أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية لفرز أصوات الناخبين في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب المصري التي جرت على مدار اليومين الماضيين تقدم مرشحي حزب الحرية والعدالة -الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين- في معظم المقاعد وحصولهم على العدد الأكبر من أصوات القوائم. ووفق معلومات أولية حصل عليها مراسل الجزيرة نت بالقاهرة محمد النجار، فإن قوائم حزب الحرية والعدالة حصلت على نسبة تصل إلى 40% من الأصوات قبل استكمال الفرز المتوقع أن ينتهي ظهر اليوم. بينما جاءت قائمة الكتلة المصرية في المرتبة الثانية بنسبة أصوات اقتربت من 15%، جاء حزب النور السلفي في المرتبة الثالثة بنسبة 8%، في حين حازت قوائم حزب الوفد على نحو 5%، وتقاسمت بقية القوى والكتل ومنها ائتلاف "الثورة مستمرة" بقية الأصوات في الانتخابات التي ستتوضح الصورة النهائية لجولتها الأولى مساء اليوم. وانفردت محافظة أسيوط بصعيد مصر بوجود أعضاء بارزين في الحزب الوطني المنحل بين متصدري النتائج الأولية، وأرجع المراقبون هذا إلى أنهم من "ذوي العصابات النافذة" في مناطق دوائرهم. نتائج الفردي وعن مقاعد الفردي التي تنافس فيها المرشحون على 168 مقعدا، فيبدو أن غالبية المقاعد تتجه نحو الإعادة في الجولة المقررة الثلاثاء المقبل، وسط تنافس بين المرشحين بمتوسط 59 مرشحا للمقعد الواحد في محافظة القاهرة، في حصيلة هي الأكبر في تاريخ مصر. غير أن عددا من المقاعد يتجه للحسم من الجولة الأولى خاصة لمرشحي الحرية والعدالة الذين يقتربون من تحقيق نسبة الحسم (50%+1). وحسب مصادر في الحرية والعدالة تحدثت للجزيرة نت فإن الحزب يتطلع للفوز بنصف المقاعد على القوائم الفردية سواء في هذه الجولة أو جولة الإعادة الأسبوع المقبل. وبينما سترحل نتائج القوائم لاستكمال الجولتين الثانية والثالثة من الانتخابات لتعلن بشكل نهائي في النصف الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، ستكون نتائج مقاعد الفردي نهائية بمجرد انتهاء جولات الإعادة عليها. ويتوقع مراقبون أن تتجاوز نسبة التصويت في الانتخابات ال50% في مختلف الدوائر، وإذا بلغت النسبة هذا الحد فإنها ستكون الأعلى في تاريخ الانتخابات المصرية. إقبال كثيف وأغلقت مكاتب الاقتراع في مصر أبوابها مساء اليوم الثاني من المرحلة الأولى في الانتخابات النيابية، التي شهدت إقبالا مرتفعا على التصويت في المحافظات التسع التي جرت فيها، وهي القاهرة والإسكندرية وبورسعيد ودمياط وكفر الشيخ والفيوم وأسيوط والأقصر والبحر الأحمر. وتلقت غرفة عمليات متابعة الانتخابات، في وقت سابق، شكاوى بامتلاء الصناديق المخصصة للتصويت وعدم استيعابها أي بطاقات جديدة. وقالت الغرفة في بيان أصدرته، إن عشرة قضاة مشرفين على عشر لجان انتخابية شكوا من أنه لم يتم الاستجابة لطلبهم بتوفير صناديق إضافية وعدت بتوفيرها اللجنة القضائية العليا للانتخابات مما يهدِّد بوقف عملية التصويت بتلك اللجان وحدوث اضطرابات نتيجة ذلك. وكان القضاة المشرفون على العملية الانتخابية طلبوا من اللجنة العليا للانتخابات أن تكون عملية التصويت في اليوم الثاني في صناديق جديدة غير التي تم التصويت فيها أول أمس، حتى لا يضطروا إلى فتح الشمع الأحمر المغلق به صناديق التصويت أمس، كي لا يترتب على ذلك وجود طعون قانونية على صحة نتائج الانتخابات. ويفترض أن ينتخب 168 عضوا (56 بنظام الدوائر الفردية و112 بنظام القوائم) في المرحلة الأولى من أصل 498 هم إجمالي عدد النواب المنتخبين في مجلس الشعب. ودعي إلى الاقتراع في المرحلة الأولى 17.5 مليون ناخب. وقام ممثلون عن عدد كبير من منظمات المجتمع المدني المصرية بالإضافة إلى سبع منظمات دولية غير حكومية بمراقبة العملية الانتخابية. أبرز سلبيات الانتخابات التي كان بطلها الأول هو الشعب المصري بإيجابيته وإقباله على المشاركة، وكانت أبرز مفاجآتها السعيدة هو استتباب الأمن وغياب ما تعوده المصريون سابقا من أعمال عنف وبلطجة خلال الاقتراع، كان طبيعيا أن لا تكون مثالية تماما، خاصة وأن المجتمع المصري لم يتعاف بعد بشكل كامل من سلبيات ترسخت على مدى نحو ثلاثين عاما من حكم النظام السابق. أبرز المخالفات التي حدثت خلال يومي الاقتراع في المرحلة الأولى -التي جرت في تسع محافظات تتقدمها العاصمة القاهرة- تعلقت بتأخر بدء التصويت في بعض اللجان بسبب تأخر وصول القضاة المنوط بهم الإشراف على الانتخابات، وبممارسة بعض الأحزاب والمرشحين للدعاية بعد انتهاء الوقت المخصص لذلك. سلاح المال كما لوحظ أن استخدام المال -الذي كان أمرا شائعا في ظل الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، وهو الحزب الحاكم في عهد مبارك- ظل موجودا ولو بصور أخرى، وهو ما اعتبره أستاذ العلوم السياسية جمال زهران "أمرا غير مستغرب مع مشاركة عدد من فلول الحزب المنحل في الانتخابات سواء كمستقلين أو ضمن أحزاب أخرى تم تأسيسها حديثا". ويعتقد زهران في تصريح للجزيرة نت أن المال السياسي استخدم هذه المرة بطرق غير مباشرة، أبرزها فكرة "ورقة الاقتراع الدوارة"، التي تتم عبر الحصول بشكل غير مشروع على بعض أوراق الاقتراع قبل بدء التصويت ثم يتم الاقتراع فيها وإعطاؤها للناخب الذي يوافق على بيع صوته، ليدخل بها إلى اللجنة ويضعها في صندوق الاقتراع ثم يعود بالورقة الجديدة إلى خارج اللجنة حيث يتم تكرار العملية. ويرى زهران أن الإنفاق في الانتخابات الحالية ربما يكون أضعاف ما كان يحدث في السابق، وذلك بسبب اتساع مساحة الدوائر وكثرة عدد المرشحين الذين تجاوزوا سبعة آلاف يتنافسون على 168 مقعدا فرديا، فضلا عن انتخابات القوائم الحزبية، مشيرا إلى أن من يتابع كم الإعلانات التي نشرت في الصحف أو تم بثها عبر التلفزيون يستطيع أن يدرك حجم الإنفاق الهائل. وألقى زهران -وهو نائب سابق- باللائمة على اللجنة العليا للانتخابات، التي حددت سقف الصرف الانتخابي بنصف مليون جنيه للمرشح في الجولة الأولى، ثم ربع مليون إضافي في حالة الاحتكام لجولة إعادة، معتبرا أن هذا المبلغ أكبر مما يجب، فضلا عن كون اللجنة لا تمتلك آليات لمراقبة الإنفاق والتأكد من أن المرشحين لم يتجاوزوا هذا السقف. كما لام زهران المرشحين الممثلين للتيارات الدينية واعتبر أنهم كانوا أكثر استخداما لسلاح المال، حيث يقال إنه تم دفع أموال من قبل بعض القوائم للتأثير على الناخبين الفقراء، مشيرا إلى أن بعض القوى بدأت ذلك منذ عيد الأضحى الماضي عندما وزعت لحوما مجانية على الناخبين. رأي مخالف ويتفق مدير المركز الحضاري للدراسات المستقبلية جمال نصار على أن سلاح المال له دور مؤثر في هذه الانتخابات، خاصة مع إقامتها بالنظام الفردي على ثلث المقاعد ومشاركة بعض فلول الحزب الوطني، إضافة إلى اتساع الدوائر الذي يجعل المرشح مجهولا لكثير من الناخبين ويدفعه في بعض الأحيان لاستخدام المال من أجل الحصول على التأييد. لكن نصار يعارض رأي زهران بشأن التيارات الدينية، حيث أكد أن هذه القوى تعتمد في الأساس على أنصارها المقتنعين بفكرها، ومن ثم فهي أقل حاجة لاستخدام المال في التأثير على الناخبين. ويدلل نصار على منطقه -في تصريح للجزيرة نت- بأن مرشحي التيار الإسلامي لا يحتاجون لكثير من الإنفاق على الدعاية على سبيل المثال، مشيرا إلى أن كثيرا من المتعاملين مع الحملة الدعائية يقومون بعملهم بشكل تطوعي مثل الخطاطين والطباعين وغيرهم، حيث يقومون بذلك انطلاقا من تأييدهم لهذا التيار. يذكر أن دار الإفتاء المصرية أكدت قبيل بدء الانتخابات حرمة شراء الأصوات، وقالت إن الأصل في من يرشح نفسه نائبا عن الشعب أن يكون أمينا في نفسه صادقا في وعده، وألا يستخدم أمواله في التأثير على إرادة الناخبين من أجل تحقيق أغراضه الانتخابية. كما قدم علماء الأزهر نصائح للناخب حثوا فيها على الإقبال على المشاركة مع التأكيد أن الصوت أمانة سيسأل عنها الناخب يوم القيامة وأن إعطاء الصوت لغير مستحقه هو نوع من الخيانة، محذرين من تلقي الرشا حتى ولو كانت بسيطة. ++++++++ هل فرنسا بصدد التدخل في سوريا؟ يبدو أن فرنسا قد تشارك مع تركيا وبريطانيا في حملة "محدودة" في سوريا دعما للمنشقين عن الجيش السوري, وفق ما أوردته مجلة لوبوينه الفرنسية بموقعها الإلكتروني Le Point.fr. وقالت المجلة إن باريس التي تصدرت الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد والتي كانت أول بلد يعترف بالمجلس السوري الوطني ك"مفاوض شرعي" ربما تكون قد قررت المشاركة في "تدخل" محدود لحلف شمال الأطلسي بهذا البلد. وأضافت أن ذلك هو على الأقل ما نشرته أسبوعية "لوكانار آنشيني" الفرنسية التي قالت إن "تركيا ربما تصبح القاعدة الخلفية لتدخل إنساني محدود وحذر لحلف شمال الأطلسي, دون أن يشمل ذلك نشاطا هجوميا". ووفقا لتلك الأسبوعية الساخرة فإن "أنقرة ستقترح إنشاء منطقة حظر للطيران واقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، لاستيعاب المدنيين الفارين من القمع والعسكريين المنشقين". وقال مصدر مطلع اتصلت به Le Point.fr إن منطقة الحماية التي تقررت منذ عشرة أيام تقريبا سوف تكون في الجزء الشمالي من سوريا, وستمكن ليس فقط من حماية السكان المدنيين ولكن أيضا "تقديم دعم محتمل للجيش السوري الحر" داخل الأراضي السورية. ووفق المستشار السياسي والإعلامي لتجمع أبناء الجالية السورية بالخارج فهد المصري فإن الدعم الدولي للتمرد المسلح بسوريا يستهدف إظهار حقيقة لضباط الجيش النظامي السوري مفادها أن هذا النظام لم يعد يتمتع بدعم دولي، وذلك لتحفيزهم على التخلي عن الأسد. وقال المصري لPoint.fr "التدخل، الذي سيتم في غضون أسابيع قليلة، يمكن أن يكون جويا كما كانت الحال في ليبيا، وسيتم عبر تركيا" مضيفا بأن تلك هي "الطريقة الوحيدة التي ستكون مقبولة لدى الشعب السوري". ووفق "لوكانار آنشيني" فإن المساعدات الغربية لن تقتصر على دعم العمليات, بل إن باريس وأنقرة ربما شجعتا بالماضي الاتجار بالأسلحة عبر الحدود السورية, وتلك معلومة أكدها مصدر حسن الاطلاع, وهو ما يثير مخاوف من رد أكثر دموية من طرف دمشق. والواقع أن الأسد لم يكف عن اتهام الدول الغربية بالتدخل في سوريا لتبرير العنف الذي يمارسه ضد الاحتجاجات الشعبية، فما بالك لو نفذ عمل حقيقي لقوات حلف شمال الأطلسي على الأراضي السورية؟ غير أن المصري يرد على ذلك التخوف بقوله "بعد تسعة أشهر من قمع غير مسبوق ضد المتظاهرين المسالمين، ها هو المجتمع الدولي يدرك أنه ليست هناك طريقة أخرى (سوى التدخل) لإنقاذ الشعب السوري".