية (البرلمان)، بعد الأحداث التي جرت مؤخراً في العاصمة والأقاليم، وبعد التحدي الذي صار يواجهه النظام الديمقراطي في البلاد، وبعد تهديدات تواجه نموه وتطور الديمقراطية في البلاد، ترى الجمعية التأسيسية أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون يحل الحزب الشيوعي السوداني، ويحرم قيام أحزاب شيوعية، أو أحزاب، أو منظمات أخرى، تدعو إلى الإلحاد، أو تستهتر بقيم الناس، أو تدعو إلى ممارسة أساليب دكتاتورية..." وقال محجوب الآتي: "لا تؤمن الشيوعية بالديمقراطية، ولا بوجود الله. وتنظر الشيوعية إلى الدين بأنه أفيون الشعوب. وتفسد الشيوعية الشباب، وتجعلهم يدمنون شرب الخمر، وتعاطي المخدرات... " وقال حسن الترابي، زعيم الإخوان المسلمين، إن الحزب الشيوعي ينقصه الإيمان بالله، والإخلاص للوطن، وتنفيذ الديمقراطية، وحسن الأخلاق الاجتماعية، والحرص على وحدة الوطن. وقال محمد إبراهيم خليل، وزير العدل، الآتي: "أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم. ولابد أن أبدأ باسم الله، لأن الشيوعيين يبدأون كلامهم باسم الإلحاد. لكن، نحن لا نريد حل الحزب الشيوعي السوداني باسم الإلحاد. بل باسم الله، والدين، والوطن، والتقاليد، والأخلاق السمحة..." في الجانب الآخر، قال محمد إبراهيم نقد، من قادة الحزب الشيوعي: "الحزب الشيوعي السوداني بريء من تهمة الإلحاد التي يحاولون إلصاقها به. وموقف الحزب الشيوعي من الدين واضح في دستوره، وواضح في تأريخه، وواضح في تأريخ أعضائه. نحن لا نقول هذا الحديث لأننا خائفون. وذلك لأننا لم نخاف في الماضي، ولا نخاف اليوم..." ومن المفارقات أن نوابا في الحزب الوطني الاتحادي، الحزب الذي يقوده الرئيس الأزهري، عارض مشروع قانون حل الحزب الشيوعي. من بين هؤلاء حسن بابكر الحاج، الذي قال الآتي: "يقال أن طالباً سفيهاً، يقال أنه عضو في الحزب الشيوعي السوداني، أساء إلى الرسول الكريم، وإلى الدين الإسلامي. وبسبب هذا، خرجت مظاهرات المسلمين تطالب بحل الحزب الشيوعي السوداني. لكن، ماذا إذا كان هذا الطالب السفيه عضوًا في الحزب الوطني الاتحادي؟ هل سنجتمع اليوم في جلسة طارئة للجمعية التأسيسية لنحل الحزب الوطني الاتحادي؟ أرجو، يا إخواني، أن تتركوا الحماس، والانقياد نحو العواطف. وأن تركزوا على الديمقراطية التي عادت إلينا بعد تضحيات دموية. حتى في المرة الأولى، عندما حققنا الديمقراطية بعد الاستقلال، لم تقدم تضحيات دموية. لهذا، هذه المرة، هذه المرة، غالية جداً. وإذا فرطنا فيها، ستنزع منا كما انتزعت في الماضي. أنا أفضل أن يدفنني أبنائي شهيداً من شهداء الديمقراطية بدلاً من أن أعيش حياً في عهد وأد الديمقراطية..." ----------------------------- إجازة مشروع القانون (25-11-1965): "... في اليوم الأول، أجيز مشروع القانون بأغلبية 151 عضوًا، ومعارضة 12 عضوًا، وامتناع 9 أعضاء... وفي اليوم التالي، قال أعضاء معارضون إن مشروع القانون يتعارض مع المادة الخامسة من دستور السودان التي تمنع المساس بالحريات العامة. بعض هؤلاء المعارضين من الحزب الوطني الاتحادي، حزب الرئيس الأزهري (انظر معلومات سابقة عن الانقسام داخل الحزب بين الجيل الجديد والجيل القديم وسط قادته). وفي اليوم الثالث، تقدمت الحكومة بمشروع قانون لتعديل المادة الخامسة من الدستور... وبعد يومين، أجيز مشروع القانون هذا بأغلبية 145 عضواً، ومعارضة 25 عضوًا، وامتناع عضوين... رأينا: أولاً: صار واضحاً أن موجة عاطفية وحماسية دينية، في هذا البلد المسلم جداً، قد عصفت بمبنى البرلمان السوداني، وهو يناقش مشروع قانون لحل الحزب الشيوعي السوداني. ثانياً: ها هو رئيس البلاد الأزهري، وها هو رئيس الوزراء محجوب، يقودان حملة عاطفية دينية. ويبدو أنهما متأكدان من النصر، ليس فقط لأن حزبيهما يسيطران على البرلمان، ولكن، أيضًا، لأن هذا موضوع ديني يصور بأنه يمس أساس الدين الإسلامي (الإلحاد). ثالثاً: حتى إذا كان النقاش عقلانياً، وهو ليس كذلك، توجد مشكلات دستورية، حسب دستور السودان نفسه، والذي وضعه قادة الحزبين الرئيسيين، وأجازه البرلمان كأساس للحكم بعد نهاية نظام عبود العسكري. من هذه المشكلات أن تعديل الدستور يجب أن يتم بثلثي أعضاء البرلمان: 156، بينما أجيز بأغلبية 145. رابعاً: حتى قبل تعديل الدستور لحل الحزب الشيوعي، كانت هناك مشكلة تعديل الدستور بحل مجلس السيادة الخماسي، الذي يتبادل أعضاؤه الرئاسة، ليكون مجلس سيادة خماسياً برئيس دائم (الأزهري). وكان النقاش في ذلك الوقت عاطفياً أيضاُ: صار الأزهري، "أبو الاستقلال"، كبيرًا في السن، ولابد من مكافأته في آخر أيامه. خامساً: صار واضحاً أن النظام الديمقراطي في هذا البلد يواجه تحديات كبيرة. هذا البلد الذي قضى، حتى الآن منذ أن نال الاستقلال، ثلاث سنوات حكماً ديمقراطياً، وست سنوات حكماً عسكرياً. يحدث هذا التحدي أمام الديمقراطية، ليس فقط بسبب حماس وعواطف الأحزاب والطوائف المسلمة في الشمال، ولكن، أيضًا، بسبب غياب الجنوبيين. وذلك لأن الانتخابات التي جاءت بالبرلمان الحالي لم تغطِ كل جنوب البلاد، وذلك بسبب الحرب الأهلية هناك. لهذا، مهما فعل البرلمان الحالي، حل الحزب الشيوعي أو لم يحله، مجرد دستوريته فيها قولان... " ------------------------ طرد النواب الشيوعيين (21-12-1965): "... بينما يعيش السودانيون أيام اختبار للديمقراطية الجديدة، يبدو أنهم، أو أن أغلبية نوابهم في البرلمان، مصممون على إنهاء وجود الحزب الشيوعي السوداني. وبعد أن عدل البرلمان الدستور، وأعلن حل الحزب الشيوعي، ظهرت مشكلة أخرى، وهي أن التعديل لم يشر إلى وجود النواب الشيوعيين في البرلمان... وبعد مناقشات ساخنة، تقدمت الحكومة بمشروع قانون لتعديل الدستور للمرة الثانية في هذا الموضوع، وللمرة الثالثة خلال هذه السنة: إلغاء عضوية النواب الشيوعيين في البرلمان... وفاز التعديل. لكن، ظهرت مشكلة أخرى، وهي أن ثلاثة من النواب المحسوبين على الحزب الشيوعي ليسوا شيوعيين... لا بأس. تقدم حسن الترابي، زعيم الإخوان المسلمين، والذي كان عميد كلية القانون في جامعة الخرطوم، والحاصل على دكتوراه في القانون الدستوري، باقتراح بأن يصوت البرلمان على طرد ثمانية نواب، بأسمائهم، وإبقاء الثلاثة الآخرين، بأسمائهم..." (تعليق: المطرودون: حسن الطاهر زروق، عزالدين علي عامر، محمد إبراهيم نقد، عمر مصطفى المكي، الرشيد نايل، الطاهر عبدالباسط، أحمد سليمان، جوزيف قرنق. لم يشمل الطرد: محجوب محمد صالح، عابدين إسماعيل، محمد سليمان). --------------------------- (تعليق: مع نهاية سنة 1965، وبعد شهرين تقريباً في جدل حل الحزب الشيوعي السوداني، والمناقشات "الدينية العاطفية" التي أشارت إليها هذه الوثائق الأمريكية، تم طرد النواب الشيوعيين من الجمعية التاسيسية. في السنة التالية، 1966، انتقل الموضوع إلى المحاكم. وذلك لأن الحزب الشيوعي رفع ثلاث قضايا دستورية: أولاً: ضد تعديل الدستور. ثانياً: ضد حل الحزب الشيوعي. ثالثاً: ضد طرد النواب الشيوعيين. وبعد سنة كاملة تقريباً، ومع نهاية سنة 1966، أعلن صلاح حسن، قاضي المحكمة العليا، أن الحريات في المادة الخامسة في الدستور لا يجوز تعديلها. وأن كل ما حدث كأن لم يحدث. لكن، عارض قادة الأحزاب الثلاثة، الأمة والاتحادي والإخوان المسلمين، قرار المحكمة العليا. وقال الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة، إن الحكم "تقريري." وكان صار رئيساً للوزراء في ذلك الوقت. وأعلن أن الحكومة غير ملزمة بتفيذ قرار المحكمة العليا. وقال الترابي: "تملك الجمعية التأسيسية السلطة التأسيسية. لهذا، يأتي فصل السلطات إلى تشريعية، وتنفيذية، وقضائية في المرتبة الثانية بالنسبة للسلطة التأسيسية، يأتي في مقام الفرع من الأصل. ولهذا، ليست السلطة القضائية غير فرع." وأضاف: "لا نريد حل الحزب الشيوعي لأن طالباً قال ما قال. لكن، اشتعلت العاطفة الجامحة التي أخرجت الناس إلى الشوارع، على اختلاف ميولهم الحزبية، مثلما خرجوا في الحادي والعشرين من أكتوبر." وأمام معارضة الحكومة وقادة الأحزاب الرئيسية لحكم المحكمة العليا، وعودة الانفعالات والعواطف الدينية، استقال رئيس القضاء، بابكر عوض الله. وكتب في خطاب استقالته إلى الرئيس الأزهري: "عملت ما في وسعي لصيانة استقلال القضاء منذ أن كان لي شرف تضمين ذلك المبدأ في ميثاق أكتوبر. ولا أريد لنفسي أن أبقى على رأس الجهاز القضائي لأشهد عملية تصفيته، وتقطيع أوصاله، وكتابة الفصل المحزن الأخير من فصول تأريخه..." ومن القادة الذين أيدوا قرار المحكمة العليا، الأستاذ محمود محمد طه، الذي كتب: "الشيوعية مذهبية زائفة في جوهرها، لكن لها بريقاً خلاباً. وهي لا تحارب إلا بالفكر الإسلامي الواعي. وهو في السودان موجود. لكن، حل الحزب الشيوعي يحرم الفكر الإسلامي الواعي من فرصة مواجهة الشيوعية لتخليص الناس من شرورها. نعم، تشكل الشيوعية خطراً على البلاد. لكن، يزيد خطر الشيوعية وجود الطائفية. والحق أن الخطر الماثل على البلاد إنما هو من الطائفية. لهذا، محاربة الشيوعية بهذه الصورة الزرية يصرف الناس عن خطر ماثل إلى خطر بعيد. لهذا، لمحاربة الشيوعية، حاربوا الطائفية..."). ======================= تعقيب: من الكاتب السوداني ثروت قاسم: "... كتبت الآتي، على لسان السفير الأمريكي في الخرطوم، عن اجتماعه مع الصادق المهدي، حسب خطاب السفير بتاريخ 10-8-1965: "... وتطوع المهدي، واسهب في تفاصيل العلاقة بين السودان ومصر منذ زمن طويل، وعن جده المهدي "الذي حرر السودان من الاستعمار المصري البريطاني الأول..." ثم وضعت بين قوسين تصحيحاً من سعادتك، قلت فيه ما يلي: (يقصد الحكم التركي بمساعدة بريطانيا. "الثاني" هو البريطاني المصري الذي بدأ بعد هزيمة المهدية). وأسمح لي أن أقول إن السفير الأمريكي كان يقصد ما قال حرفياً. وهو أن الحكم الأول كان استعماراً مصرياً بريطانياً، وليس تركياً، كما أردت أن تصحح. يقول البعض "التركية السابقة"، ويقصدون الحكم الخديوي المصري 100%، للسودان، من سنة 1820 إلى سنة 1885. محمدعلي باشا مصري 100%. وإن كانت أصوله غير مصرية والبانية. لم يحكم الأتراك السودان. واسم "الترك" لأن الخلافة العثمانية كانت حية وقتها، وكانت مصر تتبع لها اسمياً. لكن، الحكم في السودان كان مصرياً فعلاً، وبريطانياً اسماً. وكان غردون موظفاً تحت الخديوي، وكذلك هكس باشا، الذي أعطاه الخدوي توفيق عطية بمبلغ 10 ألف جنيه ذهبي لكي يأتيه بالمهدي، حياً أو ميتاً. هكس كان مرتزقاً في خدمة الخديوي توفيق. وكذلك غردون باشا. والحكم كان مصرياً 100% وليس تركياً كما تدعي سعادتكم..." ======================= الاسبوع القادم: حكومة الصادق المهدي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته