مؤخراً ضبطت الإدارة العامة للمخدرات معملاً عشوائياً لإنتاج مادة الكبتاجون المخدرة، وقبلها ضبطت شرطة جبل الأولياء مصنعاً عشوائياً ينتج السجوك في مخزن عادي، وضبطت وزارة الصحة بولاية الخرطوم مادة تقول دعايتها أنها عشبية لتقوية القدرة الجنسية، ولكن اتضح أن العشب مضاف إليه حبوب الفياغرا الطبية مسحونة ومخلوطة بهذا العشب! تثير هذه الضبطيات والمخالفات أسئلة مقلقة حول أدوار الرقابة على الأغذية والأطعمة والمستحضرات الطبية ومن يقوم بها في السودان. مؤخراً قامت لجنة حكومية مختصة بحصر القوانين واللوائح السارية التي تضبط وتنظم عمليات التصنيع والتداول والعرض للأغذية والأطعمة والمستحضرات الطبية والتجميلية، على المستوى القومي، وفي ولاية الخرطوم، فوجدتها أكثر من 30 قانوناً ولائحة من نماذجها: قانون المواصفات والمقاييس لسنة 2008م، قانون الادوية والسموم لسنة 2009م قانون الصحة العامة القومية لسنة 2008 قانون حماية البيئة لسنة 2001م، قانون مصائد أسماك المياه العذبة لسنة 1954م، قانون الحجر الصحي لسنة 1974م، قانون تفتيش اللحوم لسنة 1974م، قانون رقابة الأطعمة لسنة 1973 م، قانون حماية الصحة بولاية الخرطوم لسنة 1999م، قانون حظر استخدام برومات البوتاسيوم فى الخبز والأغذية بولاية الخرطوم لسنة 2004م، ، قانون المنطقة الخالية من أمراض الحيوان لسنة 1973م، لائحة تفتيش لحوم الدواجن بولاية الخرطوم لسنة 1998م، قانون حماية وترقية البيئة بولاية الخرطوم لسنة 2008م ،قانون تنظيم التجارة وحماية المستهلك بولاية الخرطوم لسنة 2012م. كل قانون من القوانين المذكورة في الفقرة أعلاه له مجلس أعلى لوضع السياسات، وإدارة تنفيذية لمتابعة نفاذ وتطبيق القانون. وعلى هذا فمن الواضح أنه ليس لدينا نقص في مجال التشريعات، من حيث النصوص التنظيمية، والنصوص المعرفة للجرائم والمخالفات، ولكن نقصنا الكبير والخطير في الأجهزة التنفيذية والعمليات التنسيقية. من أهم عيوب أجهزتنا التنفيذية الخاصة بالرقابة وإنفاذ القانون، في هذا المجال الحيوي، مجال الأغذية والأطعمة والمستحضرات الطبية، ضعف القدرات والخبرات لمن يقومون بعمليات الضبط. فالفنيون لا علم لهم بالإجراءات والخطوات القانونية المطلوبة لإدانة المخالفين. والقانونيون وسلطات الضبط ليس لديهم فكرة عن الإجراءات الفنية المطلوبة لأخذ العينات، وكيفية تحريزها وفحصها وتقديمها للقضاء. مثلاًً، عند قيام حملة لضبط أغذية مشتبه أنها فاسدة في الأسواق، نجد أن مفتشي الأسواق، وأفراد الشرطة، يقومون بجمع الأغذية المشتبه فيها، وترفع مباشرة على وسيلة النقل، تفتح البلاغات ويقدم المتهمون للنيابة، ومعهم المضبوطات كمعروضات. في هذه الحالة يجد أصغر محامٍ فرصة ذهبية لإفشال القضية برمتها، وذلك من خلال الإدعاء أن الأطعمة في وقت عرضها بواسطة موكله كانت سليمة، ولكنها فسدت عند حملها في وسيلة النقل مكشوفة معرضة للحرارة، وعند بقائها في ظروف سيئة في قسم الشرطة، أو لدى النيابة لساعات طويلة. إن أخذ العينات بطريقة علمية للفحص في معامل مؤهلة هي مهارات ضرورية لنجاح عمليات الضبط ومعاقبة المخالفين. من ناحية أخرى فإن توسع وكثرة أماكن تصنيع وعرض السلع وتداولها، من مصانع ومحلات ومطاعم وكافتيريات، يجعل من المستحيل مراقبتها وتفتيشها وضبطها دفعة واحدة، لهذا من الضروري انشاء جسم تنسيقي في كل ولاية، يعمل على تنسيق الجهود، وحشد الموارد المادية والبشرية وتوجيهها في كل مرة نحو وجهة واحدة. فيكون هناك اسبوع لضبط المطاعم، وآخر لضبط أماكن بيع وتداول الأعشاب الطبية، وثالث لمراجعة مصانع المواد الغذائية.. وهكذا. هذا أجدى وأنفع لعمليات الضبط. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته