لا تفوت الحكومة فرصة لتذكير الشعب بانها تدعم السلع الاساسية بمليارات الجنيهات سنويا خاصة القمح والسكر والأدوية- فارضة بذلك سقفا لا يمكن تخطيه او القفز فوقه للتفكير ناهيك عن المطالبة بزيادة الاجور او اي من الحقوق الاخرى وليس الامتيازات. تذكروا اننا نتحرك في نطاق الحقوق الاساسية وما يعادلها من خدمات- بينما تنعم قلة بامتيازات غير مسبوقة في تاريخ الدولة السودانية الحديثة. مؤكد أن الدعم لا يصل الى مستحقيه وانما يتبدد في الطريق المليء بالمطبات وفي كل مطب يكمن مستفيدون وسماسرة يحولون بين العامة والدعم المقدم لهم من الدولة. في مصر "القريبة دي" بح صوت الحكومة وهي تؤكد دعمها للسلع الاساسية فيما يتساءل الناس عن اي دعم تتحدثين يا حكومة – وقد تصدى خبراء اقتصاديون بالتحليل والارقام لتفنيد حقيقة الدعم ومقدار ما يصل منه الى الشعب والنصيب الاكبر منه الذي يصب في جيوب المستفيدين فضلا عن ما يعود منه الى الدولة ثانية. اذا على الحكومة اعادة النظر في الآليات الخاصة بتطبيق سياسات الدعم وتحديد مسار واضح لانسياب الدعم بعيدا عن الروتين والتعقيدات الادارية – مثال صغير ربما يوضح لنا بعض الاشكالات المحيطة بقضية دعم السلع وتطبيقاتها على ارض الواقع – ونقصد تكاليف النقل – فأسعار السلع المدعومة تتفاوت بين ولاية واخرى بل بين مدينة واخرى – فسعر السكر في الجنينة او حلفا القديمة يختلف عنه في الخرطوم وكذا الحال مع البنزين – الا ينسف هذا القول بتساوي الجميع في الاستفادة من الدعم وعلى ذلك قس. مثال آخر يمكن طرحه يتمثل في الخبز – فالدولة تدعم القمح – ومع ذلك يتلاعب المتلاعبون تحت بصر الدولة وسلطانها بأوزان واسعار ونوعيات الخبز وهذا يقدح بكل تأكيد في سياسة الدعم من اساسها. اموال طائلة تنفق تحت بند دعم السلع الاساسية لكنها تتبدد في مكان او مرحلة ما بما يتناقض والهدف من إنفاقها – فحاجات الناس الاساسية تستدعي اقصى درجات الرقابة والمتابعة لضمان استفادة المواطنين من الدعم – خاصة وان الدولة حولته الى "جميلة" لا تفتأ تذكر الناس بها وضرورة حمدها والثناء عليها - بدلا من المطالبة بزيادة الاجور ودعوة الحكومة الى التدخل للجم الاسعار. لنتوقف عند الاسعار والاسواق قليلا – ثمة ما يستدعي ذلك لأنها تمتص جزءا كبيرا من مخصصات الدعم بسبب الجنون والمبالغة في التسعير والفوضى المصاحبة له – وانصراف الحكومة عن الامر كأنه لا يعنيها – لا نلوم التجار ابدا فهذا حالهم الا من رحم ربك – لكنهم استفادوا من نجاحهم بالتعاون مع الحكومة في عزل السوق السودانية عن رصيفاتها في العالم – لا المنافسة تجدي ولا الرقابة تجدي ولا انخفاض اسعار الدولار بعد طول ارتفاع يجدي في اقناع التاجر السوداني بتخفيض اسعار هذه السلعة او تلك ولو على نطاق ضيق - هناك من يجادل بأن التاجر السوداني مسكين وانه يعمل في ظروف وفي ظل قوانين تختلف عن بقية دول العالم الخ الخ – نقر بذلك لكنا لا ولن نعفي التاجر السوداني من المسؤولية في ما يخصه من هامش ومبادرات – "فالطمع ودر ما جمع".