يوم الخميس الماضي، كنتُ ضيفة داخل استديوهات فضائية الخرطوم من خلال برنامج (من العمق)، والذي تعده وتقدمه الكاتبة والصحفية (زينب السعيد)، والذي شاركتنا في محاوره الروائية (سارة الجاك) صاحبة رواية (خيانتئذٍ)، والتي فازت من خلالها بجائزة مركز عبد الكريم ميرغني للرواية. وقد أتى عنوان حلقة البرنامج باسم (الخيانة). ما لفت نظري في الحلقة، أنها ورغم الإعداد لها بحيث تتناول جميع أنواع الخيانات من خيانة للوطن والعقيدة والصداقة والزمالة والحياة الزوجية، إلا أن استطلاعات الشارع كانت تتجه بشكل مباشر للحديث عن الخيانة الزوجية. وهذا يرجع وحسب اعتقادي، إلى أن نسبة الخيانات الأخرى ضئيلة مقارنة مع نسبة الخيانة الزوجية، أو أن رائحة الخيانات الأخرى لا تظهر بوضوح ويمكن إخفاؤها، ولكن رائحة الخيانة الزوجية تزكم الأنوف وتخرج للعلن وتفضح صاحبها. زميل لي اكتشف خيانة زوجته له مع (سيد الدكان)، ورغم أنه لم يستطع التأكد من درجة الخيانة تلك، أو إلى أي المراحل قد وصلت، إلا أن اكتشافه لوجود علاقة بينها وبين سيد الدكان كان كافياً لتثبيت الخطيئة عليها. المدهش في الأمر، أنه لم يقم بأي إجراء سلبي تجاه زوجته، بل حاول احتواء الموقف ومعالجة المسألة بطريقة هادئة، وقد وصف لي زوجته بأنها تقوم على خدمة والده الذي يشكو من ضعف في النظر وأمه الكبيرة، وتراعي أطفاله وتهتم بمنزلها وضيوفه الكثر وتهتم به شخصياً. بل ذهب إلى أكثر من ذلك، حينما برر لي علاقتها مع سيد الدكان، بقوله إنه يهملها كثيرا، وإنه متعدد العلاقات العاطفية داخل موقع عمله وخارجه. وذكر أنه كلما اقترب من زوجة رجل ما يحس أن أحدهم يقترب من زوجته، بمعنى أنه كل ما نظر داخل منزل رجل آخر تسلل أحدهم إلى أسوار منزله. إن قصة هذا الزميل تلخص الحكمة القديمة الشائعة والتي تقول (كما تُدين تدان). وتؤكد أنه وعلى الرغم من تعدد أنواع الخيانة بما فيها خيانة الوطن والعقيدة والصداقة والتي تعتبر الأسوأ على الإطلاق، إلا أن الخيانة الزوجية أشدها ألماً وأكثرها جرحاً للمشاعر وهتكاً للذكريات وقتلاً للحب. وليس هناك إحساس أقسى على رجل من أن يكتشف أن زوجته ليست له وحده، وأنها تنتقل من رجل إلى آخر، أو أن هناك رجلاً يشاركه زوجته. وليس هناك من شيء أكثر إيلاماً على امرأة من أن تعلم أن زوجها يبيعها الأوهام والأكاذيب، وقلبه وعقله غرفة فندقية تتعاقب عليها النساء. إن المرأة التي لا تستطيع أن تصون نفسها وتحفظ زوجها في حلِّه وغيابه، عليها أن تعلم جيداً أنها لا تختلف أبداً عن النساء الساقطات مدفوعات القيمة، واللائي يتكسبن من أجسادهن، وعليها أن تخلع رداء الزوجية وتنضم مباشرة إلى ذلك القطيع. وعلى الزوج الذي لا يصون زوجته ويسرح ويمرح خارج منزله ويمارس عنترياته مزهواً بتحلق بعض الغبيات حوله؛ عليه أن يعلم جيداً أن زوجته تتحلق حول عنتر آخر. سهير عبد الرحيم هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته