يحتفل المسيحيون في يوم الأحد 15 أبريل2012، بعيد القيامة المجيد، بعد أن عاشوا أسبوع الآلام، أسبوع يستعيدون فيه ذكريات آلام السيد المسيح، ويبدأ الأسبوع بأحد الشعانين أو أحد السعف والذي تعودوا فيه أن يحملوا قلوب النخيل والذي هو السعف الأبيض الذي يرمز إلى حياة النقاء مع السيد المسيح، والنقاء هو الشفافية، وتطويبة السيد المسيح تقول: طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ الله.(متي8:5)، وإذا كان يوم أحد السعف هو اليوم الذي كرم فيه البسطاء السيد المسيح وأستقبلوه كملك متوج فإنه أراد أن يرسم صورة لملكية هادئة متواضعة وديعة، فجاء إليهم ليس ممتطياً جواداً أصيلاً إنما ممتطياً حماراً أو أتانا ومعها وليدها الصغير. وفي هذا اليوم البهيج بدأ يسوع آلامه بالبكاء علي أوشليم المدينة الجميلة التي لم تعرف زمان إفتقادها، والتي غاصت في الشر، وتدنست إرادتها، ورفضت أن يجتمع أبناؤها تحت لواء الله، وبعد هذا توالت أيام أسبوع الآلام أثنين الإمارة أي التآمر، وثلاثاء الإشارة، والإشارة هي التي حددها يهوذا الخائن مع قيادة الخيانة والتآمر، ثم أربعاء أيوب الصابر الذي كان رمزاً في صبره إلي السيد المسيح والذي إنتصر صبره كما إنتصرت طول أناة السيد المسيح، وتناوله كأس الألم حتى آخر ما فيه، وخميس العهد الذي رسم فيه المسيح عهداً جديداً، وبعده جاء كتاب العهد الجديد، وأتي سر الشركة عندما يتناول المسيحيون في الكنيسة من خبز واحد، وكأس واحد ليؤكدون أن العهد الجديد آواهم، وقواهم، ووحدهم ونصرهم، ثم يوم الجمعة العظيمة، أعظم يوم في تاريخ البشر، اليوم الذي رفع فيه السيد المسيح على خشبة، وأرتاعت الطبيعة، الأرض فزعت وتزلزلت، والصخور تشققت، حتى موتى القبور قام بعضهم وشهد الحدث، وعانى السيد المسيح ما عانى، وعذب بأقسى أنواع العذاب، ثم يأتي بعد هذا كل سبت النور، والذي سمي في لوحة فنية بأنه سبت ألياس، ولكنه كان يخبئ نور القيامة التي كانت في فجر الأحد الذي نحتفل به اليوم. وقيامة السيد المسيح هي حق مؤكد، يشهد بها القبر الفارغ، فالسيد المسيح ليس قابعاً في قبره، قبره الآن يؤكد قيامته، ويشرق في كل عام بنور القيامة، حيث يظهر نور يخرج مشرقاً من القبر الفارغ، ومن هذا النور تضاء آلاف الشموع، وقبل ظهور النور هناك تحفظات عديدة تصل حتى إلى بطريرك الروم الذي يتم تفتيشه عند الدخول إلى القبر في إنتظار النور العجيب، وفي مطار أورشليم المقدسة حاضرة فلسطين الجريحة، وفي كل عام تنتظر طائرة يونانية، يذهب إليها بابا اليونان سريعاً أو مندوب عنه، يحمل شموعاً وسط فرحة وبهجة تتجدد في عام بعد عام. ويحمل الشموع إلي اليونان. والسيد المسيح هو بكر الراقدين، أي هو أول من قام قيامة لا موت بعدها، لكي يكون بكراً بين أخوة كثيرين، عندما تتحقق قيامة اليوم الأخير التي سوف يكون السيد المسيح طرفاً فيها، كما قال: اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ.(يوحنا25:5)، وكما يقول الحديث القدسي الشريف: لن تَأتيِ السْاَعَةَ إلا إذاَ أتيَ عيسي بن مريم دياناً للناس بالقسط. وحق القيامة يتجدد فينا كل عام، بل يتجدد فينا كل لحظة نخلص فيها مع الله، وننقي أنفسنا من شرور هذا الزمان، وينبلج فينا حق القيامة، وتكون قيامتنا هي أوبتنا وتوبتنا، وهذه هي القيامة الأولي في الحياة، قبل أن يأتي يوم زلزلة الساعة، وذلك اليوم الرهيب، يوم الحشر يوم أن يحاسب الإنسان على ما صنع في الحياة خيراً كان أم شراً. وعيد القيامة لهذا العام، هو حق يتجدد فيما حدث في شرقنا العظيم، الذي جلس على العروش فيه أناس بلا ضمائر، حكموا الشرق بالحديد والنار، وكمموا الأفواه، وملأوا بطونهم بخير الشرق ومنعوا أهل الشرق عنه، وكنزوا الذهب والفضة والعملة الصعبة، حتي جاءهم خبر فجر القيامة الذي جدد قلوب أبسط البسطاء ليصمموا على إسقاط النظام، وسقطت أنظمة، ومات بعض الحكام في أنبوبة المجاري، وهرب آخر بجلده، ويحاكم ثالث ويكشف عنهم رزايا وبلايا... سادتي ليشرق فجر القيامة على كل عالمنا، وليشرق على نفوسنا لكي نحيا بركات القيامة وأمجادها، ونستيقظ ليضئ لنا عز القيامة وبركاتها، وكل عام وأنتم بخير وسلام.