الاحتفال باستقالة الشريف بدر احتفال ب(الاستقالة) من أطرف الأخبار التي اطلعت عليها الأسبوع الماضي ورد بالزميلة (الأهرام اليوم) والذي أشار لإقامة المزارعين بمشروع الجزيرة لاحتفالات ضخمة بمناسبة قبول استقالة رئيس مجلس إدارة المشروع الشريف احمد عمر بدر وطبقاً للزميلة (الأهرام اليوم) فإن رئيس لجنة مبادرة ملاك أراضي الملك الحر أحمد حمد النعيم وصف استقالة الرجل بأنها تمهد لحل عادل لقضيتهم، فيما اعتبرت سكرتارية تحالف المزارعين في بيان أصدرته قبول استقالة بدر بأنها خطوة في اتجاه الإصلاح والتقويم. حالة الاحتفال التي عبرت عنها تلك المجموعات شبيه بحالة أخرى حدثت في تسعينيات القرن الماضي لمدير أحد المؤسسات المهمة بالدولة الذي كان لديه خلافات عميقة مع نقابة العمال وحتى مع المتعاملين مع تلك المؤسسة، وعقب صدور قرار بإقالته من منصبه وتعيين سلفه نظم العاملون في تلك المؤسسة حفلا علقوا عليه لافتة كبيرة كتب عليها (هذا ليس حفل وداع للمدير السابق ولكنه حفل استقبال وترحيب بالمدير الجديد). من يلعب في فناء مصر؟؟!! صدم العالم أجمع بأحداث الأسبوع الماضي عقب انتهاء مباراة فريقي الأهلي والمصري البورسعيدي والتي انتهت بفوز أصحاب الأرض بثلاثة أهداف مقابل هدف بقيام جمهور المصري باقتحام أرض الملعب وإشراع الأسلحة البيضاء في صدور مشجعي فريق الأهلي في حادثة خلفت أكثر من 70 قتيلاً وأعلن الحداد العام في كل أنحاء مصر لمدة ثلاثة أيام وتم إيقاف منافسات الدوري المصري لأجل غير مسمى. هذا الحادث تزامن مع سلسلة حوادث أخرى شهدتها البلاد الأسبوع الماضي من خلال تزايد جرائم النهب التي استهدفت صرافات وبنوك بمناطق متنوعة طالت حتى منطقة شرم الشيخ السياحية التي لقي فيها سياح أجانب مصرعهم وهو ما يشير لوجود ترابط بين جميع تلك الأحداث. النقاط الأساسية التي أثارت علامات الاستفهام تتعلق بتوقيت حادث مباراة الأهلي الذي يتوافق مع ذكرى السنوية لمعركة الجمل الشهيرة التي حاول فيها مؤيدو الرئيس السابق حسني مبارك فض المتظاهرين بمجموعات تركب الخيول والجمال، أما الأمر الثاني فهو وجود تأكيدات وقرائن تشير إلى أن الحادث مدبر ومستهدف به جماهير الأهلي بسبب استخدام الأسلحة البيضاء وانتهاء المباراة بفوز المصري وهو الأمر الذي دفع رئيس النادي المصري لإعلان استقالته من رئاسة النادي ومغادرة العمل الرياضي بلا رجعة باعتبار أن ما حدث "غير مبرر". الأمر المؤكد والذي بات واضحاً للعيان أن هناك جهات ما تمارس التخريب المتعمد والممنهج وأن تلك الجهات شرعت عملياً في تنفيذ مخططها وتنسيق أعمالها بهدف خلق حالة من الفوضى العارمة في مصر وحرفها من أداء دورها الاقليمي والدولي والشعبي الملهم للشعوب العربية وطمس إنجازات الثورة المصرية. ++ التاريخ يكتب من جديد بغض النظر عن النتيجة النهائية لمباراة المنتخب السوداني أمام نظيره الزامبي مساء اليوم ضمن مباريات دور الثمانية في بطولة الامم الإفريقية، فإن الفريق السوداني كلاعبين وجهاز فني قد نجحوا في كتابة تاريخ جديد لكرة القدم السودانية خلال مشاركتهم في هذه البطولة. النجاحات السودانية في هذه البطولة تمثلت في العودة بعد غياب قصير عن البطولة السابقة في أنجولا والتي تسبب فيها الفيلسوف قسطنطين –لا أدرى أين ذهب هذا الرجل بعدما تعلم الحلاقة في رأس المنتخب اليتيم وقاده للخروج من التصفيات بنتائج مخيبة ومذلة- ونجاحه في الخروج من دوامة الهزائم بالثلاثية التي اكتنفت مسيرته في مشاركته الأخيرة ببطولة غانا قبل أربعة أعوام أمام كل من مصر والكاميرون وزامبيا والعودة لمعانقة الشباك والفوز والتعادل والأهم من ذلك التأهل للمرحلة الثانية عن استحقاق في أكبر مفاجآت البطولة. فعل اللاعبون وجهازهم الفني ما لم يخطر ببال أحد وأتاحوا للشعب السوداني فرصة للتفاؤل في ظل حالة الإحباط، ولذلك فإن تكريمهم بشكل لائق يوازي ما قاموا به بات واجباً على الدولة. لكن في ظل هذا التفاؤل فإن الخوف يبدأ بالتسلل مرة أخرى حينما يطلع المرء خطط ورؤى الجهات الحكومية للتعامل مع الرياضة سيما في ملف المدينة الرياضية التي تآكلت أراضيها وباتت أثرا بعد عين ولا تزال اللجان حتى اللحظة تبحث عن الذين استولوا على تلك الأراضي في حين أن القضية الأساسية هى إكمال المدينة الرياضية تأسياً بالحكمة السودانية (الجفلن خلهن اقرع الواقفات). أما مقترح وزير الدفاع الوطني الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين الذي يعتزم تمريره وإجازته داخل مجلس الوزراء والقاضي بخصم مرتب يوم من كل موظفي الدولة لصالح إنشاء المدينة الرياضية فهو سيطرح تساؤلات أخرى "ما هو الضمان أن تلتزم وزارة المالية بتوظيف هذا المبلغ لإنشاء المدينة الرياضية ولا توظفها في منافع أخرى تعتبرها أهم وأقيم من المدينة الرياضية سيما أن ذات الوزارة لديها سابقة مماثلة حينما حاولت توظيف قرض إنشاء مطار الخرطوم الجديد لصالح تجبير بنود أخرى من الميزانية ؟؟ هذا ما كانت تريد أن تفعله بقرض المطار فما بالك لمكان مخصص حسب ما تراه فقط للعب الناس وممارسة الرياضة.؟! المشهد في أسبوع كيف (الصحة)..؟! جرت العادة السودانية أن يكون أول سؤال تسأله لشخص فرقتكما الأيام لفترات (وكيف الصحة؟) وهو سؤال وإن بدا بسيطا في عبارته لكنه عميق في محتواه نظراً لارتباط الصحة والتمتع بها كاملة بالعديد من النعم حتى أن الرد النموذجي بات "طالما ما الصحة تمام فالحمد الله كلو تمام"، وعلى النقيض من ذلك فإن أي مصاعب في الصحة تقابلها أشياء أخرى تثير القلق. على هذا المنوال يمكننا وضع حالة البلاد بالسؤال عنها الأسبوع الماضي "والصحة كيف؟" لتحديد الأوضاع العامة، ولكننا سنصاب بالقلق البالغ حينما نجد أن الصحة ليست على ما يرام من واقع أمرين أولهما تقرير اللجنة التي شكلتها وزارة الصحة الولائية للتحقيق في حادث وفاة 3 مرضى بمستشفى بحري بسبب غياب الاوكسجين وثانيهما استمرار اعتصامات مرضى الكلى بسبب توقف عملية الغسيل. دون الحاجة لتكرار ما سبق أن نشرته (السوداني) حول هذه قضية تقرير لجنة وزارة الصحة الولائية والتداعيات المرتبطة بها سيما ما خطها الأستاذان والزميلان الطاهر ساتي وعطاف محمد مختار حوله، إلا أن ما لفت انتباهي عبارة "مستفزة ومدهشة" التي لم ترد ضمن محاضر تقرير اللجنة ممثلة في الإفادة التي قدمها مدير المستشفى د. أحمد يعقوب حول ما ذكره رئيس قسم الاوكسجين د. مجاهد بأن مدير المسشتفى أمره بعدم إمداد قسم الحوادث بالاوكسحين حيث لم يتوان المدير أن يعلل هذا الأمر "بأنه كان يهظر معه ساكت" وهو الأمر الذي دفع عطاف –الذي فجر هذه القضية صحفياً عبر صفحات صحيفة (السوداني)- ليجعل عنوان مقاله "يا مأمون حميدة أنا كنت بهظر ساي"!. هذه الإفادة العجيبة كانت تستوجب طرح تساؤلات أساسية حول كيفية اتخاذ القرارات والتوجيهات الإدارية داخل المستشفيات على سبيل المثال لا الحصر، فكيف يمكن للموظف المعني أن يحدد اللحظات التي يتخذ فيها القرار "هظاراً" فيمتنع عن تنفيذه أو "إلزاماً" فيسعى لتنفيذه ولنمض خطوة أكبر من ذلك ماهو مصير شخص مسؤول كرئيس قسم الاوكسجين في حال إنكار مدير المستشفى لواقعة (أمر الهظار)؟ بكل تأكيد كان سيتحمل هو لوحده وزر هذه الكارثة ولذلك فإن المؤشر الأساسي لهذه القضية –بالإضافة للجوانب الأخرى التي وردت في تحقيق الأستاذ الطاهر ساتي- تظهر قدراً من الخلل الإداري المريع والمدهش الذي تعيشه وزارة الصحة ومؤسساتها. الأمر المثير للانتباه هو حالة العداء الذي يتعاطى به وزير الصحة الولائي البرفيسور مأمون حميدة تجاه الإعلام والصحافة واستمر في ذات نهجه خلال المؤتمر الصحفي الذي أُعلنت فيه نتائج لجنة التحقيق، والتفسير لهذا المسلك هو إخفاء العيوب والثقوب التي تحيط بوزارته الوارث جلها من الوزراء أسلافه والصانع بعضها بيديه حيث يعلم الجميع مقدار الصراعات العنيفة داخل الوسط الطبي حتى بين منسوبي الحزب الحاكم أنفسهم، وهي أوضاع لم تصنعها الصحافة أو تخلقها. الأمر الثاني الذي يود حميدة الالتفاف عليه بانتقاده الدائم للصحافة والصحفيين هي الخلافات السياسية بين منسوبي حزبه في ولاية الخرطوم حول تعيينه والاعتراضات التي جوبه بها تعيينه مما جعل الرجل يصارع أمواجاً متلاطمة ومتقاطعة داخل وزارته وداخل الحزب الحاكم ويضاف لذلك أن وزر إخفاقات الصحة ستكون خصماً عليه وزاداً لخصومه في مواجهته ولذلك اختار الخيار الخاطئ بأن يدخل الصحافة كخصم ثالث "مفترض" واعتبرها في خانة الأعداء منذ البداية وهو قرار خاطئ سيجعل الرجل يخسر معركته بأسرع مما يتوقع بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف حول جدوى سياسته ومنهجه داخل وزارته. تبقى النقطة الأساسية أن التوجهات الأساسية للحكومة الاتحادية باتت واضخة للعيان وهي التهرب من أي التزامات تجاه الخدمات الأساسية وجعلها أمراً ولائياً وتسعى للتخلص من إنفاقها الشحيح على الصحة الذي يزيد قليلاً عن ال500 مليون جنيه بالاتجاه لأيلولة المستشفيات الحكومية لولاية الخرطوم ولذلك فإن السؤال الأساسي المطروح "نظير ماذا تأخذ الحكومة الاتحادية الضرائب المقدرة بأكثر من 9 مليارات جنيه في ميزانية العام 2012م على سبيل المثال وفي أي الأوجه والخدمات ستقوم بإنفاقها إذا كان التعليم والصحة ولائيين؟ وأي خدمات ستعود للمواطن نظير دفعه هذه الضرائب؟؟!!" ++ كسر عظم (الظهر) على خلاف التوقعات التي تزايدت بإمكانية نجاح القمة الرباعية التي التأمت أواخر الأسبوع الماضي التي ضمت كلا من رئيس الجمهورية المشير عمر البشير ورئيس دولة الجنوب الفريق اول سلفاكير ميارديت والرئيس الكيني موي كيباكي ورئيس الوزراء الاثيوبي مليس زيناوي في إحداث اختراق في المفاوضات النفطية بين الخرطوموجوبا التي تعثرت بشكل كبير جراء تباعد مواقف الطرفين، فإن القمة الرئاسية ونتائجها أفضت لنتيجة عكسية حيث دقت آخر مسمار في نعش المباحثات عقب رفض سلفاكير التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وهو ما أدى لفض الجولة الحالية ورفعها حتى جولة جديدة في الشهر الجاري. يستبعد تحقيق الطرفين لأي تقدم في مباحثات فبراير سيما عقب انهيار القمة الرئاسية، إلا في حالة تعرض أحدهما لضغوط شديدة تجعله يقدم تنازلات حقيقية على مائدة التفاوض، أما استمرار وتيرة التفاوض بذات المطالب دون تغيير، وفي ظل أجواء فشل القمة الرئاسية فسيكون أشبه بجولات الإيقاد ومفاوضات السلام عقب العام 1997م والتي استمرت لمدة 5 أعوام والتي انحصرت فيها النقاشات حول قضيتي (علاقة الدين بالدولة) و(حق تقرير المصير) دون إحراز أي تقدم بين الطرفين. النقطة الواضحة أن جوبا تنظر لقضية النفط باعتبارها آخر الكروت التي تبقت في يدها لمعالجة عدد من القضايا العالقة مع الخرطوم من ضمنها ترسيم الحدود المتوقف بسبب عدم الاتفاق على تبعية 5 مناطق حدودية لكن القضية الأهم هي (أبيي) وتنظيم استيفائها وهو ما ذكره مفاوضوها بشكل مباشر في المفاوضات الأخيرة حينما وضعوا جميع تلك المطالب على الطاولة وربطوا التوصل لاتفاق حول النفط بحلول تلك القضايا. وفي هذا السياق يمكن النظر لقرار الجنوب بوقف إنتاجه النفطي من زاويتين أولهما أنه القرار تكتيكي لتحسين وضعه التفاوضي وزيادة الضغوط على الخرطوم لإجبارها على تعديل مواقفها خاصة فيما يتصل بالقيمة المحددة لترحيل البرميل الواحد والتي تبلغ 36 دولاراً ومعالجة قضايا المتأخرات التي بطرف الحكومة السودانية من نصيب الجنوب في الأشهر الأخيرة التي سبقت انفصال الجنوب، وبالتالي فإن جوبا ستسعى في تلك الحالة لتحقيق مكاسب تفاوضية في المباحثات نظراً لمعرفتها التامة بأهمية النفط واستمراره بالنسبة لجارها الشمالي. أما الاحتمال الثاني فهو اتخاذ هذا القرار والموقف لدوافع استراتيجية وبعيدة المدى بغرض زلزلة الأوضاع الاقتصادية وزيادة فجوة العجز في الميزانية العامة للدولة بسبب وقف ضخ بترول الجنوب الذي سيؤدي خروجه لزيادة عجز الميزانية لأكثر من 4 مليارات جنيه ووقتها سيرتفع عجز الميزاينة ليقارب حوالي 12 مليار جنيه والتي تمثل تقريباً 50% من ميزانية البلاد وهي معطيات بكل تأكيد سيكون لها وقعها الكارثي على الوضع الاقتصادي وبالتالي سيؤثر بشكل مباشر على الأوضاع السياسية وتهدد استقرار النظام القائم في الخرطوم. وليس بعيداً عن هذا الأمر قيام قوات تابعة للحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان باختطاف عدد من العمال الصينيين ويمكن النظر لهذه الخطوة باعتبارها تسعى لتحقيق العديد من الأهداف على رأسها دفع الصين لتغيير موقفها المساند للحكومة من واقع استثماراتها الضخمة في البلاد. أما الأمر الثاني فيهدف لخلق بيئة غير آمنة تؤدي لتقليل تدفق الاستثمارات الأجنبية حيث تتصدر الصين قائمة المستثمرين الأجانب في السودان، وبالتالي فإن هذه الخطوات تستهدف الاقتصاد لإنهاك وزيادة الضغوط على الحكومة السودانية وربما إضعافها بشكل أكبر من خلال خلق الأزمات الاقتصادية بقصد تهديد الاستقرار السياسي لحكام الخرطوم وهذا لن يتم إلا باللجوء لخيار (كسر ظهر العظم) المتمثل في الاقتصاد. ++ (الترابي) و(المهدي) في مواجهة (العواصف) أثارت الفتوى التي أصدرتها الرابطة الشرعية للعلماء والتي دعت فيها كلا من رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار الصادق المهدي والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي د.حسن الترابي والسكرتير العام للحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد؛ أثارت جدلاً واسعاً وسط الأوساط السياسية والدينية حيث اعتبرت قوى المعارضة تلك الفتوى بمثابة (توظيف سياسي) من حزب المؤتمر الوطني لاستهداف رموز وقيادات المعارضة عبر استخدام تلك المجموعة، فيما بررت الرابطة الشرعية موقفها باعتبارها تقدم رؤاها على الأفكار التي يطرحها الثلاثة باعتبارها مخالفة للأفكار الإسلامية. وبدا الترابي الذي دخل عامه الثمانين الأسبوع الماضي أقل اكتراثاً من تلك الفتوى سيما أن لديه تجارب أكبر مع الفتاوي التكفيرية التي جلبت إليه من الخارج منذ سبعينيات وثمانينات وتسعينيات القرن الماضي؛ لعل أشهرها التسجيل الصوتي لعدد من العلماء المنتمين للتيار السلفي الذى حمل اسم (إعدام زنديق) والذي كفروه فيه، وتلاحظ أن الترابي لا يكترث كثيراً بالفتاوي التكفيرية التي تصدر ضده ولا يعبأ بها. رغم ذلك فإن ما سيثير قلق الترابي وأنصاره يتعلق بجزئية أخرى متصلة بما ذكره الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني د.قطبي المهدي الأسبوع الماضي والذي أشار فيه لوجود 5 مجموعات داخل الحزب تخطط للإطاحة بالترابي حيث يمكن تفسير هذا الأمر بأنه لا يخرج من احتمالين أولهما تغيير استراتيجية الوطني حيال الشعبي بالعمل على تفجير الأوضاع داخله بدلاً من زلزلته تنظيمياً باستقطاب قيادته وإعلان انضمامها لصفوفه أما ثانيهما فهو إثارة نوع من الحرب النفسية داخل صفوف الشعبي تؤدي لعرقلته لفترة من الوقت بغرض ترتيب صفوفه الداخلية. وعلى النقيض من الترابي فإن المهدي بدا أكثر انفعالاً وتأثراً بتلك الفتوى التكفيرية، ولعل مرد هذا الأمر نابع من طرحه لنفسه كوسطي وهو ما يستوجب منه أن يحظى برضا جميع الأطراف، أما الأمر الثاني فهو تخوفه من إمكانية استغلال تلك الفتاوي للتأثير على مسانديه ومؤيديه المنتمين لطائفة الأنصار. لكن بخلاف هذا الأمر فإن المهدي في انتظار تحدٍّ داخلي كبير في مقبل الأيام إذ أوردت الزميلة (أخبار اليوم) في عددها الصادر يوم أمس الأول أن قيادات بالداخل والخارج في طريقها لرفع مذكرة للمهدي تطالبه بالتنحي عن رئاسة الحزب وهو ما يشير لتنامي وتزايد حالة الغضب الداخلي على التبريرات التي قدمها الرجل فيما يتصل بمشاركة نجله العقيد عبد الرحمن الصادق في الحكومة مساعداً لرئيس الجمهورية وهو ما جعله فعلياً في مواجهة عاصفتي التكفيريين والغاضبين في ذات الوقت. ++ ما بعد صراع ميدان المولد أنهى القرار الذي أصدره معتمد أم درمان الفريق شرطة احمد إمام التهامي والقاضي بإبعاد خيمة جماعة أنصار السنة المحمدية من ساحة ميدان المولد بأم درمان، حالة الاشتباكات بين مؤيدي الجماعة من جهة ومساندي الطرق الصوفية من ناحية أخرى والتي حدثت في ميدان المولد الأسبوع الماضي. الأحداث الأخيرة جاءت تعبيراً عن حالة احتقان شديد في العلاقة بين الطرفين عقب تعرض عدد من الأضرحة للحرق في مناطق العليفون والتي اتهمت الطرق الصوفية جماعة أنصار السنة بالوقوف خلفها وهو ما نفته الجماعة بشكل مطلق معتبرة أن إزالة المنكر باليد في منهجها هو من اختصاص الحاكم وحده. إذا كانت جماعة أنصار السنة المتهمة تنكر هذا الأمر ولم تقره فإن التساؤل الموضوعي الذي بات مطروحاً؛ ما هي الجهة الحقيقية التي نفذت هذا الأمر وهل تعمدت إيصال الأوضاع لهذه الدرجة من الاحتقان الذي ظهر أول فصوله في ميدان المولد بالصراع بين المجموعتين وإمكانية تطوره مستقبلاً بالزج بمساندي الطرق الصوفية في مستنقع العنف وحرفهم من منهجهم السلمي الذي ظل ديدنهم لأكثر من 5 قرون سيما وأن لهذه الطرق مريدين في شتى أنحاء السودان وباتوا يمثلون البوتقة الوحيدة المتبقية التي مازجت بين المكونات القبلية والإثنية والاجتماعية السودانية في نسيج واحد؟ لذلك تبدو القضية في جوهرها أكبر من عراك أكثر من 70 خيمة في مواجهة خيمة واحدة في ساحة المولد وانتقاد كل طرف لأفكار الثاني باعتبار أن هذا الأمر موجود بينهما قبل استقلال السودان. إن الأمر يحتاج لنظرة أبعد مما حدث في ميدان المولد باعتباره مشهدا للقادم في مقبل الأيام. ++ (النصف الممتلئ) من صراع الاتحاد والشبكة شهد الأسبوع الماضي اندلاع الجدل مجدداً بين الاتحاد العام للصحفيين السودانيين وشبكة الصحفيين السودانيين في أعقاب إعلان رئيس اتحاد الصحفيين د.محي الدين تيتاوي أنهم بصدد تصعيد الأمر للقضاء لوقف نشاط شبكة الصحفيين السودانيين باعتبارها جسما غير شرعي، بجانب تلويحه باتخاذ إجراءات لائحية تجاه منسوبي الشبكة استناداً على دستور الاتحاد ولوائحه وهو الأمر الذي أدى لتصعيد مواز للمنضوين تحت لواء شبكة الصحفيين الذين سارع بعضهم للإعلان والمجاهرة بالانتماء للشبكة ومضوا لأكثر من ذلك حينما أعلنوا استعدادهم لنشر إعلان مدفوع القيمة بالصحف لتمكين الاتحاد من اتخاذ إجراءات جماعية في مواجهتهم. صحيح أن التصعيد الراهن بين الطرفين تفاعل عقب مقابلة تلفزيونية ببرنامج (المحطة الوسطى) بقناة (الشروق) الذي يقدمه الزميل طلال مدثر استضاف فيها الطرفين ووجه يومها شباب الصحفيين المنضوين تحت لواء شبكة الصحفيين انتقادات عنيفة لتيتاوي. وظلت العلاقة بين الطرفين منذ إنشاء جسم شبكة الصحفيين إما في حالة اشتباك او هدانة قصيرة، ولكن هذه المرة بخلاف المرات السابقة يبدو أن تيتاوي قرر المضي لآخر الشوط بهدف منع نشاط الشبكة بشكل قانوني وهو إجراء وضح حتى اللحظة أنه أفضى لنيتجة عكسية منحت الشبكة المزيد من التعاطف وسط قطاعات أوسع من قبل شباب الصحفيين. بغض النظر عن وجهة نظر الطرفين وأسانيدهما ودوافعهما، فإن النقطة التي كانت تستوجب توقف تيتاوي تتمثل في الإجابة عن الدوافع الرئيسية التي تفضي لبروز أجسام تضامنية في وجود اتحاد للصحفيين وهو أمر يشير لإحساس المنضوين تحت لواء الشبكة بأن جسمهم النقابي لا يعبر عن تطلعاتهم وفي هذا السياق فإن التعليل والتبرير بأن الدوافع السياسية المحضة والمناهضة لتوجهات الحزب الحاكم هي التي أدت لنشوء الشبكة يعتبر دليلا وإقرارا مباشر بحزبية الاتحاد، وقد يبدو هذا مفهوماً حينما يتعمد الآخرون استدراج الاتحاد لهذه النقطة لعكس حزبيته، ولذلك يبدو أمراً مثيراً للدهشة أن يستخدم رئيس الاتحاد هذا الأمر ضد الآخرين لتأكيد ما يفترض أن ينفيه. لو كنت في موضع رئيس اتحاد الصحفيين لانتهجت منهجاً مختلفاً لتوجهه الحالي قائما على فتح الباب ودار اتحاد الصحفيين لأنشطة الشبكة وفعاليتها بغض النظر عن رأيهم وتقييمهم لمواقف الاتحاد من مختلف القضايا كما أن التواصل يزيل الفواصل ويقرب الرؤى ففي خاتمة المطاف فإن شباب الشبكة يعدون جزءا أساسيا ورئيسيا في الوسط الصحفي لا يمكن إنكار وجوده وأهميته.