قضية متقاعدي البنوك الحكومية والتي امتدت لأكثر من اثني عشر عاماً مازالت في ردهات المحاكم ولم يفتح الله على قضائنا العادل أن يحسم أمرها كل ذلك جراء التحايل على القوانين علماً بأنها واضحة وبائنة, وكان الأحرى أن تلتزم الدولة بتنفيذ الاتفاقيات الجماعية المبرمة بينهم وبين الحكومة منذ العام 1974م. هذه القضية مرت بكل مراحل التقاضي وكان آخرها قرار المحكمة الدستورية وهي النقطة الأخيرة بتاريخ 20/4/2003م، والتي قضت بإلغاء الأمر الصادر بوقف التنفيذ، كان ذلك القرار بعد دراسة مستفيضة من اللجنة المكونة من سبعة قضاة برئاسة مولانا المرحوم جلال علي لطفي رئيس المحكمة الدستورية آنذاك. بعد صدور ذلك القرار الملزم لجأت الجهات المعنية بدفع الحقوق بمحاولات عدة وتكوين لجان لإجراء تسوية نهائية كتعويض للمتقاعدين بمبادرة من رئيس الإدارة القانونية لمجلس الوزراء خلصت لتوقيع محضر بين الاتحاد والمستشارين القانونيين بوزارة المالية ومجلس الوزراء وبنك السودان بدفع مرتب "90"شهراً لكن لم يتم التنفيذ علماً بأنها بمبادرة من مجلس الوزراء رغم الحكم الصادر من المحكمة الدستورية وتوالت التسويات كانت جلها أقل من التسوية الأولى، والتي بالطبع لم يتم قبولها. إزاء تلك المماطلات ساءت حالة بعض المعاشيين نسبة للظروف المعيشية الضاغطة ولم يكن أمامهم إلا القبول بواحدة من تلك التسويات المتعددة وهي دفع مرتب "40" شهراً ولدى خمس سنوات. ويقول كثير من القانونيين أنه عقد إذعان ولم يتم أمام محكمة وغير قانوني وفضلاً عن هذا لم يكن عادلا حيث لم تتساوَ البنوك في طريقة الدفع وأكثرهم تضرراً متقاعدو بنك الخرطوم. أحدث هذا القرار شرخاً كبيراً في عضوية الاتحاد حيث تمسك البعض بقرار المحكمة الدستورية وبقى الآخرون دون قيادة وهم أغلبية الذين صرفوا التسوية الضئيلة منهم من أقعده المرض دون علاج، ومنهم من رحل عن الدنيا رحمهم الله جميعاً وأعان أسرهم. أخيراً وبعد دراسة ملف هذه القضية المتشعبة والتي يعلمها القاصي والداني وتناولتها أجهزة الإعلام من صحف وخلافه وجه وزير العدل الحالي محافظ بنك السودان الحالي بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم بمختلف درجاتها إنفاذاً للقانون وبالطبع على رأسها قرار المحكمة الدستورية والذي سبق كل ما التف حوله التنفيذيون بتسويات هزيلة. يبقى السؤال ما هي الجهة التي تقف وراء هذه المماطلات؟ وأين هيبة القضاء الذي يحتكم إليه الناس؟ عباس حسن منصور مصرفي متقاعد