وقفت أمام المرآة في ذلك الصباح وأنا أقوم بمواساة (الشنب) وعمل (قطعيات) وكدا، لزوم الوجاهة..فأنا اليوم مقبل على معاينة جديدة، حملت أوراقي وشهاداتي وبعض الصور الفوتوغرافية لزوم الضمان، (أصلو البلد دي مافي حاجة فيها مضمونة، ممكن عادي جداً تدخل معاينة عشان تشتغل في مكتب محامي، يطلبوا منك شهادة خبرة في الطب البيطري..عادي جداً)، لهذا حملت معي كل شيء قد يتعلق و(لا يتعلق) بالمعاينة.. حتى (شهادة وفاة حبوبتي شلتها). وصلت مكان المعاينة بعد ثلاث ساعات، بسبب اغلاق الشارع الرئيسي ، الذى يخضع لصيانة في التاسعة صباحاً.. تخيلوا !!(طيب يا أخوانا ما كان ممكن الشارع دا يتصلح الصباح بدري قبل الناس ما تصحا؟؟ معقولة يا ناس الطرق تصلحوا ليكم شارع رئيسي الساعة تسعة صباحاً، والله دي حكاية تحير (الزلط) ذاتو). المهم..وصلت مكان المعاينة، والظريف أنو مكتب المعاينة في الطابق العاشر..وقفت امام الأسانسير الخاص بالعمارة في انتظار وصوله، وفجأة وقف خلفي مباشرة رجل (طول بي عرض)، وعلى ملامحه علامات الصلاح والتقوى، حاملاً بين يديه (سبحة) لالوبة ، وعلى كل رأس دقيقة كان يردد عبارة:(أستغفر الله..أستغفر الله)...وصل الاسانسير بعد (تلتلة)، فقمت بفتح الباب وأشرت اليه بالدخول اولاً، فأبتسم في وجهي بطيبة وقال لي: (بارك الله فيك يا ابني)، ولااخفيكم سراً أنني (ارتحت جداً للراجل دا)، وقلت في سري: (يلا.. خليني اتونس معاهو لحدي ما أصل الطابق العاشر)...تحرك بنا الاسانسير، فقلت له في هدوء: (أنت واصل الطابق الكم يااستاذ؟؟)، في تلك اللحظة نظر إلي نظرة عجيبة قبل أن يطلق صرخة مدوية، جعلتني انكمش داخل ركن الاسانسير وانا أتطلع إلي وجهه الذي تلون فجأة، وأصبح مزيجاً مابين الكاكاوي والأحمر، وهو يصرخ: (واصل وين؟؟ هو في زول في البلد دي عارف روحو واصل وين؟؟ هي (الحكومة) دي ذااااتا خلتنا في الجو..زي الاسانسير دا..وام الاولاد كل يوم شابكاني جيب لي توب..جيب لي توب..لحدي ماجبت ليها التوب و(شنقتها) بيهو ذاتو...)، ثم صار يضرب الاسانسير في قوة وهو يزيد في الصراخ، فقلت في نفسي أنه يجب أن احاول تهدئته وإلا فسيتسبب في سقوط الاسانسير بحركته العنيفة تلك، فقلت له مرتعداً: (ياعمنا..هسي عشان الحكومة دي نموت فطيس سااااكت كدا)...توقف عن الضرب ونظرإلي في عيني مباشرة وهو يتحدث بصوت مخيف وهامس: (قلت شنو؟؟ إنت يازول شايت علي وين؟؟)، إبتلعت ريقي في صعوبة، وأجبته بإبتسامة مصطنعة: (كيف يعني شايت على وين ؟؟)، قال وهو يقترب مني في بطء مخيف جداً: (ماعارف شايت وين معناها شنو؟؟ ماعارف ولا بتستهبل)..أزددت إنكماشاً داخل الركن وهو يقترب مني، وفجأة...فتح أحدهم باب الاسانسير، بعد أن وصل للطابق العاشر، وقبل أن ألتقط أنفاسي من هول ذلك الموقف، تفاجأت بذلك الرجل الذي فتح باب الاسانسير وهو يصافح ذلك المعتوه بأدب وهو يقول: (صباح الخير يادكتور بخيت)..وستندهشوا أكثر إذا علمتم أن دكتور بخيت هذا، هو رئيس لجنة المعاينة التي أنا بصدد الدخول إليها.. شربكة أخيرة: طبعاً مافي داعي تسألوني (علمت شنو في المعاينة؟)..!