الفريق شرطة صلاح الدين أحمد الشيخ بدأ الهجوم العسكري الجنوبي صباح يوم 26 فبراير رغم أن السودان قد وقع اتفاقية عدم اعتداء مع الجنوب. الحرب قد بدأت منذ أكثر من 50 عاما قبل توقيع نيفاشا واستمرت بعدها، لم تقف الحرب ثانية واحدة، وللذكرى كان البعض يستغرب إصرار أجهزة الإعلام الحديثة عن السلام (وضمنا الوادي ووحده وحده) بطريقة ببغاوية غبية أضاعت أموالنا ووقتنا مع هذا العدو الأبدي، وللذكرى والتاريخ يجب أن نوثق أحسن لمقدار الهدر في انتظار المستحيل فالذين يملكون زمام الأمور الآن لا يملكون التاريخ ولا المستقبل ولا أرواح الشعب أو أمواله إنما هم خلفاء ووكلاء نيابة عن الشعب يأخذون الخلافة والإمارة والنيابة بحقها وهي حق خالد مؤكد لجموع الشعب يهدي أفراده بطاقة الشخصية والهوية والسجل المدني والبوربون ملوك فرنسا الذين لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئاً يتكررون كل جيل وكل حقبة والتاريخ لن يرحم ولو أنه لا يهم بعضهم فقد يكون التاريخ مجرد حكاوي وقصص تروى وقصائد كذوب (ما فر فرسان لنا بل فر جمع الطاغية) والحقيقة غير التي تروى أحياناً والمنظر الزاهي لو نظرت له من زاوية أخرى ورأيته ربما رأيته غير. الهجوم الذي يقع في جنوب كردفان فرصة للشمال للتكفير عن خطايا نيفاشا فهذه الاتفاقية لم تصمد بعد توقيعها مباشرة فرصة لتصحيح المسار الوطني مثلا عندما نشبت الحرب العالمية الثانية حفظ الأمريكان أي ياباني في أمريكا داخل معسكرات اعتقال ومراقبة فدولتهم عدو ثم قذفوا اليابان بالقنابل الذرية التي أمر بها جزار أمريكي آخر غير بوش (ترومان) فقتلوا مئات الآلاف من اليابانيين في ثوان ولوثوا الملايين أكثر من نصف قرن حتى الأسماك في بحار اليابان أصابها الإشعاع الذري ثم بعد فترة صنعوا من اليابان عملاقا اقتصاديا يدين لهم بالولاء ويطيعهم أكثر من كلب بوش (بلير) (هذا تعبير المعارضة الانجليزي) لكذاب عصرهم بلير الذي لم يحاسبوه بعد فقدوا إرثهم التاريخي في الأمانة والصدق. ليس المطلوب فعل كل هذا من السودان فلا يستطيع ذلك لكن النظر في أمر نصف شعب هذه الدولة المعتدية الذي يقيم في الدولة المعتدى عليها لا يطلب أحد حفظهم في معسكرات ولكن النظر بالتقدير لخطورة هذا الاختراق الأمني للبلاد شعب دولة معادية يقيم بالملايين في دولة مجني عليها وهي ملزمة بتوفير الغذاء والكساء والعمل والصحة والمسكن لهم إذا فشلت في ذلك فهي ملومة وإن نجحت فهي تدعم العدوان. معادلة عليهم حلها عاجلاً فالأجانب هؤلاء خطر لا شك فيه مع التباين الاثني والديني والثقافي والعداء العسكري والسياسي والاقتصادي. الفرصة مواتية لصياغة علاقات جديدة لا تنفرد بها مجموعة سياسية فهذا أمر وطن بحاله. نعم ليس الأمر سهلاً ويسيراً مع هؤلاء الناس لعل يكون فيهم عقلاء. الجنوب الآن جيش أولاً وبقايا دولة فالعلاقة بين حكام الجنوب وشعوبهم وقبائلهم علاقة عسكرية لا وجود لدولة مدنية بالشكل المألوف في العالم والعلاقة بين الحكام والشعب هناك فيها نوع من الانفصام فكل المسالمين من الشعب ما هم في رأي ونظرة العسكريين إلا عملاء للشمال واتهام الجاسوسية يطال أي رأس يرتفع لا تعبأ الحكومة كثيراً بإنشاء دولة مدنية تعنى بشؤون الشعب الغذاء والتعليم والصحة والإسكان، البنية الأساسية ليست أولوية لديهم بل السلاح والقتال والعدوان وبعد كل هذه الشهور من الانفصال وكل هؤلاء المستشارين من اليهود والامريكان لا يرى أحد هيكلا لدولة مدنية تقام بل مؤسسة عسكرية مجموعة من هياكل عسكرية لحرب عصابات استمرت طويلاً لكل منطقة كمندان قائد هو الحاكم هو واهب الحياة والموت استوعبوا في جيشهم بكرم فياض رتب عظيمة بالمئات عدد حاملي رتب الجنرال في الجنوب أكثر من عشرة أضعافهم في الشمال حتى مل الناس الرتب التي توزع كحبات الحلوى يوم العيد الصغير، أليس عيداً أن يصحو المتمردون المحاصرون في جيوب في غابات الملاريا وأفاعي المامبا الخضراء والسوداء على كنز البترول وأمواله التي كانت تجري تحت أرجلهم كنهر النيل في تسابه لم يكونوا يعرفون كيف يستخدمونها لشعبهم فسرقوها لأنفسهم. كان أهل الغرب خبثاء وماكرين في إطلاق أيديهم في الثراء وفي غسيل أموال الجنوب المسروقة في استراليا وامريكا فأهل الغرب منافقون يضعون اتفاقيات ومعايير ثم يخرقونها، فغسيل الأموال مسموح للجنوبيين في استراليا وأمريكا ولعلهم لم ينفذوا إلى باقي اوروبا وأموال شعب ليبيا المسروقة أيام القذافي تسربت إلى فرنسا وانجلترا لمتمردي دارفور فالمعايير مختلف عليها في التطبيق ومنظمات الغرب الشفافية ومقاييس الفساد لا تطبق إلا على الدول المارقة وسرقة أموال شعب الجنوب وإيداعها في بنوك الغرب، هو غسيل الأموال المقنن فالدول الغربية لا تحترم اتفاقيات الأممالمتحدة كثيراً، مثلا اتفاقية الأممالمتحدة ضد الفساد والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تستهدف دولاً بعينها وتغض النظر عن الفساد البواح الصراح في الجنوب، معايير مختلفة في العالم الغربي مثل أسلحة الدمار الشامل في العراق التي بحث عنها المفتشون الأمميون آلاف المرات ولم يعثروا عليها ولم يكن لهم لسان صدق ينجيهم من كذبهم الدموي الذي برر غزو العراق وذبح وحرق مليون ونصف مليون نفس بشرية على يد بوش وأعوانه (رامسفيلد) وكولن باول. ثبت أن دولة الجنوب تفتقر إلى الحكمة وتحركها ضغائن كثيفة عميقة ضد الشمال لا أمل في حلها، إذن على الشمال الاستعداد للأسوأ وسلوك أي سبيل لحماية شعبه والتخلص من عبء نصف شعب الجنوب المقيم في السودان ببعثه معززاً مكرماً لأهله فوجودهم خطر مع كل هذا العداء السافر الحاقد. ليس ذلك مستحيلاً إن صدقت العزيمة تأمين الشعب أيضاً يكون بتأمين معاشه وأمنه الداخلي وتعزيز مكانته الاقتصادية والمحافظة على مجتمعاته مصونة من عوادي الاختراق والشرذمة. فلا أحد سيحمي السودان ضد أعدائه وشكاوى في مجلس الأمن قد تنقلب على السودان مع هذا الميزان المختل فلا ننسى أن نفس مجلس الأمن هذا قرر أن مشكلة بين الرعاة والمزارعين في السودان مهدد للأمن العالمي وأصدر قراراته المشينة ضد السودان وبعثة حفظ السلام في دارفور النائية بالسودان من أضخم البعثات في العالم وأكثر من تلك التي في الحدود المصرية واللبنانية الإسرائيلية. أمن السودان مواجه بأهوال العداء الأممي والعداء الغربي والعداء الاقليمي والعداء الداخلي لا بأس، معروف أن أهل السودان لا يعملون إلا تحت الضغوط وتحت نظرية يوم الوقفة وقبل الامتحان يعملون في ساعات عمل أيام ليس من السهل أن يفل أحد عزيمة أهل السودان أو إحباطه فهم أولو بأس وأولو قوه فانظروا ماذا تأمرون.