أنا مع لقاء الرئيس بالترابي، حتى ولو قال له تنحى أو سلم نفسك للجنائية أو أي كلام آخر وليختار الترابي هذه المزايدات كما يريد ... الشعوب الأفريقية كلها وليس السودانيين وحدهم يعرفون أن ما يسمى بالجنائية مجرد أداة إستعمار أوربي حديث ... ومن يؤيدها فهو عدو للشعوب وليس عدوا للبشير ... كما أن موضوع التنحي لا يخص الترابي ... يكفيه أنه جاء بالبشير ... (رئيسا وحبيسا والقصة ديك!) إذا كان البشير الآن رجل سيء وليس (هبة السماء!) فعلى الترابي الإعتذار للشعب السوداني ثم يذهب لبيته ويترك الشعب يقرر مصيره لينزل الله عليه هبة جديدة اللهم إلا إذا كان الترابي هو مفتاح الهبات السماوية لمدة ربع قرن من النظام ونحن نعيش في (دولة باطنية) ولا ندري ..! من حق المؤمنين بالشيخ المفكر حسن الترابي أن يروا أن الإنقاذ لا تنحل مشاكلها إلا بعودة (الشيخ) ولكن أهل الوطني أصلا لم يختلفوا مع الشيخ مفكرا إنما اختلفوا معه مدبرا وكونهم قد أخفقوا في التدبير في كثير من الجوانب بعده فهذا لا يعني أن العودة للمهندس الأصلي هي الحل إذ أن العيب أصلا في تصميمه. والعيوب التي تفاقمت في عهدهم ولدت في عهده بل يمكنني الجزم بأن بعضها لم يتفاقم في عهدهم إن تراجع وتناقص ومنها القبضة الأمنية الشمولية التي شهدت في عهد الشيخ بؤسا ما بعده بؤس وقسوة ما بعدها قسوة ولكنها تحولت رويدا رويدا إلى قبضة حديدية في قفاز مخملي كما يقولون ...! لا أنكر فضله ابدا ... الترابي كان لديه دور كبير في تحويل الحركة الإسلامية من تنظيم إلى حكومة وقبل ذلك في تأسيس البنوك الإسلامية والنظام المصرفي الإسلامي ولكنه لم ينقل الحركة الإسلامية إلى (دولة مدنية) وعندما يدفع أنصاره بأن الشيخ كان يريد أن تتحول السلطة من العسكريين إلى المدنيين ثم يشرع في تاسيس دولة مدنية ولكن (العساكر) بقيادة البشير منعوه من ذلك لانهم يحبون السلطة وافتتنوا بها ... عندما يدفع أنصار الشيخ لإثبات هذه الحجج نذكرهم بأن الشعب السوداني وقواعد الحركة الإسلامية لم تقتنع بهذه الدراما والبكائيات لمدة عشر سنوات ولن تقتنع بها أبدا فالشيخ كان يريد تحويل السلطة لنفسه وللمجموعة التي يختارها وقد أعد لذلك (التوالي) والقوالب التي تقود الأمور للطريق الذي يريد ... والقوى السياسية تشهد بذلك لأنها لم تفاوضه فهو لم يكن يعمل للحريات التي تأتي بها ولم يكن الشيخ على وفاق مع شركاء الحريات الآخرين .... لم يكن على وفاق مع أقرب الناس إليه نسبا وصهرا الإمام الصادق المهدي الذي عاد للسودان بعد إتفاقه مع المؤتمر الوطني وعقد مؤتمر الحزب ومؤتمر الطائفة وافتتح دار الأمة وظلت علاقته مع النظام فيها مقدار من المرونة وفاقا وخصاما إلى يومنا هذا مع العلم بأن إتفاقاته مع المؤتمر الشعبي كلها انهارت بعد مساجلات صحفية عن الاوراق الصفراء وإتهامات الشعبي للأمة ..! الترابي لم يتفق مع الإتحادي الأصل عندما كان في السلطة ولا عندما كان يريد أن يسلمها للمدنيين كما يقول انصاره ... لم يتفق مع الشيوعي ولا البعث ولا ... ولا ... الترابي كان يريد إستبدال أولاده بأولاده وأن يكون هو (هبة السماء) .... وربما مع إستمراره القائد الاممي للمؤتمر الشعبي العربي والإسلامي ... ولو حدث هذا مع الحادي عشر من سبتمبر لكان السودان هو بديل افغانستان والعراق ولكن الله لطف بالسودانيين لأنهم طيبون ويكثرون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فأزاح الترابي عندما كان سيجرجر وجوده أساطيل العالم العسكرية كلها ...!