محاسن أحمد الاطباء النفسيون في خطر هزت الحادثة الاليمة التي كان مسرحها مستشفى التجاني الماحي بأمدرمان في الفترة الماضية والتي قام من خلالها احد المرضى النفسيين في المستشفي بإصابة ممرض و طبيبة بجروح عمقية بآلة حادة نقل على اثرها الممرض إلى المستشفى لتلقي العلاج، ما حدث كان نتيجة لافتقاد المستشفى ابسط مقومات الحماية الامنية التي تعمل على درء الخطر و الكوارث التي قد تحدث نتيجة تهور او تمرد بعض المرضى الذين يفلتون من القيد ويطبقون ما يمر على اخيلتهم على ارض الواقع لتأتي العواقب غير سليمة في اغلب الاحيان. في فترة ماضية اثناء تجوالي داخل مستشفى التجاني الماحي لزيارة احدى المريضات اندهشت و انا ارى بأم عيني عددا من المرضى الخطرين و هم يتجولون بجانبنا و كأنهم في متنزه و ابصارهم شاخصة صوب شيء مجهول لا نراه و هم يرونه مع بعض التصرفات الغريبة الخارجة عن الارادة، اولا دعوت الله سبحانه و تعالى أن يخفف عنهم المرض و يمنحهم نعمة الشفاء، ثانيا تمنيت من السادة الاعزاء في ادارة المستشفى أن يولوا كثير اهتمامهم لاطبائهم و ممرضيهم و عمالهم القائمين على امر معالجة و خدمة المرضى النفسانيين بالمستشفى بتشديد الرقابة على المرضى باستتباب الامن و حمايتهم من الايدي الباطشة من المرضى و التصرف العدواني الذي قد يكون مميتا باعتبار أن اغلب من يتعاملون معهم هم يفتقدون للعقلانية والصواب بسبب المرض. من يتعاملون مع هذه الفئة يجب أن يشعروا بالامان و الطمأنينة و هم يأدون واجبهم المهني و الانساني، و ذلك أن لا تمر الحادثة مرور الكرام باعتبار أن ما حدث يمكن أن يتكرر مرة و اثنتين و عشرا لان الفاعل دون وعيه وهو على ذمة العاقل. بما اننا لم نرتق بعد لمستوى التطور و الحداثة الذي تتمتع بها اغلب الدول و هي تقدم لمواطنيها خدمة متطورة و بمهنية عالية، لكن هذا لا يمنع أن يكون عشمنا كبيرا بأن تمتد اقدامنا خارج لحافنا بغية الحصول على ابسط الحقوق في مختلف مناحي الحياة و أن لا تكون امنياتنا و طموحاتنا محدودة حتى نجعل المستحيل متاحا. قلبي مع من يعملون في هذا المجال الصعب الذي يحتاج للكثير من التأني و السلاسة و (طولة البال) و سهر الليالي و التعاطف الكبير بالطبطبة على الجراح و معايشة المآسي عن قرب و فوق كل ذلك الطاقة الجبارة التي استمدها البعض من المشاكل الواقعية التي يعلمون خفاياها بعيدا عن دنيا الخيال. يجب على القائمين بأمر هؤلاء أن يدركوهم قبل أن تقع كارثة دامية اخرى فنحن احوج ما نكون اليهم بعد أن تزايدت اعداد المرضى النفسانيين بفعل الظروف الاقتصادية و العاطفية الصعبة والمريرة التي مروا بها فأصبحوا معزولين عن المجتمع غصبا عنهم وهم مكبلون بقيود اوجاعهم و آلامهم في انتظار الشفاء. بدون قيد: عزيزي..لقد تمكن حبك مني حتى اصبحت (نزيلة) في (عنبر) هواك، فأنت (نفسياتي) المتقلبة على امواج بحر حبك الهادر.