نحن لا نهتم بالنشرة الجوية ولا نكترث لمعرفة حالة الطقس، بل ونسخر كثيراً من العاملين في هذا المجال ونروج عنهم النكات (البايخة). يحدث ذلك مع أهمية معرفة الطقس وفصول السنة، والغريب أن أهلنا في البوادي، خاصة بادية البطانة عرفوا أهمية فصول السنة وأنشدوا تلك المعرفة في أشعارهم، لأن تعاقب الفصول له تأثير مباشر على حياتهم وأعمالهم. ودواوين شعر البطانة مليئة بالشواهد ومن ذلك وصفهم لقدوم الصيف أو الحر. ونحن الآن نعيش المرحلة بين المرحلتين أو خواتيم فصل الشتاء وبدايات فصل الصيف، وصيف الخرطوم لمن لا يعلمه هو نسخة مخففة من الجحيم بل أن البعض يعتبره الجحيم بعينه ونحن نؤمن تماماً أن تعاقب الفصول له فوائد جمة وأنه من نعم الله على العباد. وتعلمون جيداً أن هنالك من يدفعون الملايين من أجل أن ينعموا بدفء الشمس. في الصيف يكون مزاج الناس حاداً وتبدأ المشاكل منذ الصباح الباكر وتكثر الاشتباكات في المواصلات والأسواق وأماكن العمل بصفة عامة، مثل هذه الأشياء مقدور عليها لكن الوجه الصارم للصيف هو ما نود الحديث عنه. هنالك العديد من الأمراض الخطيرة التي تكثر في فصل الصيف، وعلى رأسها مرض السحائي (أبو فرار) وهو مرض خطير يحتاج إلى تطعيم وقائي، وقد تعودنا في السنوات الماضية أن لا نهتم بهذا الأمر إلا بعد وقوع "الفرار" في الرأس. وقد لاحظت في المواسم الفائتة أن بعض الجهات تقوم ببيع الأمصال، وهذا أمر له خطورته مهما كانت المبررات، لأن الغاية من التطعيم حماية (الكل) وليس (الجزء) الذي له قدرة على الأموال، كما أن مرض السحائي يدخل في باب الوبائيات ولا أعتقد أن الحكومة ترغب في حماية أصحاب المال فقط وتترك المهمشين ل(أبو فرار)! أمراض الصيف كثيرة ولكن خصصنا مرض السحائي لخطورته، وهنالك أمور أخرى يجب الانتباه لها وأخص بالذكر بيع العصائر والمياه. ففي هذا الفصل يحتاج الناس لشرب المياه بكميات كبيرة، ورحم الله زماناً انتشرت فيه فضيلة السبيل، ولا أريد أن أكرر ما قلته من قبل حول بيع المياه في بلد مثل السودان، ولكن يجب التأكد من أن المياه التي تباع للناس، سواء أكانت عصائر أم (موية زرقاء) صالحة للاستعمال الآدمي وغير ملوثة. وفي الصيف نكتشف النقص الحاد في الخضرة بعد أن أوضحنا غياب الماء والوجه الضاحك الصبوح وبذلك نفتقد (الثلاثة اللائي يُذهبن الحزن).. وقبل أن تلوم غيرك عزيزي القارئ في التصحر الذي ضرب حياتنا حاول أن تغرس شتلة وترعاها وإذا فعل كل واحد منا هذا الشيء فسوف نظفر بملايين الأشجار: وحتى يكون الصيف القادم أقل قسوة وصرامة، يجب أن يفعل كل فرد أو جهة ما تستطيع و.."هسة خايف من فراقك.. لما يحصل ببقى كيف، زي ورد في عز نداهُ..خوفي بكرة يزورو صيف"!