القوز يقرر السفر إلى دنقلا ومواصلة المشوار    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    الدب.. حميدتي لعبة الوداعة والمكر    ⛔ قبل أن تحضر الفيديو أريد منك تقرأ هذا الكلام وتفكر فيه    إلي اين نسير    منشآت المريخ..!    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان والجنوب.. سيناريوهات العودة للحرب
نشر في السوداني يوم 06 - 02 - 2012


سيناريوهات العودة للحرب
تقرير: محمد عبد العزيز
ما أن تعثرت مفاوضات أديس أبابا بشأن النفط حتى تنامى التوتر بين السودان وجنوب السودان، لا سيما بعد أن أغلقت دولة الجنوب أنابيبه وصعدت من خطابها الإعلامي، لذلك لم يكن غريباً أن يظهر ذلك الاحتقان بين البلدين في حوار الرئيس عمر البشير التليفزيوني الأخير، والذي صرح فيه بأن علاقات الدولتين باتت أقرب إلى الحرب.
الخرطوم.. اللجوء للخطة (ب)
في ظل حالة الاحتقان تلك لوح السودان باتخاذ تدابير خاصة للمواجهة، وأكد وزير الخارجية علي كرتي أن الخرطوم لم تفكِّر يوماً في خلق زعزعة بدولة جنوب السودان، وقال: "لو فكرت فقط فإن الوسائل لا تحصى ولا تعدُّ. ودعا كرتي دولة الجنوب للانتباه لما تقوم به تجاه السودان، لافتاً إلى أنها ستحرق يدها قبل أن تحرق أيدي الآخرين.
وأشار كرتي إلى أن القادة الأفارقة يعلمون أن لدى السودان كروتاً كثيرة ضد دولة الجنوب لم يستخدمها، ولفت كرتي إلى أن "باقان أموم" هو أول من صرخ وقال إن حكومة السودان تمارس ضغوطاً على الجنوب، والجنوبيون يموتون. وأوضح كرتي: "لدينا كروت كثيرة ضد الجنوب، وحكومة الجنوب حرقت كل ما لديها، ولم نستخدم كرتاً أمنياً واحداً للضغط عليها، وهذا هو الوقت الذي ينبغي أن تلجأ فيه الحكومة للخطة «ب».
من جهته يرى الخبير الاستراتيجي اللواء د. محمد عباس الأمين أنه لابد للدول من خطط بديلة لكل موقف، وينبه الأمين إلى أن الحرب يمكن التنبؤ ببدايتها ولكن لا يمكن معرفة نهايتها لافتاً إلى أنها تمثل استنزافاً خطيراً لمختلف الموارد لتأتي في ظل منطقة هشة في الأصل تعاني من ويلات الحروب.
ويري الأمين أن ما يجري حالياً هو محاولة للضغط على الخرطوم لتقديم تنازلات في القضايا العالقة بين البلدين، ويضيف أيضاً أن فرص الحرب تبدو بعيدة ولكن في المقابل يجب أن نستعد لها، وهذا الاستعداد يتم على كل المستويات السياسية، العسكرية والاقتصادية واجتماعية وثقافية.
ويقول الأمين إن على السودان اتخاذ استراتيجية (الرد المرن) حسب الموقف مع السيطرة على زمام الأحداث لذلك يجب أن نتفادى الحرب دون كبير تنازل.
الحرب القادمة..سيناريوهات نقل الحافة
رغم أن الخرطوم وجوبا يؤكدان بشكل عام أنهما لن يلجآن للحرب وسيعملان على تجاوز أزماتهما عن طريق التفاوض، إلا أن الأمور لا تسير بذات النفس البارد على أرض الواقع مما سيقود لتصادم بين الطرفين سيكون أثره أكبر مما سبق وسيأخذ طابعاً دولياً يمتد خارج الحدود.
وقد انتبهت قيادات المنطقة لهذه النقطة وحذرت من العودة لمربع الحرب. وقال رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي على هامش قمة الإيقاد الأخيرة: "نحذر من عواقب مروعة لإفريقيا إذا عاد السودان إلى الحرب"، وأضاف: "مثل جميع سيناريوهات يوم القيامة فإن العودة للحرب مروعة بدرجة لا يمكن توقعها، لهذا يتعين علينا فعل كل شيء في استطاعتنا لمنعها من الحدوث، لأن البديل سيكون بالغ التدمير ليس للسودان أو للقرن الإفريقي فحسب بل للقارة بأكملها"، لكن ملس استدرك إن الحرب الشاملة محتملة وليست حتمية.
تقديرات زناوي تبدو صحيحة لحد كبير، فعودة الحرب بين الخرطوم وجوبا لن تكون كسابقاتها مجرد حرب بين قوات نظامية وعناصر متمردة، بل ستتغير آلياتها وطرائقها وأهدافها.
غير أن الناطق الرسمي للقوات المسلحة الصوارمي خالد سعد يقول إن قرار الحرب بيد المؤسسة السياسية، وإن الجيش لا يتحرك إلا بناءً على تعليمات سياسية. وأضاف الصوارمي دون أن يخوض في أي تفاصيل عسكرية أن الترتيبات والخطط العسكرية فى حال الحرب توضع وفقاً لما يجري على أرض الميدان.
ويرى الخبير العسكري عميد ركن معاش حيدر بابكر المشرف أن الحرب القادمة فى حال قيامها ستكون أشمل من حيث مسرح العمليات، أنواع الأسلحة المستخدمة، نوعية المقاتلين، والبعد الخارجي. ويضيف أستاذ التكتيك السابق بكلية القادة والأركان المشرف في ورقة بعنوان: (جنوب السودان– الحرب الثالثة تطرق الأبواب) رسم فيها سيناريوهات اندلاع حرب بين الخرطوم وجوبا بعد انفصال الأخيرة. ومضى المشرف فى تفصيل حديثه أكثر وقال إن مسرح العمليات القادم لن يقتصر على حدود جنوب السودان المعروفة في 1/1/1956م حيث ستتسع رقعة الصراع المسلح لتشمل دارفور الكبرى وجنوب كردفان والنيل الأزرق وربما شرق السودان وهي مساحة من الأرض تعادل 65 % من مساحة السودان الجغرافي الحالي.
وفى ذات الوقت يلفت المشرف إلى أن الشمال الجغرافي لن يكون بمنأى عن الحرب القادمة فقد انتهت وإلى الأبد قدرة الشماليين على إبقاء الحرب في مسرح العمليات الجنوبي بما في ذلك سياسات " جنوبة الحرب" من خلال استقطاب قوى سياسية أو قبلية جنوبية للاشتراك في الحرب مع الشماليين كقوات (صديقة) كما أن انسحاب القوات المسلحة السودانية من الجنوب حسب اتفاق نيفاشا قبل عامين من الاستفتاء قد نقل الحافة الأمامية لميدان المعركة من قرى ومدن وسهول وتيجان الجنوب إلى شمال خط العرض (12) وبالتالي أصبحت مدن الوسط الغربي والأوسط والشرقي بدءاً من نيالا والأبيض وكوستي وسنار والقضارف ضمن مدى طيران ومدفعيات جيش دولة الجنوب القادم والذي حصل بالمقابل على ميزة تعبوية جديدة بإضافة عمق دفاعي كبير يمتد من حدود الشمال الجنوبية إلى أقصى جنوب الولايات الجنوبية مما يعني أن هنالك مرونة أكبر قد توفرت في استخدام القوات أو النيران أو الاثنين معاً.
ويمضي المشرف فى حديثه ويقول أما على صعيد نوعية الأسلحة المستخدمة في الصراع القادم فلن تكون البنادق والرشاشات الخفيفة والآر ب جي والهاونات (81) أو الراجمات بل ستتعدى ذلك إلى الأسلحة المتوسطة وفوق المتوسطة والثقيلة مثل المدفعيات بما في ذلك المدفعية الصاروخية والدبابات وناقلات الجنود المدرعة والطائرات المقاتلة مثل القاذفات وطائرات الإسناد الجوي القريب والمروحيات والصواريخ الموجهة بالليزر.
وينوه المشرف إلى أن استراحة المحارب التي أوجدها اتفاق السلام الشامل في 2005م قد أتاحت الفرصة لطرفي النزاع للبدء في سباق تسلح محموم امتص مليارات البترول وسمح للحركة الشعبية بالحصول على مرونة أكبر في التدريب العملياتي واكتساب مهارات قتال جديدة نمطية وحديثة أكبر تأثيراً من حرب العصابات التي سبقت اتفاق السلام الشامل، ويضيف المشرف إن جيلاً جديداً من العسكريين في كلا الطرفين مسلح بالعلم والتقنية والتربية العقائدية قد وجد طريقه إلى المؤسسات العسكرية التقليدية فحدث تطور هائل في استخدام تكنولوجيا المعلومات لرفع القدرات العسكرية وإضافة تقنيات متقدمة لوسائط القيادة والسيطرة والاتصالات، كما أضافت أجهزة التحكم والتوجيه الالكتروني بعداً جديد لدموية الحرب وخسائرها المتوقعة (Lethality).
ويشير المشرف إلى أن اتساع مسرح العمليات وتنوع أساليب القتال يمنح دوراً تفضيلياً لاستخدام القوات الجوية بصورة غير مسبوقة في التنقل العملياتي داخل المسرح ونقل التعزيزات ومواد تموين القتال إلى ساحات العمليات المختلفة بجانب خفة الحركة التكتيكية التي توفرها المروحيات لإنجاز العمليات الخاصة والسريعة كما أن القاذفات المقاتلة مثل السوخوي الروسية أو اف 14 – 15 – 16 الأمريكية أو الميراج الفرنسية تستطيع تدمير أهداف في النسق الثاني والثالث من الدفاع وفي هذا المجال تبدو الأهداف التي يمكن انتخابها في الشمال أكثر بكثير من الأهداف الموجودة في الجنوب فسدود السودان الرئيسية مثل الروصيرص وسنار وخشم القربة وجبل أولياء وحتى سد مروي بجانب مدن كبرى مثل الخرطوم وكوستي والقضارف وودمدني قد تصبح أهدافاً مناسبة لتلك الطائرات خاصة وأن أنظمة الدفاع الجوي تبدو هشه يمكن اختراقها في كلا الجانبين.
إن السهول العميقة في المناطق شمال نيالا وبابنوسة وكادوقلي وجنوب النيل الأبيض والدالي والمزموم والفشقة الكبرى تعتبر في غير فصل الخريف أرضاً مناسبة لقتال المدرعات وعلى نطاق واسع وهذا يفسر تزايد مشتريات الدبابات من الطرفين في الآونة الأخيرة، إن الخسائر وسط المدنيين تعتبر ضربة قاصمة لجهود أي دولة تحترم حقوق مواطنيها في السلام والأمن ومن هنا فإن الكثافة السكانية في مدن الشمال تبدو أهدافاً قيمة لهجمات القوات الجوية والأرضية الثقيلة (فالراجمات مثلاً ترمي حتى 110 كلم) كما أن مرافق الخدمات الأساسية مثل المستشفيات والمدارس ودور العبادة والأندية الرياضية قد تتلقى ضربة موجعة من الجو مثلما حدث في غزة مؤخراً.
العم سام..هل ستكسب ورقة الضغوط؟!
تراقب الولايات المتحدة بقلق تصاعد التوتر في المنطقة، خاصة أنها لعبت أدواراً كبيرة في الوصول لاتفاق سلام في نيفاشا ومتابعته وصولاً لانفصال الجنوب، لذلك فإنها ترى في نفسها راعياً رسمياً للدولة الجديدة، ورغم أن أمريكا تسعى للعب دور الوسيط المحايد لنزع فتيل الأزمة إلا أن شكوك الخرطوم تجاهها كبيرة، تسندها فيها مواقف الإدارة الأمريكية طوال الفترة الماضية.
وفى هذا السياق حذر المبعوث الأمريكي السابق للسودان أندرو ناتسيوس من أن العلاقة بين جنوب وشمال السودان تقف على حافة الهاوية، وقال ناتسيوس فى مقال نشره ب(واشنطون افيرس) إن فرص الصراع تزايدت بعد فشل الوصول لاتفاق حول عدد من القضايا على رأسها النفط. وأضاف ناتسيوس أن الخرطوم وجوبا تعانيان من تحركات تحالفات العناصر المتمردة فى البلدين بل أن معاناة الجنوب تتضاعف بفعل الصراعات القبلية. ويضيف ناتسيوس أنه وبحلول الثاني عشر من نوفمبر أعلن الجيش الشعبي بالشمال وحركات رئيسية بدارفورً عن تحالف لإسقاط حكومة الخرطوم، فى المقابل اتهمت الخرطوم جنوب السودان بإمداد التمرد بالسلاح وكررت إدارة أوباما هذه التهمة مما أدى إلى اجتماع حاد اللهجة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس جنوب السودان سلفاكير في أواخر العام الماضي ومنذ ذلك اللقاء أوقف الجنوب إمداد المتمردين بالسلاح.
على صعيد متصل يكشف ناتسيوس أن نذر الحرب بين البلدين بعد إغلاق ضخ النفط جعل نائب وزير الخارجية الأمريكي وليام برنز، ومساعد وزير الخارجية جوني كارسون والمبعوث الأمريكي الخاص برينستون ليمان يهرعون إلى جوبا لمناقشة الوضع. ويضيف ناتسيوس أن الإدارة الأمريكية سعت لتظل على حياد في التعامل مع دولتي شمال وجنوب السودان خلال العام الفائت ولعل ذلك نابع من استراتيجية الولايات المتحدة للتكيف مع صعود الإسلاميين في المنطقة العربية إلى السلطة.
ويوجه ناتسيوس رسالة للإدارة الأمريكية مفادها أنها أمام خيارين لا ثالث لهما أولهما إبلاغ الخرطوم بأن قيامها بأي هجوم على الجنوب هذه المرة يشكل انتهاكاً لدولة ذات سيادة وأن الولايات المتحدة ستقوم بإمكانياتها الجوية الخاصة بالرد على ذلك الانتهاك فالجنوب يمتلك جيشاً كبيراً قائماً فعلياً و ذا قدرات ميدانية ولكنه لايمتلك سلاح طيران ما قد يصب في صالح الخرطوم. ثانيهما بإمكان واشنطن التوسط بين الطرفين لعقد صفقة بشأن قسمة عائدات النفط تسمح للطرفين حفظ ماء وجهيهما ومعالجة أزمة الميزانية في الشمال، والتفاوض لإنهاء الحظر المفروض على المساعدات الإنسانية في مناطق التمرد، وتشجيع الخرطوم على التوصل لتسوية مع تحالف الحركات المتمردة في الشمال من خلال إجراءات إصلاحية.
فى المقابل قلل كرتي من قوة الولايات المتحدة، ووصفها بالضعيفة، وقال إنه أمر يدعو للضحك لأن سياستها تقوم على أشخاص يؤثر عليهم النشطاء والمنظمات، وكشف كرتي أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما اضطر لمهاتفة الرئيس عمر البشير، وقال: «خذلناكم عندما وقعتم على اتفاق السلام ولم نفِ بوعدنا برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات»، وأوضح أن الرئيس الأمريكي عندما تراجع راعى مصلحته أولاً، وليس مصلحة الولايات المتحدة.
وأضاف: "إذا كان لابد من الوقوع في الهاوية فسنقع فيها ونحن في حالة مواجهة واستعداد".
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أعلن مؤخراً عن رفع القيود على المبيعات الدفاعية لجنوب السودان، ويأتي هذا القرار فى سياق ترتيبات الإدارة الأمريكية لعقوباتها على السودان والتي كانت تشمله بأثره، ليتم استيعاب الأوضاع الجديدة بعد ميلاد دولة الجنوب قبل عام.
ويرى الخبير العسكري والقيادي الوطني اللواء م الفاتح عبدون أن على الشارع العام والحكومة التحفز لأسوأ الخيارات، وأضاف "يجب ألا نهاب أحداً فقد دخلنا في مواجهات معهم من قبل وبدعم أمريكي وصل في عهد وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت لحدود المليار وسبعمائة وخمسين جنيهاً وتحريض لدول الجوار إلا أن إرادة الله كانت غالبة فهزمنا كيدهم".
ويرى عبدون أن التدخل الأمريكي لصالح الجنوب فى حال نشوب الحرب سيكون دعماً غير مباشر عبر الأسلحة والآليات، ويزيد وهذا أمر ليس بجديد فقد فعلوه من قبل ولم يستطيعوا هزيمة السودان.
حرب بالوكالة..سياسة كسر العظم
واحد من سيناريوهات اللا حرب واللا سلم هو سيناريو دعم المجموعات المتمردة فى كل طرف، وهذا السيناريو يبدو الأقرب من سيناريو الحرب الشاملة وإن كان لا يلغيه تماماً. خاصة أن الطرفين سبق لهما أن تبادلا الاتهامات حول هذا الشأن.
فقد اتهمت الخرطوم علانيةً جوبا بفتح معسكرات لحركات دارفور في الجنوب، بمدن جوبا، رمبيك، ياي، وبور، بجانب معسكرات في بحر الغزال لتدريب وإيواء عناصر الحركات وتوفير الدعم المادي والعسكري.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ، بل ذهب السودان إلى إحاطة الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة ورئيس لجنة الحكماء الأفارقة ثامبو أمبيكي بملف التجاوزات.
تدحرجت بعدها كرة الأحداث، فبعض القيادات بالحركة الشعبية اعتبرت أن إيواءها حركات دارفور بالجنوب، رداً على إيواء الخرطوم لمتمردي الجنوب، واتهمت الخرطوم بدعم ومساعدة تحركات متمرديها في ولايات الوحدة جونقلي وأعالي النيل ومدّهم بالسلاح.
ويرى مراقبون أن وجود قادة حركات دارفور المسلحة بجوبا يمثِّل نوعاً من المساومة بين الجنوب والسودان، لا سيما أن الطرفين يريدان رفع سقف التفاوض بينهما حول القضايا العالقة، وهذا يمثِّل نوعاً من الضغط ليحرز كل طرف أكبر عدد من التنازلات من الطرف الآخر.
وفي ظل نيران الاتهامات المتبادلة، وحالة الكرّ والفرّ من الواضح أن نُذر حرب بالوكالة قد بدأت بين الطرفين على عدة محاور، على طول الحدود بين الشمال والجنوب، في شكل حزام فاصل يبدأ غرباً من دارفور، ويمر بمنطقة أبيي المتوترة، وما جاورها من ولايات الوحدة وجنوب كردفان وجونقلي وأعالي النيل، و يصل حتى النيل الأزرق، في منطقة تشهد كثافة سكانية تقدر ب(13) مليوناً، يتوقع أن يكونوا ضحايا لأي نزاع قادم، هذا فضلاً عن مواطني المناطق الملتهبة أصلاً. وهنا تُثار مخاوف من أن تتحوَّل تلك المناوشات والحروب غير المباشرة إلى مواجهات مباشرة بين القوات المسلحة والجيش الشعبي، تكون أفظع مما حدث طوال العقدين الماضيين من عمر الحرب، ما قد يقود إلى كارثة في مناطق لم تتعاف بعد من أثر المواجهات الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.