كشف المؤتمر التنسيقي رقم "21" لوزراء ومديري التربية والتعليم بالولايات - والذي عقد في يوليو 2010م -عن واقع مرير لمستقبل السودان ، إذ كشف عن وجود 14 مليون أمي بالبلاد، والأمية المقصودة هنا لا تعني عدم القدرة على تشغيل الكمبيوتر والأجهزة التقنية، فالتعريف الرسمي للأمي هو "كل من تجاوز عمره سن القبول بالمدارس الابتدائية ولا توجد لديه المهارات الأساسية للتعلم التي تمكنه من القراءة والكتابة " ! وهذا مؤشر خطير في دولة تدّعي إنها في حالة نهضة وتنمية ونمو اقتصادي ، فالتنمية تبدأ أولا ً بالبشر، واذا كان هذا هو حال التعليم الأساسي ببلادنا فابشر بطول إقامة يافقر وياجهل ويامرض! وتقول التقارير في ذلك الموتمر إن ّ فجوة التعليم العام بلغت 70% وأن فجوة الاستيعاب في القبول للمرحلة الثانوية بلغت 31% وهذا يعني أن الفاقد التربوي أصبح مؤثرا ً على العملية التربوية والتعليمية ، وهو أمر غير مفهوم في ظل التزام الحكومة بتحقيق أقصى درجة في هذا المجال بحلول عام 2015 م وتعهدها بمجانية وإلزامية التعليم الابتدائي ضمن برامج الألفية التي تطرحها الأممالمتحدة. نقول "بتعهدها" ولا نشير الى "تمكنها" ويعرف الجميع أن التعليم لا يدخل ضمن أجواء "التمكين"! وفي ملتقى التنسيق 22 لوزراء ومديري التعليم بالولايات (18-04-2011) بقاعة النقابة العامة لعمال التربية والتعليم ، تحدث الأستاذ السماني الوسيلة وزير الدولة بوزارة تنمية الموارد البشرية عن الدورة التدريبية لمديري التربية التقنية والتقانة بسوبا للصف السابع الأساس لتأهيل الأبناء ومواكبة مسيرة التطور التقاني في العالم. وفي المؤتمر القومي لقضايا التعليم الذي عقد موخرا، أشفق رئيس الجمهورية على طلاب مرحلة الأساس من الكم الهائل من الكتب الذي يحملونه على ظهورهم وطالب باستبدال هذه الكتب "بسيديهات" ! ويبدو أن الطلاب هنا "كالحمار يحمل أسفارا" لأن مستوى الطالب، أصبح ضعيفا جدا رغم التقدم في مجال الحصول على المعرفة وتدفق المعلومات من السماء والأرض! "ولو ما أكون كضاب"، نحن الآن أمام ملتقى تنسيقي آخر لوزراء ومديري التعليم بالولايات، حيث تكون هذه المؤتمرات عادة في العطلة الصيفية وقبيل بدء العام الجديد ولا ندري "النكتة" الجديدة التي سوف تخرج بها توصيات الملتقى القادم، لكن نتساءل: هل تمت أو تتم مراجعة توصيات هذه الملتقيات قبيل البدء في الملتقى الجديد؟ وعندما تعاني المدارس من عدم وجود الكنب والأدراج والطباشير ولا يتناول التلاميذ وجبة الفطور وو... يبقى الحديث عن إدخال الكمبيوتر في المدارس مثل ..آه ..لا أستطيع إكمال هذه الجملة. إن وجود 14 مليون أمي في السودان يعني أن نصف السكان، أو أقل من النصف بقليل أميون، وهذه كارثة لو تعلمون! وفضيحة لبلاد كان أهم ما يميزها، وعي إنسانها ونهمه للقراءة والإطلاع، وكانت الخرطوم توصف في ثلاثية الانتاج والنشر، بأنها تقرأ. ويبدو أن المستقبل سوف يكون قاتما ً لأن ّ هذا هو حال القطاع الذي يقع العبء عليه في تنشئة الأجيال ، وفاقد الشيء لا يعطيه.