إن الشورى عملية غير قابلة للتجزئة، ولا يناقض ظاهرها باطنها وهي ملزمة وليست معلمة، تصدع بكلمة الحق لانها تعبر عن رؤية شاملة لحركة الجماعة وتطلعات الجماهير، كما أنها ترتبط بالقيم الاجتماعية والافكار السائدة في الدين الإسلامي نزلت أصلاً لكي ترسي وتزكي في المجتمع كل ما هو نبيل وشريف على وجه الأرض, وفي أي حزب سياسي ينبغي أن تكون راس الهرم والقاطرة، وعندئذ لابد من تعزيز الشورى تحقيقاً لقوله تعالي { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} فأهل الشوري وحدهم يقررون ماذا يريدون.. وطالما أن هنالك مجالس شورى في كل الأحزاب السياسية فينبغي على الجميع إحترام قراراتها بدلاً من استخدام النفوذ وظهور القائد والسيد والزعيم التي تقود حتماً إلى النزاع والفشل وان كل الانشقاقات التى حاقت بالاحزاب السياسية السودانية قد ارتبطت بفردية القرار ودكتاتورية القيادة خصوصاً من جانب المتنفذين الذين يضغطون بشدة وأحياناً بقسوة، للاسراع بالخطى وقطف ثمار الهيمنة وتظل روح الشورى غائبة ومقاصدها مهدرة، وللأسف فان أكثر أحزابنا شعبية تعاني من إهدار المؤسسية، وهنا دعونا نتساءل كيف يتم اختيار مجالس الشورى؟ في "الأحياء- المناطق- المحليات- الولاية" وهل يمكن اختيار نائب رئيس الحزب في المحلية من الولاية؟ وأذهب إلى أبعد من ذلك أين مجالس الشورى في المحليات؟ لماذا تصاغ العلاقة بين الولاية والمحلية على ذلك النحو المغلوط الذي قد يحدث خاصة في ظل خطاب القيادة عن ضمير القاعدة، وحتى القرار التنفيذي الذي يأتي ينبغي أن يستند إلى القرار الشوري لأنه يعبر عن مبادئ ومثل، والشورى لم تكن إلا شعبية وتمارس عبر القواعد والقرار يصعد إلى أعلى وما في قرار يأتي من أعلى إلا القرارات السماوية، هكذا فان الأمانة لا تفصل على هذا الرجل أو ذاك ولكن الطريق الوحيد هو الرجوع إلى مجالس الشورى في الاختيار، فطالما أنها رغبة شعبية، فان التعامل الصحي معها يكون بالاستجابة، الامر الذي يهئ أجواء من التفاعل الإيجابي بين القاعدة والقيادة، وبدون ذلك ستصبح الأحزاب تنعي نفسها ولن يبكيها أحد.