بالرجوع إلى الوفرة التى تحدث عنها وزير المالية في حواره مع "الرأي العام" وهي وفرة حقيقية وظاهرة وفعلاً لا توجد صفوف بسبب هذه الوفرة لكن في المقابل فان هذه الوفرة لم تنعكس على الأسعار لجهة إنخفاضها، فما لم يقله السيد الوزير أن تحرير السوق لم يواكبه تحرير لسوق العمل.. سوق العمل ظل مكبلاً بالقيود لأسباب اقتصادية وأيضاً أسباب سياسية، سوق العمل في السودان مصاب بالجمود الاقتصادي بلا حراك وعليه ظلت الدولة هي أكبر مخدم وظلت مرتبات العاملين فيها هي صمام الأمان الذي يبحث عنه الباحثون عن العمل والتوظيف.. قطاع الأعمال السوداني ظل أيضاً جامدا أو مكبلاً بالقيود لا يستطيع الإنفتاح ولا فتح فرص العمل وإستيعاب الباحثين عن العمل بسبب القيود المفروضة على الأعمال وعلى الاستثمارات وانشطة القطاع الخاص، قيود تتعلق بالسياسات الاقتصادية غير المشجعة وكذلك الأوضاع السياسية، أضف إليها قصور النظام التعليمي والتدريبي وبناء القدرات الذي يؤهل الشباب لسوق العمل.. سوق العمل عندنا ورغم سياسة التحرير التي يؤكد وزير المالية في نفس حواره حيث يشير إلى عدم مقدرة الدولة التدخل المباشر في الأسواق والأسعار.. هو سوق منغلق تحدد الدولة فيه الحد الأدني والأعلى للأجور يتساوي فيه الذين يعملون والذين لا يعملون أولئك الذين يكتفون بالتوقيع على دفتر الحضور وأكل الفول الوجبة الأولى من وجبتي الفول المقررة على الشعب السوداني رغم رأينا بعدم رخص الفول. إذا أرادت الحكومة أن يكون هنالك مردود لوفرة السلع عليها ان تحرر سوق العمل حتى يستطيع الناس شراء السلع المتوفرة بحيث تصبح متاحة للجميع وليس للأغنياء فقط.. وحتي لا تكون السياسات المتبعة "شتراء" من المهم جداً إتخاذ إجراءات وتعديلات شاملة خاصة في مجالات تحفيز الإنتاج وخروج الدولة من النشاط الاقتصادي، خروج حقيقي وليس من "الشباك" إذا لم تخلق فرص عمل جديدة وخضع سوق العمل إلى المنافسة الحقيقية فستظل السلع متوفرة لكن في الجانب الآخر سيطغي الركود على الأسواق، سلع متوفرة ولا تجد مشتريا بسبب ارتفاع أسعارها وعدم مقدرة الناس على الحصول على إحتياجاتهم الأساسية، لو إستمرت الدولة في تنفيذ البرنامج الإسعافي بطريقة علمية وشفافة قد تنجح في الجزء الأكبر من الحلول. أما إذا ظل البرنامج مجرد حبر على دفاتر الحكومة وعلى لسان المسؤولين فسيبقي الحال على ماهو عليه، سلع متوفرة وإيدي مغلولة عن الإمساك بها.