تقول الطرفة أن رجلاً مر بالقرب من مطعم شعبي، فلمح على بوابة المطعم اعلاناً رخيصاً مفاده (مرحباً بكم..يوجد لدينا فول باللحمة)..وبالرغم من ان الرجل يعرف تماماً ماهو الفول..لكنه بالمقابل يسمع لأول مرة عن (الفول باللحمه)، لذلك دخل إلى المطعم ونادى على احد الصبية العاملين طالباً ان يجلب له واحد (فول باللحمه)..مرت دقائق حتى عاد الصبي وهو يحمل صحناً من الفول وضعه امام الرجل، الذى ظل يبحث بأصبعه عن (اللحمه) داخل الفول، وعندما لم يجدها قام بإفتعال مشكلة ضخمة، جاء على اثرها صاحب المطعم الذى سأل الرجل عن سبب اعتراضه، وعندما طلب منه الرجل ان يفسر له سبب غياب اللحمه عن الطبق، رد عليه صاحب المطعم ساخراً: (لا يعني هسي لما تطلب بيض بالطوة..قاعدين يدوك معاهو الطوة تشيلا بيتكم..!!)، ليصمت الرجل ويغادر المكان دون ان يقول (بغم). ونحن كذلك نشهد يومياً على ميلاد (فضائية) جديدة، دون ان نقول (بغم)..بعد ان يتحفنا القائمون على امرها بإستعراض عضلات برامجهم وافكارهم النيرة ومشاريعهم المستقبلية واحاديث كثيرة لاتعدو كونها مجرد (استهلاك) ومحاولة (رخيصة) للفت الانتباه، تماماً كحال صاحب ذلك المطعم الذى لفت انتباه الناس، قبل ان يجعلهم يرتدون (السلطانية) على حد تعبير اخوتنا المصريين. من قال لاولئك ان انشاء فضائية يجب ان يستند على جذب الجمهور قبل تجويد المادة المطروحة، ومن اقنعهم ان يطبقوا نظرية (الحبل قبل الخروف)، تلك النظرية الشهيرة التى قام احد البلهاء بتطبيقها بعد ان اشترى الحبل قبل ان يجلب خروف الاضحية، ومن قال لاولئك ان استسهال عمل إعلامي ضخم سيجلب النجاح؟ اسئلة كثيرة لا اجابة لها كالعادة..بينما تظهر في كل يوم فضائية جديدة وتموت بعد اقل من المدة الافتراضية لبثها، وكل ذلك بسبب نظرية (الفول باللحمه)، لذلك لابد ان تنتبه الدولة لمثل تلك الجزئيات الخطيرة جداً، والتى تسهم بشدة في اضعاف اعلامنا المرئي الذى هو في الاصل يعاني من الرتابة والنمطية والتكرار. نعم..نحن لانريد فضائية تتبرج علينا في كل دقيقة اعلانية لتبث لنا برامج ترويجية من وحي خيالها، وتأتي عند لحظة البث الحقيقية (تتلفت) مثل سائق تاكسي في شارع الجمهورية، نحن نريد فضائية مدروسة ومخطط لها بعناية، نريدها ان تضمن برامجها قبل ان تعلن عنها ترويجياً وتوهم المواطن المسكين بأنها (مختلفة)، لأن ذلك من شأنه ان يجلب سخطاً عارماً عليها وبالتالي مقاطعتها لتموت قبل ان تبدأ، وتلك ثقافة مفقودة في مجال العمل الاعلامي المرئي. شربكة أخيرة: عشرات الفضائيات شاهدنا اعلاناتها قبيل ان تبدأ البث، ومن خلال تلك الاعلانات تنبأنا لاكثر من مرة بنجاحها، وذلك من خلال الترويج المنظم لها، ولكن..وآه من لكن هذه..ما أن يبدأ البث الفعلي حتى نتأكد اننا بالفعل نتناول (فولاً) ساده..اوهمنا صاحب المطعم انه (باللحمه).