لم نتسلم دولارًا واحداً لقاء تسليم كارلوس +++ (...) هذا ما طلبه كارلوس من السلطات الأمنية +++ غضب ضابط الأمن الفرنسي فيليب راندو عندما علم بإطلاق سراح كارلوس +++ ما الاتفاق الذى تم بين الخرطوموباريس بعد الرفض الأول للتسليم حوار: محمد عبد العزيز تصوير: أحمد طلب * أثار الحوار الذي أجرته (السوداني) مع إلييتش راميريز سانشيز، المعروف بكارلوس، العديد من ردود الأفعال، مما دفع قيادات الأجهزة الأمنية للتصدِّي لرواية كارلوس لعلاقته بالخرطوم؛ فتقدم مدير جهاز الأمن والاستخبارات الأسبق اللواء حسن ضحوي للإدلاء بإفاداته. ولإفاداته قيمة كبيرة، باعتبار أنه أحد القيادات الأمنية القليلة التي كانت ممسكة بملف كارلوس، كما أنه لأول مرة يتحدث في هذه القضية. فى الحلقة السابقة توقفنا عند اكتشاف السلطات الأمنية لوجود كارلوس في الخرطوم بعد مشاجرة له مع أحد المواطنين، والتقاطعات بين أجهزة المخابرات حوله، وفي هذه الحلقة نواصل: * ألم يترصد الأمريكان كارلوس بالخرطوم ويتجسسوا عليه؟ لم يكن للإمريكان تنسيق مع الفرنسيين في هذا الجانب، ما أعلمه أن الفرنسيين هم من كانوا يترصدون كارلوس منذ لحظة وصوله لمطار الخرطوم وقاموا بتصويره على سلم الطائرة، بل واصلوا في مراقبته حتى في مجاله الخاصة وقاموا بتصويره وهو في حالة رقص، كل هذه الصور عرضت علينا لاحقاً من قبل باريس. * هل صحيح أن كارلوس تخفى قبل خروجه من المطار؟ لا لم يحدث هذا مطلقاً لقد خرج بشكل طبيعي كأي راكب عادي والفرنسيون قاموا بتعقبه، وأي حديث غير هذا فهو رواية خيالية شبيهة بروايات (أرسين لوبين). * إذاً علاقتكم كانت مباشرة مع الجانب الفرنسي دون وجود أي وساطة أمريكية أو خليجية؟ نعم وكما أشرت لك في بداية الحوار فقد كانت علاقتنا مع باريس متقدمة جدًا في المجال الأمني أكثر من أي دولة غربية في ذلك الوقت. * متى بدأت الاتصالات الفرنسية معكم بخصوص كارلوس؟ الفرنسيون كانوا يضعون كارلوس تحت المراقبة الدقيقة، وما أن حدثت المشاجرة وقمنا باعتقال كارلوس، حتى حضر بعد أيام قليلة الجنرال الفرنسي فيليب روندو للخرطوم وهو يعتقد أننا ما زلنا نعتقل كارلوس فجاء وهو يحمل معه طلب تسليم عبر الانتربول، وحدثنا مستبشرًا بأن من قمتم باعتقاله هو الإرهابي العالمي كارلوس. * وماذا فعل عندما علم بإطلاق سراح كارلوس؟ غضب وسألنا عن السبب، فقلنا له إننا لم نعلم هويته، فسرد لنا تاريخ مطاردتهم لكارلوس منذ أن قام بتنفيذ عمليات إرهابية بفرنسا أودت بحياة 11 مواطناً فرنسياً منهم اثنان من رجال المخابرات الفرنسية كانو ضمن فرقة خاصة من ستة أفراد اقتحموا عليه غرفته بأحد فنادق باريس وتمكن من إصابتهم جميعاً وخرج عبرهم من الغرفة بمهارة فائقة، وقد طالب الثعلب خلال ذلك من السلطات الفرنسية إطلاق سراح صديقته واثنين من الألمان المعتقلين لديهم، إلا أن السلطات الفرنسية لم ترضخ لطلبه بل اجتهدت في تعقبه وقد رصدنا تنقله بين الأعوام 1973- 1993بين دول عديدة أبرزها اليمن الجنوبي، ولبنان، وفلسطين، وسوريا، والعراق والأردن، وحتى وصوله السودان ، وشرح لنا كيف احتضنته الجبهة الشعبية للتحرير فلسطين ومجموعة أبونضال لفترة تجاوزت العامين، وأنه لم يرصد له خلالها اشتراكه مع المجموعات الفلسطينية في أية انشطة عسكرية فاعلة، إلا أنه قام بتعليمهم كيفية استخدام المتفجرات والألغام، وبعض التكتيكات الصغرى التي يجيدها والمرتكزة على إجادة المباغتة والاقتحام والمحافظة على قوة الاندفاع، وأشار الجنرال الفرنسي إلى أنهم اتفقوا مع المخابرات الأردنية على شروط إبعاده إلى الخرطوم، بما فى ذلك تاريخ الوصول. * وماذا كان ردكم على الطلب الفرنسي لتسليم كارلوس؟ لم ينال الجنرال الفرنسي ما كان يتوقعه، رغم أن العلاقات الأمنية بين الخرطوموباريس كانت مميزة، وبعد طول نقاش اتفقنا معه على طرد كارلوس من الخرطوم. بمهلة شهرين كاملين طلبها كارلوس للتنقيب عن جهة أخرى توافق على مقدمه إليها، عاد بعدها الجنرال الفرنسي إلى وطنه، وعاد كارلوس حرًا مع زوجته داخل فيلا مريحة وسيارة متوسطة مع رقابة أمنية خفيفة لحركته المحدودة وسط الجاليات والمنظمات الأجنبية وعند نهاية المدة عاود الجنرال الحضور إلى الخرطوم، وعاود الجهاز استدعاء كارلوس الذي كان يعتذر عن عدم وجود أية جهة تقبل بمقدمه إليها، ويطلب مهلة شهر آخر، وقد منح لها بقناعة أن لا أحد يقبل به في مثل هذا الوقت الذي يحارب فيه العالم الإرهاب من أقطاب موحدة. ألم تساوموا الفرنسيين مقابل تسليم كارلوس؟ كيف يعني؟! أن تطلبوا مال أو مساعدات عسكرية، يتردد أن السودان حصل على ملايين الدولارات إلى جانب مساعدة عسكرية تمثلت فى صور للأقمار الاصطناعية لمواقع متمردي الجيش الشعبي؟ لم يحدث ذلك، ونحن كجهاز مخابرات محترف لم نتصرف بهذا الشكل، ولم نتسلم دولارًا واحدًا، وحتى الحديث عن مساعدات عسكرية غير صحيح، علاقتنا مع الفرنسيين كانت قوية وكان ضباط الجهاز يتلقون تدريبات في فرنسا، إلى جانب تبادل المعلومات بيننا وباريس. ألم تضعوا في اعتباركم أن تخسروا مناصري كارلوس لا سيما الحركات الفلسطينية؟ لا أبداً..لم نخف من شيء، فكارلوس دخل السودان بطريقة غير شرعية بتزويره لجواز سفر. (مقاطعة) هل قمتم بمحاسبته قانونياً على هذا التزوير؟ لا هل ترددتم فى تسليمه للفرنسيين؟ لم نتردد، فكارلوس لم يكن معه أحد ولم يكن مع أحد، وعندما طلبنا منه الخروج من السودان كان يمكن له الاستنجاد بالفلسطينيين لمساعدته وتوفير ملاذ آمن له، بل كان يمكن له الذهاب إلى اليمن أو فلسطين أو ليبيا أو العراق ولكن لم يكن هناك من يقبل به. وماذا حدث بعد انتهاء مهلة الشهر الأخيرة التي منحت له؟ قبل انتهاء المهلة بيومين كان الجنرال الفرنسي فليب روندو حاضرًا في الخرطوم لاستلام كارلوس، وتلقائيا، تم طلب كارلوس للمثول أمام الضابط المختص بملفه، ولكنه لم يكن موجودًا بمنزله ولا حتى زوجته لم تكن هناك، وظل تلفون مسكنه يرن دون رد، فانزعجنا لذلك وقلنا أين يمكن أن يكون قد اختفى كارلوس، فنشرنا أفراد الأمن ليمشطوا الخرطوم عامة والأماكن التي كان يتردد عليها كارلوس. ونواصل... فى الحلقة القادمة: أين اختفى كارلوس؟ ومن دلَّ المخابرات السودانية على مكانه؟ ما علاقة المخابرات المصرية بملف كارلوس؟ وما الذي قاله ضابط المخابرات المصري لنظيره السوداني عندما شاهد كارلوس لأول مرة؟