دُب يساعد المباحث في القبض علي عصابة خطيرة متخصصة في سرقة السيارات - كان هذا (مانشيت) إحدى الصحف الاجتماعية التي تصدر بالخرطوم قبل سنوات ، بالطبع هذا العنوان (أثار) شهيتي - وأكيد آخرون غيري - لقراءة تفاصيل هذه الواقعة العجيبة ، وربما تقفز إلى الأذهان مجموعة من الأسئلة السريعة على شاكلة : يا ترى هل هذا دُب سيرك مدرب في مساعدة الخيرين ضد الأشرار كما في أفلام الكرتون ؟ أم هل اكتشفت وحدة الكلاب الشرطية بعض المهارات في حيوان الدُب وبذلك أضافت إليها فصيل من الدببة البوليسية لخدمة أغراض البحث الجنائي ؟ لأكتشف بعد برهة من قراءة تفاصيل قصة الخبر أن رجال المباحث في تعقبهم للعصابة الذي وصل بهم إلى مدينة في وسط السودان أنهم عثروا على (علاقة مفاتيح) على شكل حيوان الدب، كان صاحب العربة المسروقة قد قدم وصفها للشرطة في مرحلة التحري وتوصيف المسروق، وقرب موقع هذا العثور تمت مداهمة منزل تواجد فيه المجرمون وتم توقيفهم . لا شك أن الصحفي الذي صاغ هذا الخبر بهذه الطريقة قد بلغ قمة النجاح في إثارة قرائه ، وبلا شك قد جنى ثمار عديدة أهمها زيادة العدد الموزع من صحيفته في ذلك اليوم . صحيفة فرنسية اكتشفت ضلوع 50% من وزراء إحدى الحكومات في الاستفادة من بعض الميزات التي جعلتهم يتربحون من مواقعهم الرسمية كتبت على صدر صفحتها الرئيسية : نصف مجلس الوزراء حرامية - وحينما قامت عليها القيامة وأُجبرت على الاعتذار ، كتبت معتذرة : نعتذر عن خبرنا السابق فنصف مجلس الوزراء ليسوا بحرامية. من المعلوم أن الإثارة الصحفية ظلت ترافق مهنة الصحافة منذ عهد ازدهارها وفي كل بقاع العالم، وقام بعض الأكاديميين بتقسيمها إلى ما أسموه بالإثارة الموضوعية والإثارة المغرضة (والجواب باين من عنوانه) ، فبعض رؤساء التحرير يعتقدون أن الرأي العام يحتاج أحياناً إلى بعض الهزات لإيقاظه وبعض المقامات تستوجب تحريك المشاعر لدى المتلقي كما يحدث أحياناً في بعض الأخبار والتقارير الرياضية، وبذلك يعتبرون أن ليس كل خبر مثير عار من الصحة ما دام يبرز الحقائق بتكنيك غير تقليدي . عموماً تحتوي غالب مواثيق الشرف الصحفية على مواد متعلقة بمنع الإثارة الصحفية أياً كان نوعها استناداً على أن الإثارة تقوم دوماً بخلط (الحابل بالنابل) ، وإنها إنما تقوم في الغالب بعدم الاحترام العقلي والتجهيل الفكري للقراء. إذا كانت بعض الصحف الورقية في بلادنا تلعب على الهوامش، وإذا كان ترياق الإثارة السالبة يتوفر في عبوات القوانين، أو ميثاق الشرف، أو لجان مجلس الصحافة. فإن بعض المواقع الإلكترونية تطفح منها سموم الإثارة المغرضة المختلطة بمستنقعات (الإشاعة) النتنة التي تغرق الحقيقة والضمير والأعراض والأعراف والأخلاق في هذه البركة الآسنة، فإن كان الواجب فضحها وتعريتها، فالأوجب إعمال قاعدة بروفسور علي شمو (البديل لا العويل) . وإلى الملتقى ،،،