فريق شرطة / صلاح الدين احمد الشيخ العطالة/ البطالة أزمة الدول النامية. لم تستطع أجهزة إدارة الاقتصاد في هذه الدول بخنق هذه العلة، فالاقتصاد المريض هو الذي لا يصنع اعمالاً ووظائف – هذه مسؤولية الدول لا شك فيها – ان لم تكن هذه مسؤوليتها فمسؤولية من ؟ الدول الناجحة التي تتدنى فيها البطالة الى اقل من رقمين نسب قليلة والدول الفاشلة ترتفع فيها النسبة الى أعلى. ولعل الشكوى في السودان تزيد يوما بعد يوم من ظاهرة تعطل الشباب وهذه الظاهرة مقرونة في السودان بالملفات التي تتبناها الدولة او الخطأ الاقتصادي او الخط الاقتصادي؛ الخصخصة. الخصخصة بيع القطاع العام. فرق بين القطاع العام الذي كان يعمل في الخدمات (النقل البحري – الجوي – السكك الحديدية – البريد) وبين الشركات الحكومية التي انتشرت هذه الأيام كفئران الحقول تعمل وتأكل أموال الناس بالباطل في التجارة والخدمات . القطاع العام القديم لم يكن يعمل في التجارة الاستيراد للسوق المحلي مثلا السكك الحديدية كانت تستورد مباشرة احتياجاتها وكذا مشروع الجزيرة وكان المشتري الحكومي واحدا . النقل الميكانيكي مثلا يشتري كل سيارات الحكومة وكان يحصل على امتياز من بعض الشركات بأسعار تفضيلية للعربات. هذه العطالة والتبطل نتاج طبيعي لضعف حركة الاقتصاد ولعملية الخصخصة وهذه وصفة تقليدية لمنظمات التمويل الدولي وهي وصفة فاشلة اجتماعيا رغم الادعاء أنها ناجحة اقتصادياً وإذا كانت ناجحة اقتصاديا فإنها فاشلة سياسيا، فهؤلاء العطالى ليسوا أحجارا صماء بل هم بشر لهم نفس الحقوق لهؤلاء الاقتصاديين الذين ينظرون في مستقبل حيواتهم وأسرهم. كل دول العالم تنظر بحذر الى هذه الوصفات وبعضها عمل بغيرها مثلاً ماليزيا محاذير محمد لكن الدولة في السودان واصلت هذه البرامج رغم أن مؤسسات التمويل الدولي لم تقدم كثيرا للنهوض في السودان كل الذي يهمهم هذه الديون الثقيلة ويبدو أن مؤسسات السودان الاقتصادية الكثيرة والتي موكول لها أعناقنا وأموالنا ومستقبل أجيالنا لم تقف لتدرس ما تم ونتيجته ولم يقدم مفكرو السودان حلاً سودانياً لمعضلات الاقتصاد ولم يقف المفكرون للتأمل في مسألة البطالة كمهدد لاستقرار المجتمع فهؤلاء الشباب طاقة وثروة كامنة لم تفجر لم تستغل لكنها ستنفجر لتطيح بالكل. والعاطل الذي يظهر كرقم هو إنسان كامل الأهلية يساوي من يتحكم في مصيره تماما فلا فرق بين البشر إلا بكسب البعض مالاً ومنصباً وجاهاً موروثاً. وحقوق الإنسان التي ينافح عنها البعض أهم حق فيها حق الإنسان في العمل. الدول تخشى أن تصبح أكبر مخدم وكل ناتج جهدها المالي او الاستثماري يذهب مرتبات لكن الدولة ليست بشراً مثل قارون عليها أن تكدس القناطير المقنطرة وما إن مفاتيحه تنوء بالعصبة من الرجال ونظرة الدولة قاصرة في هذا . بعض المؤسسات يمكن ان تمول نفسها بنفسها دون أي دعم سوى إدارة ناجحة محترفة. مثلا خطوط الطيران او السكك الحديدية او النقل البحري وليس بالضرورة أن تأتي المؤسسات بأرباح للدولة والدولة لا تتاجر ولا تكسب فإذا انصلحت المؤسسات الحكومية وقدمت خدماتها فهذا كسب للمجتمع ليس بالضروره أن تسجل الميزانيات أرباحا فلا أحد يستطيع تقدير الكسب بتشغيل نسبة من العطالى. فالجهد البشري الذي يبذله هؤلاء الشباب لا يقدر بمال. فتشغيل العاطل وإعطاؤه مثلا الحد الأدنى من الأجر له أكثر من أثر؛ منه إدخال وتغذية أنشطة المجتمع بقوة جديدة وتقوية الأسرة. الوحدة الأساسية البشرية تدريب المتعطل عن العمل. قد يبدع فيه أكثر من غيره او قد يجد شيئا أكثر من عمله بدلا من إضاعة الزمن في الحسرة والعجز. مكاسب أمنية، مكاسب محتملة، مكاسب اجتماعية وأخرى اقتصادية. أهمها مكاسب سياسية. فلا يظن هؤلاء السياسيون البارعون (الذين دوما هم على صواب ومخالفيهم على خطأ) أن الشباب المتبطل لن يرتد عليهم ويظل يسجل إعجاباً وينظر بذهول لنجاحاتهم وانتصاراتهم المتوهمة على طواحين الهواء واتفاقية سيداو. يكفيهم فخرا أنهم الذين أتوا بنيفاشا والحرب الجنوبية الثالثة المحتملة القادمة لا بأس سيكون هؤلاء الشباب المتعطلين وقودا لها. شيء من السياسة الحكيمة يضع مشكلة التبطل والعطالة في المجتمع أولوية لتحل. شيء من التضحية المالية يمكن أن يصنع منظراً جميلاً. فالمجتمع الآن مشوه بهذه العلة وهذا المرض المزمن هل يصدق أحد أن الآلاف من المهندسين والعمال المهرة والاقتصاديين والأطباء والمحاسبين يجلسون متعطلين في طرقات الجمهورية الثانية المهجورة – كيف ستكون جمهورية ثانية ولم نفهم شيئا من الأولى؟ وهي تدخل العقد الثاني للألفية الثالثة بهذا العجز المزري ؟ هذه العلة التي خلقتها الجمهورية الأولى الدموية التي رفع فيها شعار فلترق كل الدماء دعوة انتحارية مثل طياري الكماكازي. لا يرغب أحد بالطبع في إراقة دمه وإذا اشتد الاضطهاد على المسلم فهناك تصديق شرعي مفتوح بالهجرة (ألم تكن أرض الله واسعة) فالوطن كل الأرض والقومية والعصبية كلها دعاوى جاهلية دعوها فإنها منتنة. طبعاً الذين ينتظرون أكثر حجة ومنطقاً من الذين داخل الحلبة. الذين لا يرون بسبب الغبار والصراخ والتدافع داخل الحلبة الضيقة وهم الذين يجب أن يقدموا الحلول والنظريات والبدائل مثلاً لحل المشكلة هل تم إحصاء عدد المتبطلين في السودان ونسبتهم؟. الإجابة بالتأكيد؛ لا يوجد أي إحصاء واحد يمكن الاعتماد عليه . الإحصاء ممكن ومتوفر حقيقة مثلاً بتعيين 100 من خريجي الحاسوب لإعداد قائمة بيانات لخريجي الجامعات المتبطلين مثلاً ومعرفة الحجم والرقم ثم التصنيف مثلاً الجندر – السن – التخصص – عدد سنوات التبطل والضياع – التوزيع الجغرافي وحالة الأسرة والحالة الصحية لتعرف المشكلة وتعرف حجمها اولاً ثم يأتي آخرون بسلطة لإحياء المؤسسات الميتة والمقتولة دعوة لإعادة الخطوط البحرية – الجزيرة – السكك الحديدية القديمة – الخطوط الجوية – المطبعة الحكومية – البريد والبرق – النقل الميكانيكي – المخازن والمهمات – الري – الطرق - الأشغال ، إعادة السودان القديم بروح عصرية . دعوة لتشغيل وخلق وظائف وفرص عمل لنسبة كبيرة. لا بأس أن نحتفظ بنسبة بطالة صغيرة فهناك متعطلون بالوراثة لن يلوثوا أياديهم الشريفة ولن يغبروا أرجلهم الطاهرة في سبيل الله والعمل وهناك مرتزقة وقتلة يؤجرون بنادقهم لمن يدفع لا شأن لنا بهم. دعوهم يشعلوا أطراف السودان حتى يؤمنوا بعدم الجدوى وعدم الفائدة.