السلام الضائع أصر على أننا كنا ضحية خدعة كبرى في إدراك موقفنا مما جرى لجنوب السودان! كيف ندعو إلى فصل الجنوب من أجل السلام والاستقرار في ربوع الشمال؟ لا يكاد المرء يصدق عينيه وهو يرى العبث الذي يهدر العام والخاص من جراء انفصال الجنوب، حيث لا يخطر على بال الرجل العادي أن تفعل الحركة الشعبية ما فعلته في حدود الشمال الآمنة بعد الانفصال، جنوبكوستي في الرنك وبحيرة الأبيض في جنوب كردفان، بينما كانت حدود الشمال الآمنة قبل نيفاشا على بعد "40" كيلو جنوبجوبا في الميل أربعين وحفرة النحاس جنوب بحر العرب في جنوب دارفور، وفي غرب كردفان جنوب أبيي بأميال، الحركة الشعبية طورت موقفها وتوسعت وأغلب الظن أنها لن تقف عند تلك الحدود، بعد ما وجدت في عنوان السلام ذريعة ومسوغاً للتمرد في كل اتجاه بغير ضابط أو رابط، إن عقلية التمرد لم تتغير بعد! هل يعقل أن نكون قد وقعنا نيفاشا من أجل هذا؟ وقبلنا بانفصال الجنوب من أجل هذا؟ إلى متى يمكن أن يستمر اقتتالنا مع الحركة الشعبية وتوسيع نطاق وجبهات القتال، بحيث نظل منشغلين بتصفية المليشيات المسلحة وتظل ساحتنا الداخلية نازفة تتقلب بين الصدام والتوتر؟ استطاعت الحركة أن تقتل الحركات الجنوبية في بعضها وتشعل الحرب في جنوب كردفان وفي النيل الأزرق وفي دارفور، الأمر الذي يؤدي إلى انكفاء الشمال وتقليص دوره، وانصراف عما يحيط به من تفاعلات أو ما يحيق به من تحديات؟ إن أياديهم ممدودة وعيونهم مبصرة، فأتبعوا قول رمز السيادة العمل، اقطعوا الأيادي وافقئوا العيون رداً على هذا العدوان السافر! إذا لم يتحقق السلام يجب أن لا نقاتل من أجل تأمين الشمال فقط؟ إذا أردنا أن نخوض الحرب نخوضها من أجل توحيد السودان، وتحرير شعب الجنوب من الظلم والاستبداد وقتها سيقاتل شعب الجنوب معنا، لأن الحركة الشعبية لم تحترم استقلال الجنوب ولا سيادة السودان، وما قيمة الانفصال الذي لا يحقق السلام، إنه السلام الضائع في اتفاقية نيفاشا، كما هو السلام الضائع في اتفاقية كامب ديفيد، وعن "عقار وآخرين" سنحكي بإذن الله تعالى.