انتقد لي أحد الصحفيين المصريين من الذين زاروا السودان مؤخرا الصحافة السودانية قائلا إنها صحافة موغلة فى المحلية لا تهتم كثيرا بأحداث العالم ولا يبدى رؤساء التحرير وكبار الكتاب رؤاهم وتحليلاتهم حولها رغم أن الصحافة السودانية سبقت كثيرا من الصحافة العربية والأفريقية.. قلت له هذا صحيح ولذلك فأنا مهتم جدا بأن تكون كثيرا من كتاباتي حول القضايا العالمية سياسية واقتصادية. اليوم أكتب عن الخلاف والصراع الخطير الدائر فى مصر الثورة بين ثلاثي الحركات الإسلامية التى تسيطر على البرلمان المصري بمجلسيه من جانب وبين ما أطلقوا عليه الفلول ثم المجلس العسكري حول القانون الذى أصدره البرلمان بمنع رموز نظام مبارك من الترشح لرئاسة الجمهورية وأبدأ القول: ليت المجلس العسكري يسقط هذا القانون ويسمح لعمر سلمان وشفيق بالترشح فالديمقراطية التى جاءت بالإسلاميين يجب ألا يمارسوها بازدواجية معايير فحرية الترشح يجب أن تكون حقا مشاعا للجميع طالما لم يدان المترشح فى جريمة أمام القضاء. ربما يكون الإسلاميون والليبراليون على حق بمنع عمر سليمان والفلول من الترشح حتى لا يستغلوا وضعهم السابق والثورة مازالت غضة بوجود أعداد كبيرة من الفلول المنتشرين والمتنفذين فى كافة أجهزة الخدمة المدنية والاستخبارات ورجال الأعمال الفاسدين الذين سيمولون الحملة الانتخابية لعمر سليمان أو يستغلوا عدم الاستقرار الحالي بعد الثورة كأمر طبيعي حدثت فى كل الثورات العالمية ليطرحوا أنفسهم كمنقذين وهم الذين كانوا أركان النظام السابق الذى ظل يزوّر الانتخابات ويمارس أبشع الجرائم ضد مخالفيه وفسد وأفسد الذمم والضمائر، أضف الى ذلك فقد مارست كثير من الثورات العزل السياسي فى بدايتها حتى تستقر الأوضاع. مصدر اعتراضي على القانون الذى يمنع عمر سليمان من الترشح ليس حبا فيه ولا تأييدا له بل العكس تماما أريده أن يسقط سقوطا مدويا ويتجرع الهزيمة النكراء ليس هذا وحسب بل أريده أن يكون حافزا ودافعا للإسلاميين والليبراليين وشباب الثورة أن يتكتلوا ويتحالفوا ويتفقوا على شخصية مناسبة كما فعلت القوى السياسية فى تونس بالاتفاق على الرئيس التونسي الحالي وهو ليبرالي علماني فى شبه أغلبية إسلامية فكان ذلك مصدر إشادة لحزب النهضة. يجب أن يسقط عمر سليمان سقوطا شنيعا.. أليس هو نائب مبارك المخلوع؟ أليس هو رئيس جهاز الاستخبارات لأكثر من عشر سنوات أذاقت فيها أجهزته الأمنية الباطشة المستبدة المعارضين للنظام ألوانا من التنكيل والتعذيب لدرجة القتل بدم بارد؟ ألم يكن عمر سليمان شاهدا على تزوير الانتخابات المصرية طيلة تلك السنوات التى قضاها فى جهاز (السافاك) المصري؟.. كان يظن أن عين الله لا تراقبه ونسي أو تناسى أن الله لا تأخذه سنة ولا نوم وأن سننه ماضية فى إهلاك الظالمين الفاسدين المتكبرين على الناس.. يستجيب لداء المظلومين الذين يأكلون أموال الشعوب بالباطل فتجلت حكمة الله وقدرته فصارت هي قضاء الله النافذ وقدره الذى لا يخيب.. انطلقت الحناجر واشتعلت شرارة فتزلزلت الأرض من تحت أقدام المستبدين رغم بطش الأجهزة الاستخباراتية والأمنية ولكن الجيش انحاز للشعب فهو ضميره الصادق. دعوا عمر سليمان وغيره من الفلول يترشح وأسقطوه أيها المصريون الأحرار الشرفاء بورقة الانتخابات بدلا عن رصاصة البندقية أو الكرباج اللذان كان يستعملهما نظام رئيسه وهو راض يتمتع بكافة الامتيازات والصلاحيات. أسكتوا بهما الشعب وأخرصوا بهما الألسن وادعوا زورا وبهتانا أن الشعب يحبهم وصوت لهم فى الانتخابات.. كان فى السودان الرئيس المخلوع نميري – يرحمه الله – يترشح لوحده لرئاسة الجمهورية فتكون النتيجة بطبيعة الحال فوزه بنسبة قريبة من 100% ولكنه حين ترشح لاحقا منافسا بعد سقوطه لم يجد أكثر من تسعة بالمائة!!؟؟ يكفي عمر سليمان خزيا وعارا أن زعماء إسرائيل أيدوا ترشيحه ودعت له بالتوفيق؟؟!!.