يتفق علماء السياسة على أن تسوية الخلافات السياسية هي احدى اهم مقاصد العملية الانتخابية .. فالاحتكام للانتخابات هو دعامة الاستقرار ووسيلة تداول السلطة بطريقة سلمية، سوية، سلسة .. كل التجارب تشير إلى ذلك وتؤكده، .. صحيح في بعض الاحيان تكون هناك ملاحظات ومآخذ وتظلمات وغير ذلك مما يصدر من القوى المعارضة او المراقبة او الخاسرة، الا أن ما ترسيه العملية الانتخابية بتأسيس ممارسة سياسية سليمة راشدة يعتبر اقوى وأهم من تلك الملاحظات حتى ولو كان بها بعض الحقائق . ولا شك في أن هذه هي قناعة غالبية الاحزاب، لذا قررت المشاركة في الانتخابات ورفض دعوات المقاطعة .. ومن هنا نقول يجب على المقاطعين دراسة هذا الموقف لمراجعة موقفهم .. فالمشاركون ليسوا اقل حنكة ولا اقل وطنية ولا اضعف رغبة في الممارسة السياسة من اولئك .. انما الفارق بينهما أن المشاركين يغلبون المصلحة الوطنية ويقتنعون بمقاصد الانتخابات والتي ذكرنا أن من اهمها تسوية الخلافات السياسية وتهيئة المناخ المعافي . إن تأمل المواقف السياسية يوضح أن الرافضين للمشاركة في الانتخابات ينطلقون من قاعدة معاداة المؤتمر الوطني وكل ما يصدر عنه وهو امر ليس من السياسة في شيء . صحيح أن المؤتمر الوطني يسيطر على الساحة السياسية بأغلبية واضحة وهو امر ليس بمستغرب في العملية الديمقراطية، ولا يمنع من أن يجد منافسة من قوى اخرى والسنين دول بين الأحزاب ! نقول إن خطوة المؤتمر الوطني بترك نسبة مقدرة من الدوائر للاحزاب الاخرى تعني انه على قناعة فعلا بأهمية تحقيق مقاصد العملية الانتخابية وهي تقريب المسافات بين الاحزاب وتسوية الخلافات، وهو موقف نرى انه جدير بالقبول من كل قوى تتطلع حقيقة إلى ارساء نظام حكم ديمقراطي وتحرص على تهيئة بيئة سياسية معافاة .. إن تجارب الدول ودروس التاريخ توضح صعود احزاب وهبوط اخرى، وتوحد احزاب وانشقاق اخرى، ويبقى مربط الفرس في كل ذلك هو التمسك بالعملية الانتخابية وقبول نتائجها. إن استقرار البلاد وتلطيف الاجواء وتعبيد الطريق بعيدا عن عمليات التمرد والهدم والتخريب هو واجب كل القوى السياسية كبر حجمها ام صغر ..ومن يتأمل تجربة سنوات الانقاذ بحياد لا بد انه يلاحظ حرصها على مشاركة الآخرين وهذا يتطلب حديثا آخر .. على كل نختم بقول الراحل الشريف زين العابدين الهندي "إن هم الوطن اكبر من هم الحزب" علي عبد الكريم