* أكتب اليكم هذه الرسالة من داخل منطقة الوعي التي تعود لي بين فترة وأخرى وسط غيوم الكوابيس والاحلام الضبابية والعالم المشوش الذي وجدت نفسي فيه منذ صباي الباكر. * لا يهم اسمي ولا من أين أتيت، لكن صدقوني أنا حالة حقيقية رغم أنني فارقت عالمكم الذي تظنون أنه حقيقي بعد أن دفعت للخروج منه رغم وجودي الجسماني الحسي بينكم. * كنت مجتهدا في دروسي رغم كل عوامل عدم الاهتمام بالدراسة او الاهتمام الشكلي بها خاصة من جانب أمي التي كانت تحرص على متابعة واجباتي المنزلية ومراجعتها معي قبل أن تدخل هي نفسها في دوامة عدم الاستقرار والاضطراب العائلي. * لا أستطيع تحديد متى بدأت حالتي في التدهور لكن كل ما أذكره أن بيتنا تحول الى جحيم بسبب المشاجرات اليومية والسباب والألفاظ الجارحة التي أصبحت وجبة يومية إجبارية قبل أن يحدث الطلاق البائن بين أبي وأمي. * لا داعي للدخول في التفاصيل المملة التي سممت حياتنا الأسرية والنفسية، يكفي أن أقول لكم إنني الآن خارج الشبكة الاجتماعية والأسرية بل خارج الشبكة العامة، حقيقة لم يعد يرطني بكم الواقع الذي تعيشون فيه لأنني انتقلت منذ فترة طويلة الى عالم آخر مشحون بالصور المشوشة والمشوهة التي لا أريد أن أزعجكم بهلاويسها. * تنقلت في مراحل العلاج حتى أدخلوني مستشفى الأمراض العصبية والنفسية ثم مصحة كوبر التي لا أدري بأي جرم حبسوني فيها لكن الحمد لله الآن أتمتع بدرجة من الوعي الناقص الذي حفزني للكتابة إليكم. * أكتب للآباء والأمهات وأولياء الأمور لكي أنبههم الى أن المشاجرات العائلية والعنف الأسري والسباب والألفاظ الجارحة والطلاق والتفكك الأسري يدفع ثمنه غاليا الضغار الذين لا ذنب لهم في هذه المشاحنات الضارة. * مرة أخرى لا يهم من أنا ولا من أين أتيت لكنني قصدت إلقاء هذا الحجر في بركة الغفلة التربوبية في عالمكم الأكثر جنونا وأنا أعلم الضغوط الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة التي تعانون منها ولكن كل ذلك لا يبرر كل هذا الجنون. * أعذروني ليس لدي ما أضيفه لكم، ألم أقل إنني خارج الشبكة، دعوني في حالي بعيدا عن جنونكم المخيف.