المجلس التشريعي بولاية الخرطوم بصدد إجازة قانون جهاز التحصيل الموحد بالولاية. الفكرة رائدة جداً وغير مسبوقة على مستوى ولايات السودان، أما على مستوى المحليات فقد سبقت محلية شرق النيل الإقرار وتطبيق نظام محوسب وموحد للتحصيل. الهدف من الجهاز حسبما تشير المذكرة التفسيرية للقانون هو (تنمية وتطوير الموارد، وزيادة الإيرادات وعائدات التحصيل، وتوحيد وتفعيل المواعين الإيرادية، وتبسيط وتسهيل الإجراءات، وتطوير أساليب التحصيل وحوسبتها، وربطها بالشبكة الإلكترونية، لضمان الإشراف على أجهزة التحصيل وتحسين وسائلها ومنعاً للازدواجية في فرض المفروضات المالية وتحصيلها بين وحدات الولاية. وتدريب العاملين بالجهاز، والسعي لتوطيد وتقوية العلاقات ما بين الممولين والجهات الحكومية الفارضة للرسوم، بغرض توسيع مظلة التحصيل والتوزيع العادل لحصيلة التدفقات النقدية، وتحقيق الكفاءة في إدارة الموارد ومعرفة المتوقع منها وفق معلومات محددة، وتحقيق نظام رقابي فعال، والحد من التهرب والتحايل والغش في سداد الالتزامات والرسوم للنشاطات المختلفة). إن المشكلة الأساسية في ولاية الخرطوم، بل في كل ولايات السودان، أن حصيلة الضرائب المتحصلة لا تتناسب مع حجم النشاط الاقتصادي الكلي. فحصيلة الضرائب في السودان حوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي بينما نسبتها من الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية ما بين 25%-35%. وتعود قلة الحصيلة للتهرب الضريبي، أو عدم الكفاءة التحصيلية، أو الفساد، أو بسبب انتشار الاقتصاد الخفي. يحاول القانون الجديد معالجة كل هذه الأسباب عن طريق توحيد إجراءات وطرق التحصيل، وتوحيد العنصر البشري الذي يقوم بالتحصيل تحت مظلة واحدة، وتحديث وسائل التحصيل باستخدام التقانة الحديثة، وذلك بالنسبة للأنشطة المسجلة والتي يتم التحصيل منها حالياً بالطرق التقليدية. أما بالنسبة للأنشطة غير المسجلة، أو ما يعرف بالاقتصاد الخفي، فإنها تحتاج لجهود أكبر وأعمق. والاقتصاد الخفي هو ذلك الجزء من الأنشطة الاقتصادية التي لا تطالها أيدي السلطات العامة لأنها مخفية وغير واضحة. وبالتالي لا تستطيع السلطات المختصة إحصائها، أو تنظيمها، أو تحصيل الضرائب والمستحقات الحكومية منها. وقد يكون النشاط الاقتصادي الخفي من حيث موضوعه شرعياً كممارسة التجارة والوساطة بالتلفون والفاكس والإيميل من البيت، أو من خلال مكتب لا يدل مظهره على مخبره، والهدف في هذه الحالة هو التهرب من الضرائب والرسوم الأخرى. وقد يكون النشاط نفسه غير مشروع كالاتجار في المخدرات أو العمل بالتهريب أو غسيل الأموال. الاقتصاد الخفي (غير المشروع) يصعب جداً تقديره أو الإشارة لأماكن ممارسته الا من خلال معلومات الأجهزة الأمنية المختصة. أما بالنسبة للاقتصاد الخفي (المشروع) فعلينا الاستفادة من قاعدة بيانات السجل المدني. إن تضمين قاعدة بيانات السجل المدني كل الأنشطة الاقتصادية الخاصة بشخص ما عبر رقمه الوطني ستمكن من محاصرة الاقتصاد الخفي. ويتطلب هذا الخطوات الآتية: كل المعاملات الرسمية لا تتم إلا بإبراز الرقم الوطني. ويشمل ذلك معاملات الضرائب، الجمارك، تسجيل الأراضي والعقارات ونقل ملكيتها وكل المعاملات الخاصة بها، تسجيل السفن والطائرات والمتحركات ونقل ملكيتها وكل المعاملات الخاصة بها، تسجيل الشركات وأسماء الأعمال، تسجيل المنظمات الطوعية، منح إعفاء الخروج وتسجيل الدخول للسودانيين. بتكامل هذه المعلومات ومقارنتها ببرامج حاسوبية ذكية سيتم التوصل لكل الأنشطة وممارسيها والتحصيل المشروع منهم. إن هذا يشير لضرورة استكمال عمليات السجل المدني، والانتقال من مرحلة التسجيل المبدئي الحالية إلى مرحلة إتاحة البيانات لبعض الجهات الحكومية والمؤسسات مثل جهازي الضرائب والجمارك والنظام المصرفي. لا بد من تضافر الجهود لاستكمال مشروع السجل المدني باعتباره قاعدة بيانات أساسية أمنية واقتصادية واستراتيجية. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته