الكل يتحدث عن ضرورة السلام مع دولة الجنوب – لم نسمع احدا يجاهر سواء في الخرطوم او في جوبا بالعودة الى الحرب – ومع ذلك يطغى صوت طبول الحرب على السلام ولو الحد الادنى منه – احداث هجليج كشفت حجم المسكوت عنه وغير المعلوم لكثيرين او الحد الذي تنفجر فيه علاقات البلدين ومبررات الانفجار ودواعيه. ماذا يعني خروج سلفاكير باعلان مفاده استرداد قواته لهجليج والقاصي والداني يعرفان انها سودانية – ولماذا اختار سلفا هذا التوقيت بالذات ووفده عالي المستوى غادر الخرطوم للتو بعد زيارة وصفت بالتاريخية والدافئة – ولماذا سارعت الخرطوم بالغاء زيارة البشير الى جوبا مضيعة فرصة توجيه عتاب ساخن لقيادة الجنوب . من حقنا نحن عامة الناس معرفة ما يجري وراء الكواليس – يكفينا حتى الحد الادنى منه – سئمنا ان نكون طرشانا في زفات السياسيين التي لا تنتهي ولا يبدو انها ستنتهي في القريب العاجل. غصن الزيتون لم يسقط بعد من الايدي – قوة ما لا تزال تجاهد من اجل الامساك به – نامل الا يسقط – فسقوطه كارثة يجب على العاصمتين التفكير فيها مسبقا ومليا – حتى الحروب المحدودة لن تجدي نفعا في المديين القريب والبعيد – قد تبدو تكتيكا مغريا في ظل الانحباس الحالي والرغبة في تحسين المواقف في طاولة التفاوض في اديس ابابا – فالتفاوض بين الجانبين لم ينقطع وسيل التفاؤل لم يفقد عنفوانه بعد. – لكن المطلوب وبشكل عاجل – احداث اختراق في جدار الجمود الراهن – لان الحروب الصغيرة والمحدودة لا تغني عن الحرب الشاملة مستقبلا اذا استمرت بوتيرتها الحالية– لا يكاد يمر يوم الا وتحمل لنا الاخبار توترا او مواجهة ما على حدود البلدين بصرف النظر عن تصريحات السياسيين في الخرطوموجوبا وما يرشح من قاعات التفاوض في اديس ابابا. دعوات للتعبئة شمالا وجنوبا – تصريحات نارية تخالطها اخرى مخملية – يحاول كل طرف المحافظة على توازن تصريحاته بين التهديد والتفاوض بلغة محسوبة وادوار وزعت سلفا. لم تعد هناك كلمات او دعوات او آمال لتقال او توجه او ينتظر تحققها – باح الناس من مختلف الفئات بما يتمنون بشان السلم. نهمس في اذن السياسيين – لم يعد في مقدورنا فعل شئ – نفد مخزوننا اللغوي – بتنا اقرب ما نكون الى الصم والبكم – ولستم على استعداد لتنظروا ابعد مما يصدر عن اللسان – انظروا في دواخلنا الخائفة على مصير البلاد والعباد – لتعرفوا من نحن.