هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته لم يجف مداد الاتفاق الإطاري بين السودان ودولة جنوب السودان قبل أن تصدر عدة آراء تجعل رسم السناريوهات في التعامل مع الاتفاق متعددة، وربما آخرها ما صدر عن القوات المسلحة من معلومات تفيد بوجود حشود عسكرية كبيرة للحركة الشعبية تخطط لمهاجمة مواقع مختلفة بولاية جنوب كردفان خلال اليومين المقبلين بدعم مباشر من حكومة دولة جنوب السودان، وربما توجه القوات المسلحة نحو إرسال رسائل استخباراتية مفادها أنه في حالة وقوع ذلك الهجوم يعني أن اتفاقية أديس أبابا الإطارية تعد لاغية. عدم تضارب وزير الدفاع الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين نفى في تصريحات بالبرلمان أمس، أن يكون موقف الحكومة من التوقيع على اتفاق الحريات الأربعة مع دولة الجنوب يمثل تضارباً، وقال إن الاتفاق مازال بالأحرف الأولى للسعي نحو حريات أربعة وأضاف "هذه آمال لكن الذي وقع مازال بالأحرف الأولى ويحتاج لأن نقعد مع بعض للترتيبات والتنظيم"، مؤكداً وجود أولويات أساسها قضية توقف الجنوب عن الهجوم على الشمال عبر الجيش الشعبي، وأضاف: "إذا تم هذا التحرك وما حذرنا منه؛ هذا إلغاء عملي لاتفاق أديس أبابا وستتخذ الحكومة تدابير في ذلك". ورغم أن الإشارات واضحة من القوات المسلحة إلا أن اللغة مختلفة عن معطيات التعابير السياسية التي ذكرها رئيس وفد الحكومة المفاوض إدريس محمد عبد القادر بدار النفط بالخرطوم أمس الأول حيث قال إن الحكومة لم توقع على اتفاق نهائي، وأن الاتفاق الإطاري أو حتى النهائي في حال وقوع أي حرب أو وجود أي توترات بين البلدين يعد الاتفاق كأن لم يكن لجهة أن الحرب تغلق الحدود بصورة تلقائية. تحسن أوضاع ربما اتفاق إشارات القوات المسلحة مع الموقف السياسي للحكومة الذي عبر عنه الوزير إدريس محمد عبد القادر والذي رهنا من خلاله تنفيذ الإتفاق بتحسن الأوضاع الأمنية على الحدود بين البلدين، قطعاً ذلك يعني أنهما يطلبان من حكومة الجنوب بشكل واضح حسم قضية وجود الحركات المتمردة من دارفور وجنوب كردفان في أراضيها وإيقاف دعمها، وفي المقابل رفض العديد من أساتذة الجامعات وخبراء العلوم السياسية التعليق أو تحليل مآلات الأوضاع والتطورات العسكرية الأخيرة التي أعلنت عنها القوات المسلحة، وأجمعوا على أنها قضية حساسة لا تحتمل التحليل بقدر ماهي تعتمد على المعلومات الرسمية من المصادر المعنية بالقضية، بينما قال بعضهم إن القضية محكومة بقوانين لا تقبل الاسترسال، واكتفى أحدهم بالقول: "طيب ما القوات المسلحة ردت عليكم وقالت إنها سترد على تلك الحشود بما يحفظ أمن وسلامة البلاد وسيادتها". ربما لا يرغب العديد من المحللين الاكتفاء بالقول إن ذلك الاتفاق بجانب كونه يحقن الدماء ويحفظ موارد البلاد على قلتها، يساعد في تعضيد المصالح التي تربط ملايين المواطنين بين البلدين سيما الذين يعيشون في المناطق الحدودية من مزارعين ورعاة، بجانب كونه يساهم في خلق مناخ مواتٍ لتجاوز أزمتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وحسم وجود حركات دارفور المتواجدة في أعماق أراضي الجنوب. غطاء سياسيأجمعو تجديد وزير الدفاع الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين خلال تصريحات صحفية بالبرلمان أمس تأكيد الحكومة على ربط حل القضايا الأمنية بتنفيذ كافة الاتفاقيات الموقعة مع دولة الجنوب ومن بينها الاتفاق الإطاري الموقع أخيراً بأديس أبابا، وقال "إذا القضية الأمنية ما حلت ولم تذهب في المسار الصحيح وإذا لم يكف الجنوب عن دعم التمرد وحركات المرتزقة للهجوم على مواقع في السودان يبقى الاتفاقيات ماعندها معنى"، وربما عبارات وزير الدفاع التي أكد من خلالها حرص الحكومة والقوات المسلحة على أن تكون الاتفاقيات واقعاً على الأرض وأن يتم تنفيذ الجهد الذي بذل في أديس أبابا على الأرض واقعا أمنياً وسلاماً واستقراراً وتواصلا في الحدود، تنفي التصريحات والتسريبات التي رددها البعض طوال يوم أمس والتي مفادها أن قيادات بالحكومة تتجه نحو التراجع عن ذلك الاتفاق. انتقادات جوبا فى الجهة الأخرى من الاتفاق كانت حكومة الجنوب تهاجم بضراوة بسبب التوقيع على الاتفاق، فقد انتقدت صحيفة "ساوس سودان نيشن" الاتفاقية الأخيرة التي وقعت بين السودان ودولة الجنوب وسلوك دولة الجنوب في علاقتها مع الشمال، وقال الكاتب إن الاتفاقية المعنية تذكره بالفيلم العالمي "لورد أوف رينق" لكاتبه الإنجليزي الذي لجأ فيه البطل لاستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول لأهدافه وهو ما ذهبت إليه دولة الجنوب في علاقتها مع الشمال – وفقا للصحيفة، وأضاف الكاتب في أسلوب لا يخلو من التهكم أن حكومة الجنوب الحالية "حكومة الرجل الواحد – وحكومة القبيلة الواحدة – والحزب الواحد " المعروفة بميولها الوحدوية وقناعتها بفكرة "السودان الجديد" الأفكار التي لم تراع مصلحة الجنوبيين عامة بل جرت السودان الى متاعب جديدة شكلت خطرا على الوجود الجنوبي نفسه، ويرى الكاتب أن الاتفاقية الحالية التي أيدها الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم بطريقة عمياء تحمل مقترحا قدمه زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في أغسطس من العام الماضي في تفاوضه مع أحمد دينق ألور، وأشار الكاتب الى أن أحمد ألور وشقيقه مصطفى بيونق كان يجب النظر في تعيينهما ضمن وزراء دولة الجنوب نسبة لأن جذورهم تنحدر من منطقة أبيي ذات الوضعية الخاصة التي لم يتم حسم هويتها بعد ولا زال النزاع حولها بين الشمال والجنوب قائما، وألمح الكاتب لوجود صراع خطير حول المصالح متعلق بهذه الاتفاقية، وقال الكاتب "إن تعيين أشخاص لا ينتمون للجنوب في مواقع حساسة ليعملوا على تشويه سياستنا الخارجية خطأ فادح"، لافتا إلى أن هذا القول لا يعني استبعاد أبناء منطقة أبيي من الجنوب ولكن يجب الرجوع للبروتوكول الذي حدد هذه المسألة وأن يؤخذ على محمل الجد حتى تعود الفائدة على أبناء منطقة أبيي وشعب الجنوب، لافتا إلى أنه من الإنصاف الانتظار حتى تقرير مصير منطقة أبيي وانتمائها للجنوب خاصة وأن تعيين ألور وبيونق في هذه المواقع لا يحرم أبناء الجنوب منها فحسب ولكنه يعرض سياسة الجنوب الخارجية للخطر، مشيرا إلى أن الوثائق التي نشرها موقع (ويكيلكس) جميعها تشير لصراع المصالح الذي اتسم به تعامل دينق ألور في تناوله لقضايا الجنوب والتي لها ضررها عليه. ويرى الكاتب أن اتفاقية الحريات الأربعة لا تصب في مصلحة الجنوب خاصة فيما يتعلق بحرية الحركة في الحدود بين الدولتين سيما وأن الجنوب به من الثروات الطبيعية التي من شأنها أن تجذب الكثيرين – على حد تعبيره، مشيرا إلى أن حرية التوظيف تمكن الكثيرين من الشماليين المؤهلين من الحصول على الوظائف بالجنوب – الأمر – الذي يعود بالمصلحة على الشمال فهو يعتبر حلا لمشكلة البطالة ويساعد على إنعاش الاقتصاد السوداني، معتبرا أن حكومة الخرطوم لم تدعم هذه الاتفاقية من فراغ وأن لديها إستراتيجيتها لإعادة جمع شمل دولتي السودان. وفي ذات الوقت يرى المحلل السياسي بمعهد "رفت فالي " مجدي الجزولي أن اتفاق الحريات الأربعة سيظل غير ملزم لأي دولة من الدولتين بإجراء أي تدابير فورية بشأن معضلة المواطنة حتى وإن التأم اجتماع القمة المقترح بين الرئيس البشير ورئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت وأنه سيظل اتفاقا إطاريا كما أطلق عليه، وألمح الى أن الخرطوموجوبا يتعرضان على ما يبدو لضغوط دولية كبيرة للوصول لحلول سريعة للأزمات القائمة بينهما وأن اتفاق الحريات الأربعة يخدم هذا الغرض فهو على عكس النفط لا ينطوي على تكاليف باهظة فالسودان ومصر موقعان على اتفاق للحريات الأربعة ولا زال السودانيون يحتاجون لتأشيرة للدخول لمصر، لافتا إلى أن ما كان يأمل فيه مفاوضو السودان بأن يكون اتفاقا تكاليفه رخيصة يبدو أنه سيؤدي لأزمة سياسية داخلية. يبدو من الواضح من خلال تصاعد الأوضاع هنا وهناك، وجود تيارات دفع قوية تناهض ذلك الاتفاق وتعمل على إجهاضه بما هو مشروع من وسائل تعبير سياسي وغير ذلك من الوسائل، إلا أن الحال يختلف في الخرطوم من جوبا، ففي الوقت الذي تناقش فيه التيارات الرسمية الاتفاق هناك تتجه جهات شعبية لمناهضة قوية للاتفاق في الخرطوم بشكل يجعل التمييز بين موقف تلك المجموعات وموقف الحكومة وحزبها، مما يفسر ما يجري من رفض في الداخل بأنه يتم بموافقة الحكومة ومباركتها من تحت غطاء. شارك فى التغطية سحر أحمد